الباحث «يوسف طيبة»: الترجمة الأوروبية أكبر عائق أمام فهم اللغة العربية
يمثل «يوسف طيبة» نموذجًا لباحث شغوف بالحضارة المصرية القديمة. دفعه هذا الشغف إلى قراءتها من داخل نصوصها الأصلية، بعيدًا عن أي ترجمة وسيطة أو مختزلة، انطلاقًا من دراسته للهندسة المعمارية، التي آمن بأنها واللغة المصرية تحملان القدر نفسه من الأهمية في تفكيك بنيتيهما وفهمها. حتى نصل إلى معناهما الأصلي.
في هذا الحوار، يتحدث طيبة، المهندس المعماري والباحث في اللغة الهيروغليفية لـ«باب مصر» عن ولعه باللغة الهيروغليفية وتوثيق جميع علاماتها. وعن مشروع «طيبا للدراسات» الذي يهدف إلى إعادة الاعتبار للغة المصرية بوصفها مفتاحًا لفهم الفكر والسلطة والدين في مصر القديمة، عبر ربطها بسياقها الحضاري والرمزي، وإبراز أهميتها في التراث الحالي. إلى جانب حديثه عن إعداده لبردية وستكار.
-
كيف انتقلت من دراسة الهندسة المعمارية إلى التخصص في اللغة المصرية القديمة؟
كمتخصص في الهندسة المعمارية، كان جزء من دراستي الأكاديمية مرتبطا بتاريخ العمارة والعمارة الأثرية. بالإضافة إلى تاريخ الفن بشكل عام. وكانت هذه تقريبا بداية التعرف على التاريخ الحضاري المهم والممتد لمنطقة الشرق الأوسط، بشكل عام وخصوصا في مصر والعراق.
ثم زاد الشغف مع اطلاعي على المنتجات الحضارية العالمية والآثار المختلفة للحضارات التي أسهمت عبر تاريخ الإنسانية وخدمت البشرية، إلى جانب ما قدمته منطقتنا. ومن خلال هجرتي إلى أستراليا، أصبحت لدي مساحة أوسع للرؤية وآفاق أكبر.
ومع عودة الاهتمام تقريبًا بموضوع الهوية الشخصية والتراث الحضاري الخاص بنا وبمنطقتنا. والتساؤل حول ما يمكن أن نقدمه للعالم بطريقة مناسبة بوصفه مشتركا إنسانيا يخدم البشرية عموما ويضيء جوانب مشرقة من تاريخنا كبشر. بدأت منذ سنوات صفحة على “فيسبوك” مختصة بموضوع اللغة وتأصيل الكلمات. ومن خلالها تعرفت على فريق كبير من المتخصصين والمهتمين، ودارت بيننا نقاشات وأفكار عديدة نتج عنها تأسيس “طيبا للدراسات”. ليكون معنيا بدراسة اللغة المصرية القديمة وترجمة النصوص من مصادرها الأصلية.
-
كيف أثرت الخلفية المعمارية على قراءتك للنصوص المصرية القديمة وفهمك للسياق الحضاري؟
الترابط بين نظريات العمارة والمدارس اللغوية معروف، فالمنتج المعماري واللغوي يشتركان جذريًا في مسألة الدلالة، أي التعبير عن الأفكار بطريقة مادية. كذلك فإن العمارة هي الفراغ الذي يصوغ ويتشكل بالثقافة المُعاشة، فاللغة والعمارة وجهان لعملة واحدة.
وبشكل خاص، دربتني الهندسة المعمارية على قراءة الفراغ بوصفه نصًا: كل جدار يحمل وظيفة، وكل محور له دلالة. وعندما اقتربت من النصوص المصرية القديمة، أدركت أنني أمام عمارة لغوية لا تقل تعقيدًا عن الصروح المشيدة. ما جذبني لم يكن الرموز المجردة، بل منطق بنائها، وهنا وجدت نفسي أتحرك طبيعيًا من الحجر إلى الكلمة.
المعماري لا يقرأ عنصرًا منفصلًا؛ بل نظامًا متكاملاً، وهذا ما أطبقه على النصوص. من حيث: متى كُتب؟ ما علاقتها بالفضاء الطقسي أو الإداري؟ ماذا تقول، وماذا تسكت عنه؟ أي قراءة ما بين السطور، على نحو يشبه دور الفراغ في صياغة المنشأة المعمارية.
