تصفح أكبر دليل للفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

حوار| «سام كين»: كنت أريد الكتابة عن مصر.. وكتابي «عشاء مع الملك توت» ليس خيالا صرفا

في عالم يختزل التاريخ أحيانًا في كتب ومتاحف، اختار الكاتب الأمريكي «سام كين» أن ينزع عنه الغبار ويعيده إلى الحياة. من خلال كتابه «عشاء مع الملك توت»، ليأخذنا في رحلة فريدة عبر الزمن، حيث لا تروي الوثائق ما حدث فقط، بل تُحس وتُعاش تفاصيل الحياة اليومية لأقدم البشر.

الكتاب مغامرة تجمع بين العلم والخيال، بين الدقة الأثرية وسحر الحكاية. فعبر علم الآثار التجريبي، لا يكتفي كين بالنظر إلى الماضي من بعيد، بل يغوص في تفاصيله اليومية: ماذا أكلوا؟ كيف صنعوا أدواتهم؟ كيف عانوا وفكروا؟ كين يؤمن أن الخيال ليس ترفًا بعيدًا عن الحقيقة، بل هو جسر يربطنا بالإنسان القديم، يشاركنا مشاعره، ويحول التاريخ من سردٍ جامد إلى تجربة إنسانية نابضة. لكن مصر القديمة، بتاريخها الغامض، ومومياواتها الصامتة، وأهراماتها التي ما زالت تحير العلماء، كانت له محطة استثنائية. لم يزرها كعالم آثار فقط، بل كمن يريد أن يعرف: أين يتوقف التاريخ، ليبدأ الإنسان؟

في هذا الحوار، نرافق سام كين في رحلته، ونسأله كيف تحول الملك الذهبي من أيقونة متحفية إلى من جلس معه على العشاء، وكيف يمكن أن يتحول التاريخ إلى قصة تُروى من الداخل.

  • ما الذي دفعك لكتابة هذا الكتاب في الأساس؟ ولماذا اخترت علم الآثار التجريبي كمدخل لسرد التاريخ؟

أحببت دائمًا الأفكار الكبرى التي يمكن لعلم الآثار أن يجيب عنها: من نحن كبشر؟ ومن أين أتينا؟ لكن العمل اليومي بدا مملاً للغاية، مجرد أشخاص يجلسون لساعات وسط التراب وهم يزيلون الغبار عن شظايا الفخار! على النقيض، يتميّز علم الآثار التجريبي بالحيوية والثراء الحسي، لأنه يتطلب الممارسة الفعلية وصنع الأشياء وتجربتها.

  • كتبت سابقًا أعمالًا غير خيالية بالكامل. ما الذي دفعك هذه المرة إلى كسر هذا النمط والمزج بين الواقع والخيال؟

كنت أرغب في أن تكون الفصول غامرة قدر الإمكان. أنت تعيش يومًا في حياة شخص من زمن ومكان محددين في التاريخ البشري، والخيال يتيح للقارئ أن يغوص في تلك التجربة الذهنية بشكل أعمق.

  • هل تعتقد أن استخدام الخيال لسد الفجوات في المعرفة الأثرية يمكن أن يكون أحيانًا أكثر صدقًا من الحياد الأكاديمي؟

لا أرى تعارضًا بين الاثنين. كلما عرفنا أكثر عن التاريخ والواقع، ازداد خيالنا خصوبة واتساعًا.

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

 

  • ألم تتخوف من أن يخلط القارئ بين ما هو موثّق وما هو متخيّل؟

لا، لأن جميع المقاطع الخيالية تستند إلى معلومات أثرية دقيقة وموثوقة، كما أوضحت في المقدمة. وهناك فواصل واضحة بين الأقسام الخيالية وغير الخيالية.

  • حين يعيد الباحث تجسيد الماضي جسديًا، هل تعتقد أنه يقترب من الحقيقة أكثر من المؤرخ الذي يعتمد فقط على الوثائق؟ أم أن المنهجين يكملان بعضهما؟

بالتأكيد يكملان بعضهما. لقد تعلّمنا الكثير من علم الآثار التقليدي القائم على التنقيب، لكنه يظل محدودًا. علم الآثار التجريبي يمكنه أن يجيب على تساؤلات قديمة ويطرح تساؤلات جديدة أيضًا.

  • ذكرت أن كل فصل يعيد بناء يوم واحد من حياة شخص قديم. كيف اخترت هذه الأيام تحديدًا؟

الاختيار جاء جزئيا بناءً على اهتماماتي الشخصية -ما بدا لي مثيرًا للاهتمام – وجزئيا بناءً على الأماكن التي كان يجري فيها علماء الآثار تجارب فعلية.

