«البحث عن الطبيعة»: فريق مصري يلهم العالم بدراسة شجرة «الأومبيت» في جبل علبة

عبر مناقشة إلكترونية استمرت ساعتين في إطار «البحث عن الطبيعة في مصر والاحتفال بها في لندن»، تم عرض تجربتين للاهتمام بالطبيعة. الأولى استمرت 10 أعوام في مصر لدراسة “الأومبيت” وهو نبات مهدد بالانقراض والأخرى تجربة في الغرب لنجاح لندن في أن تكون أول حديقة وطنية مفتوحة.. «باب مصر» يستعرض التفاصيل.

نبات التنين

في البداية، تحدث أسامة غزالي الباحث في مجال البيئة والتراث الثقافي، عن تجربته في عمل خرائط للنباتات البرية في مصر. بالتحديد نبات التنين أو شجرة “الأومبيت”.

ووصف غزالي شجرة الأومبيت بأنها الأهم في القائمة الحمراء للنباتات المهددة بالانقراض في مصر، وكانت محل دراسته في محمية جبل علبة مع السكان المحليين لعمل خرائط وتحديد درجة الانتشار وحالة الأشجار.

استغرقت الدراسة سنوات طويلة. إذ بدأ الدراسة التمهيدية منذ عام 2004 إلى 2006. أما العمل الفعلي كان منذ عام 2007 حتى 2009، ثم مرحلة متابعة أخرى استمرت حتى عام 2014.

مناقشة أسامة غزالي عن دراسة شجرة الأومبيت في مصر

يرجع اختيار شجرة التنين للدراسة باعتبارها مشروع بحثي شارك فيه غزالي ومجموعة من الزملاء والباحثين في المحمية، ويقول: “دربنا السكان، وكان جزء من عملنا”.

وأضاف: “حاولت أيضا التدريس لزملائي في محمية جبل علبة لرفع كفاءتهم، خاصة أنني كنت قادم من إنجلترا حينها ولدي خبرة أود نقلها وتطبيقها بشكل محلي”.

عن شكلها، تشبه نبات التنين أو شجرة “الأومبيت” الدوم لغير المتخصصين، لكنها تختلف عنها في ظروف النمو. إذ تنمو فوق الجبال فقط، وفي مصر أعلى جبل علبة فقط على امتداد من 800 إلى 1500 متر.

نبات التنين أو شجرة الأومبيت في جبل علبة - دراسة أسامة غزالي
نبات التنين أو شجرة الأومبيت في جبل علبة – دراسة أسامة غزالي
واحة الضباب

على مدار 10 أعوام – مدة الدراسة – لخص أسامة وصف محمية جبل علبة، التي تقع في وسط الصحراء الشرقية، بأنها أهم منطقة للتنوع البيولوجي في مصر لاحتوائها على أكثر من 500 نوعا من النباتات، ويُطلق عليها «واحة الضباب».

تتنوع النباتات فيها وتشمل أنواعا مهددة بالانقراض على المستوى المحلي. لكن كان هدف البحث دراسة نوع مهدد بالانقراض محليا وعالميا. ويقول: “رفضنا 13 نوع من الأكاسيا مُهدد بالانقراض على مستوى مصر فقط”.

ويعد جبل علبة الواحة الوحيدة المتكاملة. ويفسر: “الجميع يعرف الواحة باعتبارها تجمع مياه ونخيل لكن الواحة بالتعريف الفعلي هي أي تجمع مختلف من الخضرة والتنوع في وسط الصحراء”. وتابع: “جبل علبة بالفعل يتضمن تنوع كبير في وسط الصحراء الشرقية”.

نبات التنين أو شجرة الأومبيت في جبل علبة – دراسة أسامة غزالي
نمو شجرة الأومبيت

تقدر مساحة الكتلة الجبلية لجبل علبة بحوالي 5000 متر مربع. وتنمو أعلاه نباتات التنين وفي غابات جبل علبة من خلال الرياح الحاملة للسحب أو الغيوم باتجاه الجنوب. وتصطدم بالقمم وبالتالي الضباب يتحول إلى قطرات مياه تنمو من خلالها الأشجار.

هذا ملخص طريقة نمو شجرة الأومبيت الهامة والمهددة بالانقراض، والتي رغم أهميتها لم تخضع للدراسة مُسبقا إلا من خلال هذا البحث الذي استمر العمل عليه حتى عام 2007.

تشبه ثمار شجرة التنين، الدوم أو “حب العزيز”. وعن إمكانية زراعته في أماكن متفرقة في مصر، قال: “لم تتطرق الدراسة إلى هذه النقطة، لكن أي كائن حي حتى لو لم يكن له قيمة زراعية فبالطبع له قيمة حيوية”.

نبات التنين أو شجرة الأومبيت في جبل علبة – دراسة أسامة غزالي
حماية نبات مهدد بالانقراض

وقال غزالي: “دورنا في هذه المرحلة هو الدراسة لحماية هذه الأنواع، خاصة فوق جبل علبة. ولفت نظري أنه نبات موجود في مصر وباعتبارها دولة موقعة على اتفاقية التنوع البيولوجي التي تخضع كل دولة مُلزمة بالقانون الدولي يجب أن ترصد الأنواع التي تمتلكها وحالتها”.

واستكمل الباحث الثقافي: “التنوع البيولوجي يثري البشري ككل”، مشيرا إلى أن التشجير حل للتغير المناخي، “دورنا كباحثين معرفة حالة الشجرة المهددة بالانقراض من مصر.

نبات التنين أو شجرة الأومبيت في جبل علبة – دراسة أسامة غزالي
دراسة مصرية ملهمة

البحث الذي أجراه فريق أسامة غزالي عن نبات التنين كان ملهما للباحثين حول العالم. إذ ينتشر نبات التنين في جنوب مصر، شرق السودان، جزء من جيبوتي وأثيوبيا، منتشرا على ساحل البحر الأحمر في أماكن جبلية متفرقة.

شهد البحث الكثير من التحديات، من بينها أن أماكن نبات التنين يصعب الوصول إليها، وصعوبة التعاون مع السكان المحليين للمنطقة.

ويقول: “كان تحدي بالنسبة لنا أن نصبح أول باحثين في العالم نتطرق لدراسة نبات التنين بشكل محلي بدون انتظار أجانب من الخارج يتولون هذه المهمة”. ولم يقتصر البحث على التقييم فقط. بل أصبح مرجعا لكل الباحثين في دول حوض النيل، والباحثين في أكثر من دولة عربية وإفريقية اتبعوا منهجية بحث الفريق المصري لدراسة النباتات.

وعن سبب تهديد نباتات بالانقراض، يرجع ذلك إلى عاملين، قلة أعداده، وطبيعة الظروف التي ينمو فيها وأعداده القليلة حول العالم، وعن الأومبيت يقول غزالي: “لا يعلم أحد في العالم معلومة حقيقية عن الأومبيت قبل الدراسة وعن الأشجار الباقية والانتشار”.

المناخ وتهديد النباتات بالانقراض

ويوضح غزالي: “التأثير على الأشجار يرجع إلى ظروف التغير المناخي والجفاف في مصر. خاصة خلال الفترة من عام 1997 حتى عام 2005 والتي شهدت مصر خلالها جفافا. وهذه التقلبات الجوية جعلت النبات لا يستطيع أن يعيش وتساقطت أوراقه وعدم نمو أجيال جديدة منه”.

خضعت الدراسة إلى فترة تخطت 10 أعوام لمعرفة طرق الإكثار والحماية. وضرب الفريق المصري مثالا للبحث باعتباره نموذجا هاما لتعاون السكان المحليين مع الباحثين لرصد التنوع البيولوجي.

وناشد غزالي مسؤولي الجامعات المصرية بضرورة وجود اهتمام أكبر من الجهات البحثية. ويقول: “للأسف نواجه في الجامعات المصرية في جنوب مصر أزمة عدم وجود تمويل من أكاديمية البحث العلمي والتوجه لدعم الباحثين والموضوعات المرتبطة بالتنوع البيولوجي والعديد من القضايا والموضوعات التي يتطلب وجود دعم لها”.

حديث مارك كريدج عن الحديقة الوطنية في لندن
الاحتفال بالطبيعة في لندن

أظهر النصف الأول من المناقشة جهود الفريق المصري في الحفاظ على النباتات النادرة في مصر. لينتقل الحديث عبر النصف الثاني إلى الاحتفال بنجاح لندن بأن تصبح المدينة الأولى في العالم التي تسعى لأن تصبح حديقة مفتوحة للجميع.

وتحدث البريطاني مارك كريدج، أول مدير تنفيذي لمؤسسة “ناشيونال بارك سيتي”، المنفذة لخطة “لندن حديقة وطنية مفتوحة” عن آلية جعل المدينة أكثر خضرة وصحة. قال: “عندما نحول المدن الحضرية إلى متنزهات وطنية فإننا قادرون على إعادة ربط الناس بالخضرة والطبيعة وهي خطوة أساسية لمكافحة أزمات المناخ والتنوع البيولوجي”.

وأضاف: لندن أصبحت أول حديقة وطنية في العالم في عام 2019، بعد سبع سنوات من تبني البريطانيون لهذه الحملة والتوعية بها، وشارك في تحقيق هذا الهدف آلاف الأشخاص.

حديث مارك كريدج عن الحديقة الوطنية في لندن
لندن.. حديقة وطنية مفتوحة

وتطرق كريدج للحديث عن أهدافه لنجاح مشروع حديقة لندن الوطنية، في عام 2023. وقال: “بالنظر إلى العام الجاري أحلم بتوسيع نطاق أهدافنا وأن تصبح لندن مدينة للمتنزهات الوطنية وبداية الرحلة لباقي المدن البريطانية”.

وأشار إلى نموذج لندن، وأنه سيتم التركيز في العام الجاري على 3 مجالات هامة. وهي صنع المكان – والتوعية – وحراس المدينة. وأوضح أن صنع المكان يتضمن جهد كبير في السماح للأشخاص في المدينة بمعرفة أنهم في حديقة وطنية. وماذا يعني ذلك بالنسبة لهم وكيف يمكنهم المشاركة.

وسيتم ذلك من خلال جولتين لتحديد أفراد يكونوا حراس المدينة. ويتم اختيارهم وفقا لدرجة حماسهم للانضمام وخلق مدينة خضراء. وعلى حد وصفه، كل حارس هو حافز للتغيير في كل مجتمع. وهو قادر على فهم كيفية الدعم والتعاون مع الغير.

وذكر أنه سيتم تنفيذ الخطة الجديدة في منطقتين أو 3 مناطق محلية في لندن. ضمن محاولة تطبيق التفكير الوطني للمدينة على المستوى المحلي. للاستفادة من المساحات الخضراء في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان بشكل مُستدام.

اتفاقية مونتريال العالمية

وكشف مارك أن هذه الخطة تحقق الهدف 12 من أهداف اتفاقية مونتريال العالمية للتنوع البيولوجي. وتحدد الاتفاقية المهمة أهمية زيادة الوعي والاتصال والتعليم وتعميم فهم فقدان التنوع البيولوجي وأهميته. وما يمكننا القيام به كمواطنين ومجتمعات للمساعدة في أن تصبح المدن أكثر خضرة.

اقرأ أيضا

«سياحة المقابر»: كيف استفادت بلاد من تحويل جبانات الموتى إلى مزارات؟

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر