حيّوا أهل الشام| “السكاكيني”.. “المقاول” صديق الباب العالي

أثناء الاحتفال بافتتاح قناة السويس في عام 1869، كان “حبيب السكاكيني”، المقاول الذي أنجز بناء الأوبرا المصرية في زمن قياسي، حاضرًا، لينال مكافأة الخديو إسماعيل أغدق عليه الأموال.

أعلى بوابة قصر السكاكيني منقوش اسم حبيب السكاكيني عام 1897 بخط عربي بارز باللون الأبيض، محاط بالعديد من الزخارف المختلفة، والقصر يتداخل في تصميماته الخارجية عدة تماثيل المختلفة.

وقبل أن يصل السكاكيني لعامه العشرين اشتهر بخبر الإعلان عن طلب مساعدة في القضاء على الفئران في قناة السويس، التي فشلت كل محاولات القضاء عليها.

وتطوع حبيب السكاكيني مع غيره، وقدم اقتراحا بأن يشترى أعدادًا كبيرة من القطط (نُقلت بالجمال)، وبعد فترة تجويع متعمدة، أطلقت القطط لتفتك بالفئران وكررت الطريقة حتى انتهت مشكلة الفئران، وأعجب دليسبس بالشاب حبيب السكاكيني، فأوكل إليه وظيفة رئيس ورشة تجفيف المستنقعات في مصر، فعمل في منطقة الأزبكية، ومنطقة مدرسة الفرير، ومنطقة سرايا الأتراك، ثم تحول إلى مقاول كبير لتجفيف المستنقعات ورصف الشوارع.

سرايا السكاكيني

في عام 1882 أهدى السلطان عبدالحميد الثاني “سرايا عثمانية” لحبيب. وهي التي حولها لسرايا السكاكيني عام 1895.. وقبل ذلك بـ5 سنوات وهبه الخديوي قصرًا عام 1890، أطلق اسمه على الحى الذى يسكن فيه.

وحظي حبيب بمكانة عالية، فكان السلطان العثماني يستدعيه ليصطاف مع أسرته على ضفاف البوسفور.. ويقطن بقصر دولمة باهجة، الذي كان بمثابة المركز الإداري الرئيسي للإمبراطورية العثمانية منذ 1856 حتى 1922.. كما كان خديوي مصر يستشيره في أمور كثيرة.

وكان حبيب يطلق على نفسه “عثمانلي”، كما امتلك جواز سفر عثماني، وعند بداية التجنيس نال أحفاده الجنسية المصرية.

أول عمارة في شارع الفجالة

أول من شيد عمارة فى شارع الفجالة الخارجي كان حبيب باشا.. وكان بها “بوستة” الفجالة ودائرة السكاكيني، وأقبل أعيان الشوام على شراء قطع أرض من السكاكيني.. فكان أول من اشترى يوسف الأونياطي، وخليل الزهار، وحنا قدسي، وحنا موسى، وإخوان مايسترو.. وتبعهم الأقباط ومنهم آل الخياط، وسعد بك عبده، والخواجا رزق لوريا.

كما يذكر توفيق حبيب في كتابه “الفجالة قديما وحديثا” أنه في عام 1865 اشترى حبيب “أو كما يذكر صاحب السعادة الكونت حبيب سكاكينى باشا” أرض تل العقارب بالفجالة ابتداء من شارع البرج حتى مدخل الفجالة من جهة المحطة.. وتعهد للحكومة بردم الجهة الواقعة بأول الشرابية، فردم الشرابية بتل العقارب.

ولم ينل حبيب حظًا من التعليم، ومع ذلك كان يتقن الفرنسية والتركية، بالإضافة إلى اللغة العربية.. كما كان يشتري الأراضي ويعيد بيعها لقاء عمولة أو “كومسيون”. كما كان لديه مزارع عديدة في الجيزة والهرم وسكة محرم، وكان يصدر الفاكهة من إنتاج مزارعه.

البيوت السكنية

عمل حبيب لفترة فى بناء البيوت السكنية، لكنه لم يعمل في الصناعة أو التجارة.. ولم يكن له مركز سياسي رسمي في الدولة، وتبرع بالكثير للأعمال الخيرية.. ثم اشترى سرايا لينو دو بلفور وحولها لبطريكية للروم الكاثوليك في القاهرة.. وبنى مطرانية فى الفجالة ومدافن للطائفة وميتما.

يقول مسعود ضاهر في كتابه “هجرة الشوام إلى مصر” هاجرت أسرة السكاكيني إلى مصر في القرن التاسع عشر، إذ هاجر جبرائيل سكاكيني، والد حبيب، من دمشق إلى القاهرة، وهناك مارس بعض الأعمال التجارية وجمع ثوة قليلة مع زوجته نزهة البيطار، وتوفى في القاهرة عام 1882، ولحقت به وزوجته عام 1902 فأطلق اسمها على أحد شوارع السكاكيني.

وكان جبرائيل سكاكيني متوسط الحال ماليًا، مع أن ابنه حبيب كان على قدر كبير من الثراء، وتزوج حبيب السكاكيني من مارييت كساب وأنجب منها هنري السكاكيني وتوفي عام 1923، ولم يستكمل هنري مسيرة والده، واعتمد في الإنفاق على ثروة والده دون أن يضيف إليها.

 

اقرأ أيضا

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر