دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

حصاد الكركديه في «توماس».. إرث نوبي ومصدر رزق للسيدات

وسط ثمار الكركديه الناضجة المتدلية من العيدان، يتجول «علي فؤاد» داخل محصوله الذي ينتظر الحصاد، يمسك بآلة حادة ليقطع بها، وتعلو وجهه ابتسامة تعكس فرحة الحصاد بعد مجهود دام أكثر من نصف عام. يقطع عيدان الكركديه ثم يحملها على عربته الكارو، تمهيدا لإرسالها إلى سيدات قرية توماس اللاتي يشتهرن بتقشير هذا المحصول بمهارة ودقة عالية.

 تشتهر بزراعة الكركديه

يقول علي فؤاد إن قرية توماس 3 بمركز إسنا تشتهر بزراعة الكركديه منذ عشرات السنين. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب: أولها وجود النوبيين بكثرة الذين اشتهروا بزراعته في أسوان وجلبوه إلى القرية التي أسسها جمال عبدالناصر لتوطين النوبيين فيها بعد بناء السد. إضافة إلى وجود ظهير صحراوي كبير تم استصلاحه أيام عبدالناصر. حيث تعتبر الأراضي الجبلية الأفضل لزراعته لأنه لا يحتاج إلى مياه كثيرة مثل الأراضي الطينية.

مئات الأفدنة

يضيف فؤاد أن القرية تزرع مئات الأفدنة سنويا من الكركديه، ويعد الموسم الرئيسي لأهل القرية. خصوصا السيدات اللاتي يعشن على مهنة تقشير المحصول. تبلغ إنتاجية الفدان في أفضل الأحوال نحو 400 كيلو، ويوجد نوعان من الكركديه: النوع السعودي وهو الأفضل. ويتميز بكبر حجم الزهرة ولونها الداكن وإنتاجيته العالية. ويصل سعر الكيلو إلى 200 جنيه، والنوع المصري الأحمر الفاتح، الأقل إنتاجية وسعره حوالي 120 جنيها للكيلو. في حين يصل سعر الفدان إلى نحو 60 ألف جنيه أو أكثر.

محصول ينتظره الجميع

الكركديه من المحاصيل الاستراتيجية لأهل القرية. إذ ينتظرونه من عام إلى آخر كأحد أهم مصادر الدخل. خاصة في قرية تعد من الأكثر فقرا في مدينة إسنا. تقول أم محمد، إحدى السيدات العاملات في تقشير الكركديه: “صاحب المحصول يتفق قبل الزراعة على اختيار شارع محدد لإفراغ المحصول فيه. وبعدها تقوم إحدى السيدات بتوزيع الحصص لكل منزل لتقشير الكركديه”.

تمكين اقتصادي لسيدات القرية

تضيف أم محمد: “نقوم بتقشير جوال كركديه مقابل 75 جنيها، وهو عبارة عن خمس صفائح. أي أن الصفيحة الواحدة تقدر بـ15 جنيها. هذه المهنة أحدثت طفرة كبيرة في المستوى الاقتصادي لسيدات القرية. حيث يمكن لكل سيدة أن تحصل على نحو 4000 جنبه شهريا، تساعد زوجها وتنفق على أبنائها”. يستمر الموسم نحو ثلاثة أشهر، من شهر ديسمبر حتى شهر فبراير.

مساحة الزراعة والإنتاج

يقول علي قناوي، نقيب المزارعين السابق بالأقصر: “تمثل زراعة الكركديه موردًا اقتصاديًا حيويًا. ورغم عدم وجود إحصاء دقيق لعدد الأفدنة المزروعة سنويا. إلا أن المساحة تتجاوز 250 فدانًا تتركز أغلبها في إسنا”.

الأصل والانتشار

يتابع قناوي: “محصول الكركديه انتقل إلينا قديمًا من السودان وجرت زراعته في بلاد النوبة. وأصبح اليوم سلعة مطلوبة محليًا وعالميًا، يدر دخلًا كبيرًا للمزارعين. حيث تشتهر الأقصر وأسوان بزراعته وتصديره، كما يتم تسويقه محليا للمحافظات المختلفة. وأصبح جزءا من هدايا الجنوب التي يحرص السياح والزائرون على شرائها كرمز للأقصر وأسوان”.

ظروف الزراعة والتجفيف

يضيف نقيب المزارعين السابق: “دورة المحصول تبدأ بتنويع الأصناف بين النوع البلدي الفاتح والسعودي الغامق. ويبدأ الحصاد في نوفمبر وديسمبر. حيث يتم جمع المحصول يدويًا، ثم تقشيره ووضعه على الأسطح لتجفيفه لمدة 5 أيام، حيث يتميز جو الصعيد بالجفاف المثالي لتجفيف هذا النوع من المحاصيل”.

تحديات تواجه زراعة الكركديه

يواجه محصول الكركديه عدة تحديات، أبرزها، تذبذب أسعار السوق العالمية وارتفاع تكلفة الأسمدة والعمالة، ما أدى إلى ارتفاع سعر الكيلو هذا العام بنحو 100 جنيه لكثرة الأفدنة المزروعة.

فرص التصنيع

يقترح عدد من المزارعين إنشاء وحدات لتصنيع وتعبئة الكركديه داخل القرية نفسها، أسوة بما حدث لمحصول الطماطم المجففة، حيث يمكن إنشاء مصانع لتجفيف وفرز وتعبئة المحصول، ما سيضيف قيمة قبل التصدير ويوفر فرص عمل للشباب، ويحول قرية توماس 3 من مجرد منطقة زراعية إلى مركز إنتاج وتصنيع رئيسي للكركديه في صعيد مصر.

اقرأ أيضا:

الأقصر تتألق بالفن.. 23 فنانا عالميا يشاركون في ملتقى التصوير الدولي

«جداريات الملقطة».. مشروع فني يحول جدران الأقصر إلى متحف مفتوح

غضب في الأقصر بعد هدم منزل «حسن فتحي» وإعادة بنائه بشكل مخالف للتصميم الأصلي

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.