-
في رأيك، ما أكبر مشكلة واجهت ترجمة النصوص المصرية القديمة إلى العربية؟
النص المصري القديم لا يُفهم لغويًا فقط، بل مكانيًا وزمنيًا ووظيفيًا أيضا. ومن هنا، فإن فشل العديد من الترجمات يرجع إلى نزع النص من معماره الحضاري والثقافي المحلي. أكبر مشكلة نواجهها في هذا المجال هي الترجمة عبر وسيط أوروبي. فغالبًا لا تترجم المصرية القديمة ذاتها، بل تترجم قراءة غربية لها، محملة بتصورات لاهوتية أو فلسفية لا تخص النص ولا المنطقة.
وقد أسهم هذا الواقع في خلق فهم ناقص ومشوه للغة تبدو فصيحة وأكاديمية في الظاهر، لكنها غريبة في روحها كلغة طبيعية.
كذلك، فإن الاعتماد الكلي على ما نقلته الأجيال الأولى من علماء المصريات، على الرغم من فائدة العظيمة. فإن عدم الرجوع إلى المصادر الأصلية أو الاطلاع عليها قد يؤدي إلى ضياع بعض المفاهيم أو ترسيخ ترجمات خاطئة ناتجة عن البعد الثقافي للمترجم أو عدم توافر الدلائل المساعدة في حينه.
ومن ثم، فإن إعادة التدقيق تظل ضرورة ملحة في كل الأحوال. خاصة مع التقدم الكبير الذي شهده علم المصريات، والاكتشافات الأثرية الكثيرة التي صححت كثيرا من الأفكار ووفرت قرائن قوية للاسترشاد والتحقق.
ومع كامل التقدير والإجلال لجهود الرواد من أساطين علم المصريات. فإن ابن المنطقة والثقافة المحلية قد يكون الأقدر على فهم أبعاد النص وأهدافه في إطار الاستمرارية الحضارية والواقع الجغرافي. وبالطبع، لا يقصد بذلك نسف ما أنجز أو التشكيك فيه بالمطلق، بل تصحيح ما يلزم والبناء على ما تراكم عبر السنين. فهذه هي طبيعة العلم. ويتجلى ذلك بوضوح في المشترك اللغوي وقواعد لغات المنطقة. وعلى رأسها لغتنا العربية الحية، التي تشترك في كثير من المفردات والظواهر اللغوية مع اللغة المصرية القديمة، على خلاف اللغات الغربية.
-
كيف يمكن للغة المصرية القديمة أن تُقرأ اليوم دون إسقاط تصورات حديثة عليها؟
مبدئيًا، من خلال الالتزام بثلاثة شروط صارمة: العودة إلى النص الأصلي وليس الترجمة. وفهم نظام التفكير المصري، لا البحث عن مكافئ حديث له. ومقاومة الإغراء التفسيري. فليس كل صمت غموضًا، وليس كل رمز أسطورة. فالقراءة الأمينة تبدأ حين نقبل أن النص ليس مطالبًا بأن يشبهنا.
-
ما الدافع وراء تأسيس مركز طيبا؟ وهل كان رد فعل على فراغ علمي أم مشروعًا مؤجلًا؟
الدافع الرئيسي هو ملء فراغ معرفي. فهناك العديد من الترجمات العربية للنصوص الهيروغليفية. إلا أنه يلاحظ أن المكتبة العربية تكاد تخلو من ترجمات كاملة ومتسقة لنصوص هيروغليفية من مصادرها الأصلية مباشرة. دون المرور باللغات الغربية الحديثة.
ويعود ذلك إلى كثرة العوائق التقنية السابقة. سواء في طباعة العلامات الهيروغليفية بالشكل الملائم، أو كتابة الصوتيات بالرموز الصحيحة، أو حتى في إيراد المراجع المعتمدة في بعض الأحيان.
وبناءً على ما سبق، وجدنا أن نبدأ مشروعنا بتقديم الكتابات المصرية القديمة للقارئ العربي المعاصر من مصادرها المباشرة، مع نقل الصورة الكاملة. بما يشمل الظروف التاريخية لكتابة النص واكتشافه، إلى جانب توضيح أهميته وموقعه بين النصوص الأخرى. ومن ناحية أخرى، نحرص على تقديم النص كاملاً ومتكاملاً كما كُتب. مع النقل الحرفي الصوتيات “Transliteration” باللاتينية والعربية، إلى جانب المعاني كما فهمناها نحن.
