"تراث النجع" كتاب جدير بالقراءة.. يحكي ليحكي منه

قراءة – علي الشوكي
إن كلماتنا وأفكارنا تظل جثثاً هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدماء انتفضت حية ، وعاشت بين الأحياء . تذكرت تلك المقولة حينما انتهيت من قراءة كتاب “تراث النجع” للكاتب والمبدع منعم العبيدي وهو كتاب من اسمه يهتم بتدوين التراث البدوي لسكان مطروح من ابناء القبائل البدوية والذي يعد الكاتب واحد من ابناء ذلك المجتمع البارين به وبثقافته الخاصة ذات اللسان الشفاهي والغير مدون أكثر من 90% منه حتي الآن .
رغم اهمية ذلك المشروع الذي يجب ان تهتم به الدولة المصرية, وتجعله مشروعا ثقافيا يحافظ علي الهويات الخاصة بالمجتمع المصري, وتؤطر له لتدوين تلك الثقافة الشفاهية التي قاربت علي الاندثار. نعود للكتاب وصاحبه فنقول ان مشروع الكاتب واضح في الكتاب وهو يبدو مهموما بجمع تراث اهله من ابناء البادية المصرية. اصحاب تلك الثقافة البدوية.
وعلي الرغم من قلة الكتب التي تهتم باقليم الصحراء الغربية كنسق اثني يقطنه مجموعة من القباىل المصرية ذات الثقافة البدوية, فإن الكاتب منعم العبيدي علي محاولته الفردية في جمع ذلك التراث غير المدون قد فتح لآخرين من بعده المجال للتحليل والرصد واستنتاج الأحكام البيئية عن طبيعة ذلك المجتمع القبلي بأعرافه وتقاليده وانساقه القيمية والخكمة التي تحدد طبيعة العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع القبلي ، بل وتحدد تلك الثقافة ايضا من شدة تميزها العلاقة مع الحيوان.
نعم الحيوان الذي رافق الشخصية البدوية في خله وترحاله بحثا عن النماء والمطر والعشب والطعام متنقلا من صحراء ذلك النجع إلي صحراء نجع آخر. فالابل والخراف مثلا في الكتاب يفند لها الكاتب فصلا وحدها يعد الأكبر والأخير بالكتاب ، نظرا لأهمية الإبل في حياة الشخصية البدوية. وبقراءة سريعة في محتويات كتاب ” تراث النجع” نجده مقسم في فصول كالتالي النجع/طعام النجع/ الزي والوشم / الطب البدوي / الزروع / الغزل والنسج / الألعاب البدوية /الصيد البري /الفلك /الأعياد / وينتهي الكتاب باكبر فصل فيه كنل ذكرنا سابقا بفصل السعي والإبل.
نقول ايضا ان الكتاب قامت مديرية الثقافة بمطروح بتحمل نفقة طباعته ضمن منشورات اقليم غرب الدلتا الثقافي تبعا لمنشورات مديرية ثقافة مطروح في طبعه بسيطة ومحدودة العدد في عام 2013 ،وهنا لنا كلمة حق تقال في هذه الطبعة. فهي تحتاج الي ان تتبني هيئة قصور الثقافة طباعة الكتاب بشكل اكبر في سلسلة الدراسات الشعبية التي يترأسها المبدع الشاعر والصديق مسعود شومان ، والذي اظنه لن يمانع في ذلك لما في قلبه من محبة طاغية لحقل التراث الشعبي ومساربه العديدة.
كما ان الكتاب علي مجهود صاحبه الفردي وتعبه الذي أعلمه في جمع مادة الكتاب من ألسنة وصدور وذاكرة العجائز والمسنين من مصادر المجتمع البدوي المحلية التي لها كل التقدير ، فهو مجهود يجب الا يتواري عن عيون البحاث الفاعلين في مجال الدراسات الشعبية والتحليل الاجتماعي لطبيعة وعادات وتقاليد المجتمعات ذات الطبيعة الخاصة مثل مجتمع مطروح البدوي ، والذي بقراءة الكتاب سيفك التشابه بين السياق المغلوط لتشابه وتساوق البيئة البدوية في اقليم سيناء الحبيب واقليم مطروح والذي سيظهر ذلك الخلاف جليا وواضحا بمحرد انتهاء القاريء من قراءة كتاب “تراث النجع” لكاتبه منعم العبيدي.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر