دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

بعد 52 عاما.. أبطال من قنا يروون حكايات العبور في نصر أكتوبر

في الذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر، تعود الذاكرة لتستحضر حكايات العبور، وتعيد صوت الأبطال الذين عاشوا لحظاته. رجال سطروا بدمائهم معنى البطولة، وما زالت وجوههم تحمل بريق النصر بعد أكثر من خمسة عقود. في هذا التقرير يستمع «باب مصر» لشهادات اثنين من أبطال الحرب بمحافظة قنا، ليفتح من خلالها صفحات من التاريخ الحي، تحكي عن العزيمة والإصرار.

يوم العبور

لطفي فرغلي، ابن قرية بهجورة التابعة لمركز نجع حمادي، في العقد السابع من عمره، حاصل على بكالوريوس الزراعة. انضم إلى الخدمة العسكرية في يناير 1973. وكان يبلغ من العمر آنذاك 21 عامًا.

وعن ذكرياته يقول: “التحقت بالخدمة العسكرية فور تخرجي من كلية الزراعة. وانتقلت إلى أسيوط ثم إلى مركز تدريب بالقاهرة، قبل أن أوزع على الفرقة السابعة، الكتيبة 38 مشاة، لواء 12 بالجيش الثالث الميداني. والتي كان تمركزها في منطقة الشلوفة بالسويس. حيث كانت تواجه تمركز الجيش الإسرائيلي في الضفة الشرقية لقناة السويس”.

ويضيف: “اختارني قائد الكتيبة للعمل في نقطة استطلاع لمراقبة تحركات العدو. وخضعت لتدريبات قتالية مكثفة قبل انطلاق الحرب”.

خطة التمويه

يتذكر فرغلي أساليب التمويه قبل ساعات من انطلاق الحرب ويقول: “انتقلنا إلى الجهة الغربية للقناة واتخذنا أوضاعًا هجومية. لكننا تظاهرنا باللهو واللعب وغسل الملابس حتى لا يشك العدو في استعداداتنا للحرب. وضمن خطة التمويه، احتفل قائد الكتيبة بعيد ميلادي في الخامس من أكتوبر”.

ويتابع: “قبل انطلاق العمليات العسكرية بساعتين أو ثلاث، ذهب قائد الكتيبة إلى اجتماع خاص مع قادة الجيش. ثم جاءنا أمر التحرك في الواحدة مساءً لبدء الحرب وتدمير طائرات العدو ودباباته الواقعة على الجهة المقابلة للقناة”.

ويكمل فرغلي: “كنت فردا في فرقة المشاة، وتسلحت بقاذف (آر بي جي)، وتمكنت من تدمر دبابتين بمفردي. إلى جانب دبابتين أخريين بمساعدة زملائي. وأتذكر جيدًا أنه بمجرد انطلاق الطيران المصري، الذي استطاع تدمير أهداف عديدة على الأرض. انطلقنا نحن لدك دبابات العدو وأوقعنا منها عددًا كبيرًا في أول أيام الحرب. وأسفرت الهجمات عن خسائر كبيرة في صفوف العدو مقارنةً بما فقدته مصر من طائرات”.

لطفي فرغلي محارب أكتوبر.. الصورة بإذن خاص منه
لطفي فرغلي محارب أكتوبر.. الصورة بإذن خاص منه
مواقف إنسانية مؤثرة 

مر الجنود بالعديد من المواقف الإنسانية المؤثرة خلال الحرب، ويقول فرغلي: ” أثناء حصار الجيش الإسرائيلي للسويس، انقطعت الأخبار عني، ولم تعرف أسرتي مصيري. فبحثوا عني كثيرًا بين الشهداء والمصابين”.

ويضيف: “تواصل أخي الضابط مع أحد أصدقائه وطمأن العائلة. لكن والدتي لم تصدق إلا بعد أن أرسلت إشارة بسيطة في رسالة قالت فيها: “سلملي على بنتك الحاجة نجلاء، لتتأكد من سلامتي”.

ويتابع: “من المواقف التي لن أنساها أنني ضللت الطريق إلى كتيبتي في إحدى الليالي، وكدت أقترب من نقطة للعدو. فاختبأت بين الكثبان الرملية لساعات خوفًا من الوقوع في الأسر. ثم واصلت السير في الصحراء دون أي وسيلة إضاءة حتى وصلت إلي إحدى كتائب الجيش المصري، وبقيت معهم حتى الصباح، ثم عدت إلى كتيبتي”.

رسالة من شقيقتي

يقول فرغلي بتأثر: “لم أبك من مشاهد الحرب أو من رعب المعارك، بل بكيت عندما وصلتني رسالة من شقيقتي الكبرى عبر الصليب الأحمر، تحكي فيها عن خوفها وقلقها علي. كنت اقرأ سطورها والدموع تنهمر من عيني من شدة التأثر والحنين إلى العائلة. ما زلت أحتفظ بهذه الرسالة حتى اليوم”.

 بالزغاريد والحلوى والزهور

فرح الشعب المصري بالعبور واستقبل أبطاله بالفخر والاعتزاز. وعن هذا يقول فرغلي: “عند عودتنا إلى القاهرة بعد انتهاء الحرب، استقبلنا الأهالي بالزغاريد والحلوى والزهور. وأتذكر أن سائق التاكسي الذي ركبت معه رفض أخذ الأجرة قائلاً: “أنت بطل، مش هاخذ منك أجرة”.

سمير فرح محارب من أبطال أكتوبر.. الصورة بإذن خاص منه
سمير فرح محارب من أبطال أكتوبر.. الصورة بإذن خاص منه
الحرب الإلكترونية – قسم الإشارة

النصر واحد، والحرب واحدة، والعدو واحد، لكن ذكريات جنود العبور تختلف باختلاف المهام القتالية التي كلفوا بها. سمير فرح، من قرية الخرانقة، أحد جنود حرب أكتوبر المجيدة، كان وقتها شابا في الخامسة والعشرين من عمره. والتحق بسلاح الإشارة – قسم الحرب الإلكترونية – بالجيش الثالث الميداني.

وكانت مهمته تتلخّص في البحث عن ترددات أجهزة العدو اللاسلكية وتشويشها خلال ثوانٍ لقطع تواصلهم وإفشال مهامهم. ويقول: “تدربت ستة أشهر على أجهزة التشويش وتعلم اللغة العبرية لفهم حديث القوات  الإسرائيلية ومعرفة ما يتم إرساله من أوامر بالقتال أو التحرك. وبالفعل، تمكنت وحدتنا من الحصول على ترددات أجهزة العدو قبل أيام من اندلاع الحرب”.

النصر أو الشهادة

عند بدء القتال لم يكن أمامي سوى خيارين: النصر أو الشهادة. كانت خدمتي في ميناء الأدبية غرب القناة، ونجحنا في تشويش عدد كبير من أجهزة القوات البرية للجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشرقية. مما ساهم في أسر العديد من الجنود الإسرائيليين الذين كانوا متمركزين شرق القناة وفي سيناء”.

ويضيف فرح: “أيام الحرب كانت قاسية، لكننا كنا متحمسين لتحقيق النصر. اختلطت دماؤنا جميعا، مسلمين وأقباطا، فأصبحت دماء مصرية. ولا يمكن أن ننسى دور رجال المقاومة الشعبية في السويس، الذين منحونا عزيمة و إصرارا لا مثيل لهما على قهر العدو الذي كان يظن أنه لا يقهر”. ويتابع: “أما عن توقيت الهجوم، فكان في الساعة الثانية بعد الظهر. وهو توقيت مناسب، إذ كانت الشمس خلف ظهور القوات المصرية، ما أتاح لنا رؤيةً أفضل مقارنة بالعدو”.

ومن أصعب المواقف التي يتذكرها فرح، عندما تعرضت السيارة التي كان يستقلها هو وزملاؤه للقصف من العدو. وكان ذلك خلال سريان قرار وقف إطلاق النار، بعد استمرار الحرب لثلاثة وعشرون يومًا. “لكن ما لا أستطيع نسيانه – وسيظل في ذاكرتي ما حييت- فرحة الضربة الجوية الأولى التي قام بها سلاح الطيران المصري على مواقع العدو”.

يختتم فرح حديثه ويقول: “مكثت في الخدمة العسكرية حتى عام 1975. وعند عودتي استقبلني الأهالي بالزغاريد والاحتفاء الشعبي. لو عاد بي الزمن لن أتردد في القتال مع أبنائي وأحفادي دفاعًا عن الوطن”.

اقرأ أيضا:

«حكايات العبور».. التراث الشعبي في ذاكرة الحرب

قنا تحتفل بالمولد النبوي.. طقوس تتوارثها الأجيال منذ قرون

«ليلة الملوخية».. عادة متوارثة للاحتفال بالمولد النبوي بنجع العقاربة

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.