  • من بين كل التجارب التي خضتها، ما كانت الأصعب جسديًا؟ وما الذي أثّر فيك نفسيًا بشكل أعمق؟

تجربة دباغة الجلد باستخدام الدماغ، وإجراء جراحة قديمة، كانتا الأكثر إنهاكًا جسديًا. وهما أيضًا أثرتا فيّ نفسيًا بشكل كبير، لأنني كنت على وشك الاستسلام. لكن الإحباط والغضب – كل هذه المشاعر- كانت جزءًا مهمًا من عملية التعلم.

  • لماذا اخترت “الملك توت” عنوانًا للكتاب، رغم أن الفصل الخاص به يركز أكثر على المومياوات ونهب المقابر، وليس على حياته الشخصية؟

لأن العنوان بدا جذابًا ببساطة.. أردت أن يجذب القارئ ويثير فضوله، وهو ما يجب أن يفعله أي عنوان جيد.

  • كيف كانت تجربتك في إعادة تخيّل أو تجسيد الحياة في مصر القديمة؟ وهل زرت مصر خلال إعداد الكتاب؟

نعم، زرت مصر من قبل، وكانت تجربة تجسيد جوانب من الحياة المصرية القديمة مذهلة. مصر كانت من الأماكن التي كنت أعلم منذ البداية أنني سأكتب عنها. أكثر ما أثار اهتمامي هو أننا لا نعرف سوى القليل عن كيفية تحنيط المومياوات أو بناء الأهرامات، وهما رمزان أساسيان للحضارة المصرية القديمة، لكنهما يظلان غامضين إلى حد كبير. وقد كان من الممتع للغاية أن أستكشف تلك الموضوعات.

  • ما الذي يمكن للقارئ الأمريكي أن يكتشفه عن مصر القديمة من الجزء المخصص لها في الكتاب؟ وهل غيّرت تجربة الكتاب أي صورة نمطية كنت تحملها عن مصر؟

لم أكن أعلم أن هناك هذا الكم من الغموض لا يزال يحيط بمصر، خاصة ما يتعلق بالمومياوات والأهرامات. وأظن أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن الأهرامات بُنيت على مدى فترة طويلة، بينما في الواقع تم بناؤها في فترة زمنية مركزة. لم أكن أُقدّر أيضًا مدى تأثير مصر على الثقافتين اليونانية والرومانية، أو كم العناصر الثقافية التي استعاروها وغيّروها من مصر.

  • أشرت إلى أن بعض النظريات القديمة حول بناء الأهرامات لها حدودها. ما الذي تقصده بذلك؟

لا تزال الفكرة السائدة أن الأهرامات بُنيت بواسطة العبيد، وهو أمر غير صحيح. وهناك أيضًا تصور شائع -حتى بين بعض علماء الآثار- بأن العمال كانوا ينقلون الحجارة على بكرات خشبية عبر منحدرات. لكن علم الآثار التجريبي يضع علامات استفهام كبيرة على هذه الفرضيات.

  • يشير الكتاب إلى إفريقيا قبل 75,000 سنة كنقطة انطلاق للتجربة الحضارية. هل كان هذا الخيار مقصودا لإعادة التفكير في مركزية إفريقيا في السرد التاريخي؟ أم أنه جاء استنادًا فقط إلى معطيات علم الآثار التجريبي؟

ليس الأمر متعلقًا ببداية “الحضارة” -باعتبارها المدن، والزراعة وتقسيم العمل، والحكومة المركزية- بل هو أقرب إلى بداية الحياة والثقافة البشرية. ولا يوجد أي باحث جاد اليوم يشكك في أن الحياة البشرية، واللغة، وما إلى ذلك، بدأت في إفريقيا.

  • هل تلقيت ردود فعل من قراء لا يتحدثون الإنجليزية؟ وهل ترجمة الكتاب إلى لغات أخرى ضمن خطتك للوصول إلى الجماهير في المناطق التي استكشفتها؟

حتى الآن، لم تتم ترجمة عشاء مع الملك توت إلى لغات أخرى، لذا لم تصلني ردود كثيرة حوله من قراء غير ناطقين بالإنجليزية. لكن الترجمة جارية بالفعل. أما بالنسبة لكتبي الأخرى، فأنا أتلقى رسائل من قراء حول العالم بشكل منتظم.

اقرأ أيضا:

حين كتب الأصدقاء على ورق البردي: رسائل ووصايا من مصر القديمة

«أندرو سايمون»: المصريون صنعوا ثقافاتهم الشعبية بالكاسيت.. وهجوم المهرجانات بدأ مع عدوية

«ملاذ الشعوب».. هل أثر اللجوء في تشكيل الحضارة المصرية القديمة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.