تفاصيل القبض على مستشارين باعا آثار مصرية مسروقة للوفر أبوظبي

كشفت التحقيقات الفرنسية المستمرة على مدار شهرين، تورط عدد من المسؤولين الفرنسيين في قضية بيع آثار مصرية مُهربة والتواطؤ في بيعها بشكل شرعي بواسطة متحف اللوفر الفرنسي.

أصبح الأمر أشبه بمحاولة جمع أطراف عصابة دولية لتهريب وبيع الآثار المسروقة. إذ احتجزت السلطات الفرنسية اثنين من كبار مستشاري متحف اللوفر واللوفر أبوظبي، يوم الإثنين الماضي 24 يوليو. لاحتمالية تورطهما في اقتناء متحف اللوفر أبوظبي قطع آثار مصرية مُهربة.

ووفقا لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، يُجرى التحقيق مع المستشارين الفرنسيين من قبل المكتب المركزي الفرنسي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية (OCBC).

تورط اثنين من مستشاري اللوفر

والمستشاران هما “جان فرانسوا شارنييه” المدير العلمي لوكالة متاحف فرنسا. و”نويمي داوسيه” منسق بمتحف اللوفر. ومن المقرر استجوابهما لمدة تصل إلى ساعة 96 قادمة أو ما يزيد عن ذلك، نظرا لأن كلاهما عمل مع جان لوك مارتينيز، المشتبه في أنه يتعاون مع شبكة متعددة الجنسيات لتهريب الآثار، وعمليات احتيال وغسيل الأموال ضمن عصابة منظمة.

يُشتبه أيضا في أن المديرين التنفيذيين السابقين لوكالة متاحف فرنسا، جان فرانسوا شارنييه ونويمي دوسي، قررا بيع القطع المصرية إلى المتحف الإماراتي على الرغم من التحذيرات بشأن مصدرها المشكوك فيه. بحسب موقع “إي آر تي نيت”.

هذه ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها اسمهما معا. ولطالما ارتبط الاسمان أيضا بـ”جان لوك مارتينيز” الرئيس السابق لمتحف اللوفر، والذي اُتهم في مايو الماضي بإخفاء أصول الآثار المصرية المهربة بطريقة غير مشروعة،، والتي تم شراؤها من قبل الفرع الجديد للمتحف في أبوظبي.

جان فرانسوا تشارنييه
جان فرانسوا تشارنييه
وكالة متاحف فرنسا

تاريخ عملهما معا، يرجع إلى وكالة متاحف فرنسا، وهي هيئة خاصة تأسست في عام 2007 لتقديم المشورة لمتحف اللوفر أبوظبي الذي تم تصميمه حديثًا بشأن الحصول على مجموعات آثار. وكان المتحف نفسه نتاج اتفاقية بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، والتي سمحت لمدينة أبوظبي ببناء متحف يحمل اسم اللوفر. وتكفل بتنفيذ التدريب اللازم والدعم الثقافي وشراء قطع أثرية من متحف اللوفر، حتى افتتاح متحف اللوفر أبوظبي رسميا في عام 2017.

وفي عام 2016، قبل افتتاح المتحف، اشترى متحف اللوفر أبو ظبي خمسة قطع أثرية مصرية يُزعم أنه تم الاتجار بها مقابل 8.6 مليون دولار. وتتضمن تمثال نادر من الجرانيت وهو شاهد توت عنخ آمون. بداية كشف القضية والذي يرجع تاريخه إلى عام 1327 قبل الميلاد ويصور مرسومًا ملكيًا من توت عنخ آمون.

وأجرت فرنسا تحقيقا في 2018. وبعد أربعة أعوام اتهم مارتينيز في مايو الماضي. ثم ألقت السلطات الفرنسية القبض على وسيط البيع. صاحب صالة العرض الألمانية اللبنانية، روبن ديب، مع تورط كريستوف كونيكي.

وقال المحققون الفرنسيون عن سقوط كل هذه الأسماء: “أظهر أعضاء وكالة المتاحف الفرنسية إهمالا أو عدم كفاءة، وثقة زائدة تجاه كريستوف كونيكي. ويبدو أن جان فرانسوا شارنييه ونويمي دوسي، على وجه الخصوص. قد أخفقا في الوفاء بالتزاماتهما”.

إيمانويل ماكرون إلى جانب جان فرانسوا شارنييه ، المدير العلمي لوكالة المتاحف الفرنسية ، خلال افتتاح متحف اللوفر أبوظبي في عام 2017
إيمانويل ماكرون إلى جانب جان فرانسوا شارنييه ، المدير العلمي لوكالة المتاحف الفرنسية ، خلال افتتاح متحف اللوفر أبوظبي في عام 2017
يد مارتينيز اليمين

يرجع دور شارنييه حين تم إنشاء وكالة متاحف فرنسا، لتنفيذ مشروع “اللوفر أبوظبي”. ورفض شارنييه منذ اللحظة الأولى الظهور الإعلامي أو إجراء أي من المقابلات، حتى لو لم يكن مطلوب منه التحدث عن إبراز مساهمته في متحف اللوفر أبوظبي.

وقبل القبض عليه رسميا، تم تفتيش منزله رسميا في يونيو 2020. وكشفت معلومات مسربة أن القبض عليه للتحقيق في 5 قطع أثرية مسروقة من مصر اشتراها متحف اللوفر أبوظبي.

على عكس القضية التي اتهم فيها الرئيس السابق لمتحف اللوفر “جان لوك مارتينيز” بشكل مباشر وهي غسل الأموال والاشتراك في الاحتيال ضمن عصابة منظمة لتهريب الآثار وبيعها.

مقتنيات المتحف

وأثار الجدل باختياره جان فرانسوا شارنييه ليصبح ذا دورا أساسيا في اختيار مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي، وبغض النظر عن الاعتبارات السياسية والقيود العلمية التي يوجد من هو أكفأ منه، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية. إلا أنه شغل منصب أول أمين في وكالة المتاحف الفرنسية. وأصبح المدير العلمي لها في عام 2013 بناءً على طلب جان لوك مارتينيز.

ولكن يبدو أن إصرار مارتينيز على اختيار شارنييه جاء لأهداف أخرى، ومنها أن يصبح ذراعه اليمين في صفقاته المشبوهة لبيع الآثار المسروقة. إذ كلفه بالمهمة الأساسية لاختيار الأعمال التي تحتاج إلى موافقة الإمارات لشرائها، وبالتالي المقصود أنها ذات معايير نموذجية. ومن بينها الجودة وأنها موثوق من مصدرها، ورغم ذلك كشف تقرير بتاريخ 9 يونيو، أن شارنييه كان غير حكيم في اختيار القطع.

بالنظر إلى ما ارتكبه شارنييه، لماذا وافق على وثائق القطع التي قدمها له الخبير الفرنسي كريستوف كونيكي. في عام 2016 ، مع شاهد توت عنخ آمون. بالإضافة إلى عدم اعتراضه عن عدم وجود ضابط في البحرية الألمانية يدعى “بيرنس” ولا يوجد تاجر في القاهرة يحمل اسم “حبيب تواضروس” أيضا. قبل أن ينتهي المطاف بهذه القطعة في أيدي عائلة “سيمونيان”.

تابوت الأميرة حنوتاوي، اشتراه متحف اللوفر أبوظبي عام 2014 مقابل 4.5 مليون يورو. جاءت هذه القطعة من منطقة سقارة في مصر، ضحية عمليات نهب -وكالة فرانس برس
تابوت الأميرة حنوتاوي، اشتراه متحف اللوفر أبوظبي عام 2014 مقابل 4.5 مليون يورو. جاءت هذه القطعة من منطقة سقارة في مصر، ضحية عمليات نهب -وكالة فرانس برس
تطوير العلا السعودية

كذلك يعمل جان فرانسوا شارنييه مستشارا للوكالة الفرنسية لتطوير منطقة العلا بالمملكة العربية الأثرية ضمن مشروع “أفالولا”، وتقديمها كوجهة سياحية وثقافية. فالمدينة، الواقعة في منطقة المدينة المنورة بالمملكة، هي موطن لآثار 200 ألف عام من التاريخ البشري لم يتم استكشافها بعد.

وفي حوار قديم بتاريخ يونيو 2021، قال شارنييه عن عمله في تطوير السعودية الثقافي: “لدينا تفويض مطلق لعمليات الاستحواذ في جميع المجالات من التماثيل العارية للوحات المعاصرة والصور الدينية من كل الأديان”.

وقال إنه سيتم عرض الأعمال لإظهار المراحل الرئيسية في تاريخ البشرية وستركز على الروابط بين الثقافات المختلفة. متابعا: “سوف نظهر، بعمل صيني وآخر إسلامي، الروابط، والتناسق ، وأوجه التشابه فالهدف هو إظهار وجود روابط وجسور بين كل البلاد”.

حساب البنك يكشف شارنييه

ولكن بعيدًا عن الإهمال الذي حاول المحققون الحفاظ من خلاله على سمعتهم. أشار التحقيق إلى تورطهما في هذه عملية بيع الآثار المشبوهة. إذ تلقى شارنييه 6 تحويلات مالية خلال الفترة بين نوفمبر 2016 ويونيو 2018. إلى حساب مصرفي يحمل اسمه في الإمارات العربية المتحدة، تم إرسالها من دار مزادات بلجيكية.

وبحسب ما كشفته التحقيقات الأولية، فإن دار المزاد البلجيكية كان يديرها الأخوان علي وهشام أبوطعم. وكان قد أرسل الشقيقان مبالغ مالية إلى شقيقة شارنييه في حسابها المصرفي المغربي.

تاجر الآثار اللبناني علي أبو طعم
تاجر الآثار اللبناني علي أبو طعم
تجار الآثار والدم

اسم الشقيقان “علي وهشام أبوطعم” مرتبط بتهريب الآثار أيضا. إذ توصل تحقيق أجرته إدارة الهجرة والجمارك لعام 2003 إلى أنهما يتاجران في الأعمال الفنية والآثار التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني. بعد محاولتهما بيع شاهدة من المرمر في “دار سوذبيز”. وأقر حينها هشام بالذنب بتزوير مستند استيراد لقطعة آثار أخرى في العام التالي.

بالإضافة إلى ذلك خضع الشقيقان، للمراقبة على مدار أكثر من 10 سنوات بسبب تهمة الاتجار بالآثار التي نهبها داعش. والشقيقان جزءا من عائلة “أبوطعم” للتجارة بالآثار التي أسسها والدهم سليمان أبوطعم.

ورغم ذلك عادا من الأضواء من جديد. إذ أعلن علي أبو طعم، أمس، عن انطلاق معرضه في دار “فينيكس” للفنون القديمة، والذي يتضمن رواع كلاسيكية وبيزنطية، بمدينة جنيف.

اقرأ أيضا

ما وراء سجن مدير «اللوفر».. أوراق من قضايا مافيا آثار مصر في فرنسا

سويسري يفجر قضية جديدة»: يمتلك آثار مصرية سُرقت مع شاهد توت عنخ آمون

التحقيقات مستمرة في فرنسا: من يسترد تمثال رأس كليوباترا؟

خاص| سر أهمية شاهدة «اللوفر»: النداء الأخير من توت عنخ آمون

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر