دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

الشباب والفن والتراث.. كيف أعاد «إسكندرونا» قراءة تاريخ المنشية الصغرى؟

في قلب المنشية الصغرى بالإسكندرية، أعاد مشروع «إسكندرونا» في نسخته الثامنة تسليط الضوء على ملامح المدينة الثقافية والمعمارية الفريدة. أقيم المعرض في البيت الثقافي الروسي بالإسكندرية، وبدأت فعالياته في 4 ديسمبر 2025، متضمنة ورش عمل ومعرضا للفنون والتصميم المعماري وتوثيق التراث.

 مشروع إسكندرونا

تقول الدكتورة دعاء محفوظ، مسؤول المشاركة المجتمعية في مؤسسة راقودة، في تصريحها لـ«باب مصر»: “مشروع (إسكندرونا) هو أحد مشروعات المؤسسة غير الهادفة للربح، والتي تأسست منذ عشر سنوات. وحصلت على اعتماد اليونسكو عام 2024 في لجنة التراث الثقافي غير المادي. إلى جانب عضوية منظمة الإيسيسكو، واعتماد آنا ليند عام 2025”.

وأوضحت أن النسخة الثامنة من المشروع انطلقت بمجموعة من ورش العمل شارك فيها فنانون ومعماريون متخصصون تم اختيارهم بعناية من قبل لجنة متخصصة. وخلال الورش دارت نقاشات حول أهم عناصر التراث المادي واللامادي في المنشية الصغرى، والعمارة، والفنون الشعبية. إضافة إلى العمل على محاور أساسية للمشروع، منها: الفكر العمراني، التصوير، التصميم المعماري، التراث الثقافي غير المادي. وكذلك علاقة الترام بالإنسان والمكان، التراث الشعبي، والتعددية الفكرية والدينية التي عرفت بها المنطقة والإسكندرية عموما باعتبارها مدينة كوزموبوليتانية عبر العصور.

وبعد الانتهاء من وضع الخطوط الأساسية، تم التنسيق لتنفيذ المشروع بدعم من هيئة تنشيط السياحة برئاسة الدكتورة أمل العرجاوي. واختيار البيت الثقافي الروسي لإقامة المعرض نتاج المشروع. كما استقبل متحف الإسكندرية القومي أولى ورش العمل بدعم كبير منه.

رفع الانتماء والتأصيل.. من أهم أهداف المشروع

يقول الدكتور نادر محمد غريب، أستاذ مساعد العمارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وأحد مدربي المشروع، إن الهدف من “إسكندرونا” هو تعزيز روح الانتماء لدى الشباب عبر التأصيل ومعرفة جذور منطقة تراثية. مثل المنشية الصغرى، إلى جانب إبراز المواهب الفنية المتنوعة.

ويضيف أن دوره كان الإشراف على جانب الفكر المعماري والعمراني. وبعد اختيار المشاركين والتدريب والعصف الذهني معهم، تمت تنظيم جولات ميدانية في المنطقة للتعرف على تفاصيلها والتفاعل مع سكانها.

ويتابع: الجولات أثمرت عن أفكار إبداعية من الشباب، ورفعت مستوى إدراكهم لقيمة التراث ومفرداته. كما يمكن أن تفتح لهم في المستقبل فرصا لتحقيق عائد اقتصادي عبر هذا الفن. وشهد معرض المشروع زخما فنيا ملحوظا.

هل سنترك تراثا جيدا؟

أوضح غريب: “ما تعلمته من أساتذتي منذ 25 عاما هو ما أعلمه لطلابي اليوم. وهي خمس كلمات متتابعة: نظام، فانتظام، فالتزام، فانتماء، ثم عطاء”. معتبرا أن عطاء الشباب الفني اليوم سيصبح تراثا حيا لاحقا، وأن لكل جيل تراثه. متسائلا: هل سنترك تراثا جيدا مثل من سبقونا؟ لذلك يجب دراسة القديم وتأصيله لضمان التطبيق والمعاصرة وترك تراث مفيد للأجيال القادمة.

ويشير إلى أن الإسكندرية شهدت مؤخرا تغييرات عديدة في مناطق تراثية، بعضها إيجابي والآخر سلبي. نتيجة غياب التكامل بين الجانب العملي والتطبيق العملي. فالباحثون والمتخصصون غالبا بعيدون عن التنفيذ على أرض الواقع. ومع السرعة في تنفيذ بعض المشروعات ظهرت نماذج سلبية. مثل ما حدث في مجمع المساجد ومسجد أبو العباس المرسي. وعلى الجانب الإيجابي، جاء تطوير شارع النبي دانيال والمتحف اليوناني الروماني.

جانب من معرض "إسكندرونا".. تصوير: دعاء عبدالحميد
جانب من معرض “إسكندرونا”.. تصوير: دعاء عبدالحميد
توثيق كنائس المنشية الصغرى

تقول نوران الشافعي، طالبة الهندسة المعمارية بجامعة الإسكندرية ومشاركة في المشروع، إنها فوجئت بأن منطقة المنشية الصغرى المعروفة والقديمة لا تتوفر عنها وثائق تاريخية كثيرة. حتى على مستوى السكان لم تجد من ينظر إليها بعمق أو بتفحص لتراثها المعماري. لذلك قررت أن يكون مشروعها عبارة عن توثيق لثلاث كنائس تراثية بالمنطقة. وهي: سانت كاترين، الكنيسة اليونانية، وكنيسة الروم الكاثوليك.

وأضافت أنها اكتشفت خلال بحثها أن إنشاء الكنيسة اليونانية جاء لأن الكنيسة التي كانت تخدم الجالية اليونانية سابقا كانت تقع خارج الإسكندرية. أما كنيسة الروم الكاثوليك “سيدة النياح” فقد بناها تاجر دمشقي يدعى “جورج طويل” لخدمة الروم الكاثوليك الناطقين بالعربية آنذاك.

أما كنيسة سانت كاترين- وهي الأشهر- لكونها كنيسة ومدرسة معا، فتقع في أكبر مساحة بميدان المنشية الصغرى. وتشير نوران إلى أن مساحتها كانت أكبر بكثير في الماضي. لكن أجزاء منها تم التبرع بها عبر العصور لضمها إلى الميدان. وخلال العمل بالمشروع درست نوران تاريخ كل كنيسة وعمارتها. واكتشفت أن الكنائس الثلاث تشكل مثلثا يشبه مثلث الميدان. الذي كان يمثل الميدان، الذي كان يمثل قديما مركز الحركة التجارية. ومكان تجمع السكان، ويضم مباني ومنشآت مهمة.

دعم المتخصصين للحفاظ على التراث

تؤكد الدكتورة دينا عز الدين، أستاذ الإرشاد السياحي ووكيل كلية السياحة والفنادق لشؤون خدمة المجتمع بجامعة الإسكندرية، أهمية دعم المؤسسات المهتمة بالتراث مثل مؤسسة راقودة، خاصة مع كون فريقها من الشباب. وتشير إلى مشاركاتها المتعددة مع المؤسسة منذ عام 2017. وإلى دورها المهم في الحفاظ على التراث السكندري.

وتوضح حرصها على حضور معرض “إسكندرونا” في نسخته الثامنة هذا العام، مشيرة إلى أن مشاركتها ليست الأولى. لكنها ترى أن اختيار منطقة المنشية الصغرى هذا العام كان موفقا للغاية، فهي منطقة غنية بالتراث والتاريخ والذكريات. وقالت: “عندما تجولت في المعرض ورأيت صور المكان، عادت إلى ذهني ذكريات قديمة مع أسرتي منذ الصغر والتجوال بين المحال القديمة. ومن الجميل أن نلفت نظر الأجيال الجديدة، التي لم تعايش هذا التراث، إلى المكان وإلى إدراك مدى أهميته”.

وتابعت “عزالدين” أن المعرض هذا العام تميز بتنوع كبير في الأفكار والفنون المشاركة. حيث قدم المشاركون رؤى فنية مختلفة للشوارع والميادين وحتى المحال التجارية. وأكدت أن “نظرة الفنان دائمة مختلفة، فهو قادر على رؤية الجمال في التفاصيل والأماكن التي قد لا نلتفت إليها عادة”.

اقرأ أيضا:

قراءات جديدة في العمارة والأدب السكندري خلال فعاليات «أيام التراث»

المعماري محمد عوض في افتتاح «أيام التراث السكندري»: «هل يمكن أن يكون للمدينة DNA؟»

«ريم بسيوني» في منتدى الإسكندرية والمتوسط: العمارة الإيطالية منحت المدينة ثراءً ثقافيا فريدا

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.