تكمن أهمية هذا الأسلوب تكمن في قابليته للتطوير والترجمة المستمرة، وملاءمته لخدمة مشروعات مستقبلية متعددة تبنى على هذا الأساس الصلب. سواء بإعادة ترتيب العناصر، أو بسبر أغوار المعاني عبر المقارنات والتراكم المعرفي المستند إلى نصوص مختلفة.
ومن هنا، فإن تأسيس “طيبا للدراسات” يمثل ضرورة معرفية، فابن المنطقة مهتم بحضارته العريقة. لكنه في الوقت نفسه محروم من مفرداتها بفعل الحاجز اللغوي والرهبة الأكاديمية. لذلك نهدف إلى تحطيم الحواجز بين المتلقي والمحتوى العلمي الرصين، والمساهمة في تعميم المعرفة، ونشر حب علوم المصريات بين الأجيال الصاعدة. بما قد يعيد الثقة للقارئ العربي في قدرته على قراءة أقدم لغات المنطقة بنفسه.
-
هل تغير فهمنا للتاريخ المصري عند العودة إلى النص الأصلي بدلا من الترجمات الوسيطة؟
جذريًا. فعند العودة للنصوص الأصلية نكتشف أن المصري لم يكن غارقًا في هوس الموت. بل كان مهووسًا بفكرة الاستمرارية، وأن الدين لديه أقرب إلى نظام أخلاقي– كوني، لا مجرد خرافة طقسية.
-
ما أخطر المفاهيم الشائعة عن الحضارة المصرية القديمة التي تصححها النصوص نفسها؟
للأسف، اختزلت كثير من الترجمات الوسيطة الحضارة المصرية القديمة كاملةً في صورة رومانسية غامضة، ضمن ما يعرف بـ”الإيجبتومانيا” (Egyptomania). وهي حالة من الهوس الثقافي والفني بالحضارة المصرية القديمة، تتجلى في الافتتان بالرموز والعمارة والطقوس والأساطير المصرية. لكن بشكل انتقائي ورومانسي، مفصول عن سياقه التاريخي واللغوي الحقيقي.
ومن سلبيات الإيجيبتومانيا أنها رسخت في أذهان الناس فكرة أن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة معابد وكتابات جنائزية فقط، منشغلة بالحياة الأخرى. بينما الحقيقة أن هناك مئات الآلاف من النصوص التي تصور معاناة المصريين اليومية وآمالهم. إلى جانب قصص خرافية وحكايات للتسلية كانت تروى وتتداول. وهذا هو الجانب الذي نسعى إلى إبرازه، لأنه يسهل الوصل بالماضي من خلال إدراك أن الإنسان هو الإنسان. وأن الحاجات الأساسية لم تتغير عبر العصور.
وإذا أردنا تحرير الحضارة المصرية القديمة من الإيجبتومانيا، فعلينا العودة إلى النص الأصلي، وإعادة وصل مصر القديمة بعمقها اللغوي الأفروآسيوي بدلاً من عزلها. وهنا تحديدًا يقع مشروعنا البحثي في قلب المعركة المعرفية، من حيث تفكيك الهوس، وإعادة بناء الفهم.
-
لماذا اخترت بردية وستكار تحديدًا لإعداد هذا الكتاب؟
التاريخ الإنساني في جوهره تاريخ الحكاية، والمصريون القدماء، كغيرهم من الشعوب، كانوا يستمتعون بسرد الحكايات وسماعها. فالنقوش والصور، بالإضافة إلى كم الأساطير المحكية، تشكل دليلًا طاغيًا على تاريخ طويل من فن القصة في مصر القديمة. حيث تنوعت المواضيع بين أعمال الآلهة والمغامرات الكبرى والأحداث الخارقة، والتأملات في معنى الحياة. كما تشمل الأعمال اليومية والمشاعر الإنسانية للأشخاص العاديين.
