دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

حسن ونعيمة وألمظ وعبده أفندي: «المنيا» تُحيي «المولد» بعرائس الحكايات الشعبية

فيما ارتبطت ذكرى المولد النبوي لدى المصريين بعروسة المولد التقليدية والحصان المصنوع من السكر، قدمت المنيا صورة مختلفة وأكثر ثراءً وخيالًا، حيث ظهر أبطال قصص الحب الشعبي مثل «حسن ونعيمة»، و«ألمظ وعبده الحامولي»، والأميرة «قطر الندى» ليتصدروا المشهد. وهو ما يؤكد قدرة التراث على التجدد ومواكبة وجدان الناس عبر الزمن. وفي قلب الأجواء الشعبية والاحتفالات بالمنيا، لا يغيب مشهد زفة المولد التي تجوب الشوارع. وصوت بائع الطراطير الملونة. ورائحة الحمص المختلطة بالحلوى.

حسن ونعيمة وألمظ وعبده أفندي

بينما توضع العروسة السكرية التقليدية وحيدة على أرفف الباعة في مختلف الأماكن، تبرز في المنيا عرائس أخرى بشكل مختلف. إذ تحاكي بطلات قصص الحب الشعبي الشهيرة: حسن ونعيمة وألمظ وعبده الحامولي، والأميرة قطر الندى، لتجاور العروسة التقليدية وتكمل المشهد.

أحمد الرواي، بائع حلوى المولد وعاشق للتراث والسيرة الشعبية. يربط الحلوى بالقصص القديمة ويبحث في الموروث الشعبي عن نفحات الماضي. في سرادقه، الذي يشبه المسرح الشعبي، يبيع الحلوى ويسرد الحكايات. مستحضرا قصص شاعر الربابة وسيرة أبي زيد الهلالي، وحكايات حسن ونعيمة وألمظ وعبده الحامولي.

يقول الراوي: “بقالي ما يقرب من 50 سنة في بيع حلوى المولد والعرائس. وأنا عاشق للتراث والحكايات الشعبية اللي كنت بسمعها من مغنيين الربابة”. ويضيف: “الزباين بييجوا عندي من كل مكان. خصوصا الخطاب والعرسان، عشان ببيع عرائس بأشكال مختلفة بتحكي روايات شعبية لسه عايشة في الوجدان”.

أصل عروسة المولد

عن أصل عروسة المولد يوضح الراوي: “احتفالات المولد النبوي بدأت في عهد الفاطميين. وكان الخليفة يخرج راكبا حصانه يوم المولد ومعه زوجته ترتدي الفستان الأبيض. ومن وقتها بدأ المصريون يصنعون حلوى المولد على شكل العروسة والحصان”.

حسن ونعيمة.. قصة شعبية خالدة

يقول الراوي: “الحكايات الشعبية وقصص الحب الشهيرة سيطرت على عرائس المولد هذا العام. وأشهرها قصة حسن ونعيمة. فقديما كان يروى على أوتار الربابة حكاية حسن المغنواتي ابن محافظة المنيا وحبيبته نعيمة. ومع مرور الزمن تجسدت هذه القصة لتصبح العروسة (نعيمة) والعريس (حسن) رمزا من رموز المولد. على غرار قصص قيس وليلى وروميو وجولييت”.

ويتابع: “هناك أيضًا عروسة ألمظ وعبده أفندي، فهي قصة حب ببريق الماس. حيث التقت المطربة ألمظ والمطرب عبده الحامولي، وتحول اللقاء إلي قصة حب شهيرة، خلدها التاريخ وكانت ليلة زفافهما من الليالي الخالدة. وبعد خمس سنوات من الزواج توفيت ألمظ وحزن الحامولي ورحل بعدها. وهي من قصص العشق التي لا تنتهي، ويقبل على شراء هذه العرائس الخطاب لتقديمها كهدية للخطيبة”.

أحمد الرواي بائع الحلوي مع العروسة قطر الندي - تصوير: أسماء منتصر
أحمد الرواي بائع الحلوي مع العروسة قطر الندي.. تصوير: أسماء منتصر
قطر الندى.. أميرة عرائس المولد

يقول الحاج محمد، 80 عاما، وأحد أقدم بائعي حلوى المولد بالمنيا: “الإقبال على عرائس المولد في تزايد كل عام. ودائما هناك جديد في موسم العرائس. لكن تظل عروسة قطر الندى من أجملها وأكثرها إقبالا. فهي أميرة العرائس التي يتغنى بقصتها مغنو الربابة، وتحكي واحدة من أجمل قصص التراث المصري”.

 اختفاء الأراجوز وصندوق الدنيا

يضيف الحاج محمد: “مظاهر الاحتفال تغيرت كثيرًا عن الماضي. نفتقد  اليوم الأراجوز الذي كان يلتف حوله الأطفال، وصندوق الدنيا “البيانولا” الذي كان يحكي القصص الشعبية. كما غابت مظاهر أخرى مثل المغنواتية والراقصات ونصبات الرماية والبخت والمدفع والسيرك الشعبي والساحر والمهرج. قديما كانت الاحتفالات تستمر سبع ليال، ويوزع الطعام والمشروبات في كل بيت”.

ويقول الشاب علي حسين: “جئت للمولد لشراء عروسة الأميرة قطر الندى لخطيبتي. لكني احترت بينها وبين عروسة حسن ونعيمة. الشباب يقبلون على هذه العرائس لإسعاد خطيباتهم”.

زفة المولد بالمنيا.. تصوير: أسماء منتصر
زفة المولد بالمنيا.. تصوير: أسماء منتصر
زفة المولد.. حالة من البهجة والفرحة

في مشهد يتكرر كل عام وينتظره أهالي المنيا من مختلف القرى والمراكز، تظل “زفة المولد” من أشهر مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وهي مسيرة ضخمة تسير بالخيول والجمال التي تحمل الرايات الخضراء. يتوسطها “الهودج ومحمل النبي” وتسير على وقع الطبول والدفوف.

يجوب الموكب الشوارع والميادين، ويمر بين سرادقات الطهي وجلسات الذكر والتواشيح والابتهالات. وتوزع خلاله الحلوى على الكبار والصغار وسط التكبيرات والصلاة على النبي والزغاريد.

يقول الشيخ إيهاب أبو العلا، أحد رجال الطرق الصوفية بالمنيا: “تنشر زفة المولد البهجة والفرحة بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم في شوارع المدن والقرى والنجوع. وهي مرتبطة في أذهان الناس بمشهد مواكب الحجيج قديما. حين كان الحجيج يجلسون في الهوادج على ظهور الجمال في طريقهم للحج، فيودعهم أهاليهم بالزغاريد والابتهالات. وعند عودتهم كان الناس يجتمعون حول الهودج ويقبلونه. اعتقادا منهم أنه يحمل رائحة الأماكن المقدسة”.

طابع شعبي أصيل

يرى علاء فكري، 50 عاما، مدرس من أهالي مركز أبو قرقاص، أن محافظة المنيا لها طابع شعبي أصيل في إحياء ذكرى المولد النبوي. حيث تشارك أغلب الأسر من الكبار والصغار في هذه المناسبة. ويرتدى الأطفال الجلابيب ويحملون السيوف الخشبية.

كما يقبل المواطنون على حضور جلسات الذكر والمديح وإطعام الطعام على مدار أسبوع كامل. ويأتي الناس من القرى والنجوع إلى المدينة للاحتفال، الذي يتوج بالليلة الكبيرة، ليلة المولد.

بائع الطراطير.. تصوير: أسماء منتصر
بائع الطراطير.. تصوير: أسماء منتصر
بائع الطراطير.. صانع البهجة

” شخليله للعيل.. يا أبو العيال ميل.. خدلك سبع طراطير.. طراطير يا واد طراطير”. بهذه الأغنية الشهيرة التي قدمها صلاح جاهين في أوبريت الليلة الكبيرة. ينادي بندق، بائع الطراطير، على الأطفال ليشتروا منه الطراطير والشخاليل والألعاب والقبعات والزمامير.

يقول بندق: “تعلمت صناعة الطراطير منذ سنوات، وأقوم بإعدادها بنفسي مستخدمًا خامات بسيطة ورخيصة مثل ورق التغليف، والفوم، وورق الكوريشة الملون. بالإضافة إلى ورق الكارتون المقوى، والدبابيس واللاصق”.

ويضيف: “أنا أبيع الفرحة للأطفال، وبنجيب رزقنا في المواسم والأعياد. وبنلف الموالد نبيع اللعب والطراطير والبرانيط والطرابيش”. مشيرًا إلى أن الإقبال على الشراء يتزايد في المولد النبوي. حيث يقبل الأطفال بكثرة على الطراطير وأقنعة الحيوانات والطيور”.

حمص حمص.. تل ما ينقص

“حمص حمص.. تل ما ينقص، عمال يرقص، ويقول: اللي شاف حمّص ولا كلشي، حب واتلوع ولا ولا طلشي”. هكذا ينادي “بلال”، بائع الحمص والفول السوداني، على الأطفال والكبار في الليلة الكبيرة للمولد النبوي. داعيا إياهم لشراء الحمص.

يقول بلال: “الإقبال على شراء التسالي من الحمص والفول السوداني يكون غير عادي في موسم المولد النبوي. فهو من مظاهر الاحتفال بالمولد”. وعن تجهيز الحمص للبيع يوضح: “له أسرار وخطوات، تبدأ بوضعه في الشمس لمدة 40 يوما. ثم يبلل، وبعدها يدخل المحمصة. ويعد الحمص البلدي أفضل من السوداني في مذاقه وفوائده. ويزدهر بيعه في المولد النبوي الذي يشهد توافد الكثير من الزوار للمولد. ويعتبر أفضل مواسم السنة”.

اقرأ أيضا:

«ليلة الملوخية».. عادة متوارثة للاحتفال بالمولد النبوي بنجع العقاربة

الروحانيات على الشاشة.. كيف جسدت السينما المصرية الموالد والطقوس الدينية؟

قنا تحتفل بالمولد النبوي.. طقوس تتوارثها الأجيال منذ قرون

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.