وتعد حكايات بردية وستكار من أكثر مجموعات القصص المصرية إثارة. وقد سميت باسم مالكها الأول، وهي محفوظة حاليًا في متحف برلين، وتعرف بحكايات الملك خوفو والسحرة. تدور هذه القصص المتخيلة في عصر الملك خوفو، من الأسرة الرابعة في الدولة القديمة (حوالي 2686-2181 قبل الميلاد). وترتبط بأحداث سحرية عجيبة وقعت في الماضي والحاضر، مع نبوءات للمستقبل.
في هذا العمل، نقدم حكايات بردية وِستكار، ولأول مرة، للقارئ العربي، المختص وغير المختص، مترجمة مباشرة من النصوص المصرية القديمة إلى العربية، بشكل بسيط وجذاب. ويأتي هذا العمل في القرن الواحد والعشرين ليبني على جهود السابقين. ويستفيد من الكم الكبير من الاكتشافات الأثرية والتقدم في علم المصريات، لتقديم نسخة أحدث، وربما أدق، لترجمة هذه البردية.
وقد تحدث عالم المصريات “إرنست بدج”، في كتابه عن الأدب المصري القديم، عن أهمية تعميم القصص ونقلها للقارئ المحلي -البريطاني في حالته-. كما أشار ويليام بيتري إلى أهمية الصورة في تقريب المفاهيم وتركيز الأفكار. وعلى النهج نفسه، اخترنا أن نقدم هذا العمل الثمين بصورة عصرية على شكل قصص مصورة تضع القارئ في خضم الأحداث ليعيش التفاصيل ويختبر المشاعر. وإلى جانب البعد البصري، حرصنا على أن يضم العمل النصوص كاملةً بالخط الهيروغليفي وبالترجمة. وربما لأول مرة في نص متكامل مطبوع بالصوتيات العربية. مما يقدم مرجعًا أساسيًا لدارسي المصريات ولمن يهتم بتعلم اللغة المصرية القديمة.
-
ما أهمية بردية وستكار في فهم الفكر الديني والسياسي في مصر القديمة حاليًا؟
تعد بردية وستكار واحدة من أهم نماذج الأدب المصري القديم، لأنها تعكس نوعية الحكايات الأكثر شيوعًا في عصرها. فعلى الرغم من وجود العديد من القصص التعليمية والدينية في التراث المصري القديم. فإن حكايات وِستكار تهدف في المقام الأول إلى التسلية. ومع ذلك، فهي لا تخلو من رسائل دعائية وأخرى ذات طابع ديني، مثل التأكيد على التدخل الإلهي للإله “رع” في ولادة الملوك، والجزاء الوخيم للخيانة.
-
هل تحمل البردية رسائل رمزية أو أيديولوجية ما زالت صالحة للقراءة اليوم؟
قصص وِستكار، على قِدمها ما زالت تقدم تجربة فريدة ومسلية تستحق المشاركة والتأمل. كما أن تفاصيلها تلقى صدى خاصا لدى القارئ المحلي، بفعل الاستمرارية الحضارية. وقد ترجمت البردية للمرة الأولى على يد عالم المصريات الألماني أدولف إيرمان في نهاية القرن التاسع عشر.
ثم توالت ترجمات علماء المصريات في بدايات القرن العشرين إلى لغات أوروبية مختلفة، مثل الفرنسية على يد ماسبيرو، والإنجليزية عبر إرنست بدج وويليام بتري، ثم آلن جاردنير. وقد تحدث سليم حسن عن هذه البردية أيضا في أربعينات القرن الماضي، ضمن عرضه للأدب المصري القديم في عمله “موسوعة مصر القديمة”.
وتكتسب ترجمة البردية مباشرة إلى اللغة العربية أهمية خاصة، لكون العربية والمصرية القديمة تنتميان إلى النطاق الجغرافي نفسه. وتنتسبان إلى العائلة اللغوية الكبرى ذاتها، وهي “اللغات الأفروآسيوية”. وبناءً على هذه القرابة التاريخية، وعلى التأثير المعرفي للحضارة المصرية القديمة في المنطقة عبر العصور. يمكن القول إن اللغة العربية من أنجح الوسائط لنقل الفكر المصري القديم وتوضيح تعبيراته الخاصة.
ويتجلى هذا التقارب في التشابه بين العديد من القواعد اللغوية. وكذلك في استخدام المحسنات البديعية، كما يظهر في تكرار الجناس اللفظي في قصة ولادة الملوك الثلاثة. فضلا عن ذلك، ما زالت بعض العادات والتقاليد القديمة مترسخة في المجتمع المحلي. مثل عادة ارتداء القميص مقلوبًا لمن ينتظر مولودًا، والتي ترجمت خطأ فيما سبق حسب ما اطلعنا عليه من ترجمات.
-
هل هناك تحديات واجهت مشروع توثيق وجمع علامات الكتابة الهيروغليفية؟
أكبر التحديات تتمثل في الفوضى التصنيفية المتوارثة. فنحن نستخدم تصنيفات وضِعت لأغراض تعليمية أوروبية، لا لفهم النظام المصري نفسه. ومن ثم فإعادة الجمع والتصنيف ليست عملًا تقنيًا فحسب، بل هي تفكيك لإرث استشراقي كامل.
يضاف إلى ذلك عدم وجود نظام معتمد لنقل الصوتيات المصرية القديمة إلى الكتابة العربية. أو ما يسمى في الأوساط العلمية بـ”النقحرة” أي النقل الحرفي. ويُذكر أن أوائل المحاولات في هذا المجال ما قام به شيخ الأثريين المصريين أحمد كمال باشا في معجمه للغة المصرية القديمة، الذي لم يرَ النور في وقته. وبقي حبيس مخطوطة غير نهائية وغير منقحة تجمع ما بين العربية والفرنسية.
وفي نقلنا لبردية وستكار إلى الصوتيات العربية، حافظنا على اتجاه النص الأصلي من اليمين لليسار. وحاولنا الاستفادة من إمكانيات الخط العربي المتصل، وعلامات التشكيل والحركات. كما استخدمنا الأبجدية العربية الموسعة، بما يشمل حرفي الجيم المعطشة (چ) والباء الثقيلة (پ). وبهذا استطعنا أن نغطي جميع أصوات اللغة المصرية القديمة بدون استخدام رموز غريبة، كما هو الحال في الصوتيات الغربية.
وبطريقة مشابهة للكتابة الاصطلاحية، فصلنا الضمائر والزوائد في أواخر الكلمات لتمييزها. لكن مع استخدام أشكال الحروف المتصلة. كذلك أضفنا ما نقص من النص بين علامتي | |، وميزنا الأسماء بعلامات التنصيص ” “، ووضعنا أسماء الملوك (الخراطيش) بين قوسين ( ).
-
في رأيك، لماذا نحتاج فعلًا إلى إعادة تصنيف أو قراءة العلامات الهيروغليفية؟ وكيف يخدم هذا المشروع الباحث المصري تحديدًا؟
لأن العلامة ليست صورة مجردة، بل وحدة فكرية. وحين يفهم الباحث المصري منطق العلامة، يتحرر من موقع التلقي. ويصبح منتجا للمعرفة، لا مجرد مستهلك للشرح.
-
كيف ترى العلاقة بين اللغة المصرية القديمة والهوية الثقافية للمصري المعاصر؟
ليست علاقة حنين، بل علاقة استمرارية ثقافية. فاللغة ليست ماضيًا منقطعًا، بل طبقة عميقة في الوعي الجمعي. وحين تُقصى اللغة، يُقصى معها حق المصري في فهم ذاته خارج السرديات المفروضة.
-
في رأيك، أين يكمن التحدي في تعامل المؤسسات الرسمية مع التراث اللغوي والحضاري؟
مع كامل التقدير للجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات الرسمية ودورها المهم في حفظ تراث المنطقة. أرى أن التحدي يكمن في تجنب اختزال التراث في كونه مادة سياحية أو رمزا احتفاليا فحسب، على حساب مشروع معرفي حي. فالتراث لا يخدم بالعرض وحده، بل بالاستمرارية الحضارية، والقراءة النقدية، والتعليم الجاد.
اقرأ أيضا:
احتفالا بأعياد الميلاد.. المتحف القومي للحضارة يفتح أبوابه لمعرض «روح ومحبة»
«هالة فودة»: التلي أصعب أنواع التطريز.. والأزياء المصرية في حاجة لفرض نفسها في السوق
«التراث بين السطور».. شهادات تكشف دور الصحافة في إنقاذ المباني الأثرية



