إبداع طلاب فنون جميلة بالأقصر.. بين قضايا النزوح والتراث الشعبي في الصعيد

قدمت كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر مجموعة من اللوحات المتنوعة لمشروعات تخرج الطلاب لعام 2025، حيث ناقشت هذه المشروعات عددًا من القضايا المختلفة والمتنوعة التي استلهمت قصصًا من الواقع. من بين هذه القضايا نزوح شعب غزة وتنقلهم بين بقاعها، وتهجير النوبيين في مصر قبل بناء السد، بالإضافة إلى المزج بين المرأة والطبيعة والفلكلور الشعبي، وغيرها من القضايا التي ألقى الطلاب الضوء عليها من خلال اللوحات التي رسموها وصمموها.

“نزوح”.. معاناة شعب غزة

حاول مشروع “نزوح” تصوير حجم معاناة شعب غزة وهم ينتقلون بين الركام والمنازل المهدمة من بلدة إلى أخرى، هربًا من القتل والتعذيب الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي. أوضح عمر محمد، تخصص قسم النحت، أن اختياره لقضية النزوح جاء لوصف حجم المعاناة الإنسانية التي يعانيها شعب غزة، وهذا توثيق للحالة والواقع المرير الذي يعيشه أهل غزة.

وقال إن المشروع عبارة عن 19 شخصا من الرجال والأطفال والنساء. يمشون متلاحمين مع بعضهم، يساعدون بعضهم البعض، ويحملون حقائب السفر وما يلزمهم في معيشة التنقل والترحال.

صُمم نحت “النزوح” من مادة الطين الأسواني، بأبعاد 3 أمتار طولا و2 متر عرضا، في ساحة الكلية. يحب عمر، الفنان الذي تخرج هذا العام من كلية الفنون الجميلة بالأقصر، استخدام المدرسة التعبيرية في كل ما ينحته، ليعبر بها عن العلاقات بين الأشخاص والمجتمعات. فقد شارك بمشروع يضم عددًا من اللوحات عن “العائلة “، وشارك به في الدورة الـ35 بصالون الشباب بالقاهرة.

“الليلة الحنة”.. فرح وتراث شعبي

تحب تسنيم عصام علي، خريجة قسم التصميم المطبوع بكلية الفنون الجميلة بالأقصر، الفرح والأشياء المبهجة والتراث الشعبي الذي تستوحيه من البيئة المحيطة بها، لذلك اختارت مشروعها بعنوان “الحنة”. وترى في التراث التقليدي الشعبي المتنوع بين قرية وأخرى ومن مركز لآخر في جنوب الصعيد، مصدر إلهام كبير. فالحنة تختلف مراسمها واحتفالاتها من قرية لأخرى في الجنوب.

تقول تسنيم إنها تحب الفلكلور الشعبي التقليدي، وخاصة من المناطق المجاورة لها في الصعيد. وسميت مشروعها على اسم الأغنية “الليلة الحنة”. وأضفت على اللوحات التي رسمتها روح الفرح والإيجابية، تعبيرا عن حبها للأشياء المبهجة من حولها.

وتضيف: “استخدمت الحفر على معدن الزنك والطباعة بالأبيض والأسود مع أحبار ملونة، كما استخدمت نوع الحفر الغائر رغم صعوبته، ولكني أتميز فيه فيعطي عمق لرسوماتي. بينما استخدامي للأحبار الملونة للتعبير عن البهجة والفرحة بليلة الحنة”. تشير إلى أنها استخدمت المدرسة السريالية، وتقنية الإكواتنت (تدرجات ومستويات الحمض المستخدم) لتعبر بعمق عن اللوحة.

صممت تسنيم 11 لوحة من الزنك باستخدام الحفر الغائر. بالإضافة إلى خمس لوحات من الورق المقوى تعبر عن أجواء مختلفة لليلة الحنة. كما شاركت في عدة معارض منها “إبداع” بالإسكندرية، ودمياط، وعدة معارض بكلية الفنون الجميلة داخل مدينة الأقصر.

مشروع الليلة الحنة
مشروع الليلة الحنة
تهجير النوبيين

أثارت قضية تهجير النوبيين من سنوات طويلة اهتمام أهل النوبة في جنوب مصر. لذلك اختارت منة محمود، خريجة قسم التصوير الجداري بكلية الفنون الجميلة بالأقصر هذا العام، أن يكون مشروع تخرجها حول تهجير النوبيين. ترى منة أن تسليط الضوء على قضية التهجير، التي لم تحظ باهتمام إعلامي كاف وقتها، هو واجب لوصف معاناة أهالي النوبة وإبراز جزء من هويتهم في اللوحة.

وتشير إلى أنها استخدمت الزجاج الملون المستورد والموزاييك، معبرة بلوحة واحدة فقط عن القضية. وهي عبارة عن بورترية مجرد لسيدة نوبية حزينة تجسيد الحزن في عيون النوبيين بسبب التهجير. على بعد مسافة، يقف معبد كلابشة مهجورا قديمًا. كما استخدمت الموزاييك في كل أنحاء اللوحة. واستخدمت الزجاج الملون في رسم وجه السيدة المصرية، لإضفاء الحيوية على الأشكال. وأوضحت أن أبعاد الجدارية تبلغ 100 سم عرضا و150 سم طولا.

مشروع التهجير

“جذور ناعمة”: الطبيعة والأنوثة في لوحات

عبرت أمنية عماد، خريجة قسم التصميم المطبوع بكلية الفنون الجميلة، في مشروعها عن مزج الطبيعة بالأنوثة. والعلاقة التي تربط بينهما، وأسمته “جذور ناعمة”. اللوحات عبارة عن سيدات وسط جذور الأشجار في أوضاع مختلفة. مقسمة على 6 لوحات، ثلاثة منها باللون الأحمر وثلاثة أخرى باللون الأخضر. حيث يرمز الأحمر إلى القوة الناعمة المتمثلة في المرأة، والأخضر يمثل الطبيعة والصفاء والنقاء المرتبط بجذور الأشجار وأوراقها الخضراء.

تلفت أمنية إلى أنها استخدمت المدرسة السيريالية في كل لوحاتها. وأبرزت جوانب الأنوثة في المرأة، للتعبير عن المشاعر ومرحلة اللاوعي والغموض والجاذبية البصرية. كما استخدمت ألوان الخشب الفاتح والغامق لإبراز بعض الجوانب في اللوحات. وتدرجت مقاسات اللوحات حيث بلغت الرئيسية مترا و25 سم في 85 سم. وتحوي سيدة تجلس على جذور الأشجار وخلفها عدة سيدات أخريات.

أما اللوحات الثلاث الأخرى فتتراوح مقاساتها بين 85×65 سم، و85×75 سم، واثنتان مقاسهما 60 ×60 سم. تعبر اللوحات عن انسجام الأنوثة، التي تمثل السيدات، مع الطبيعة، التي تمثل جذور الأشجار. حيث تجلس السيدات على جذوع الأشجار أو متكئات على أوراق شجر خضراء. ولم يكن هذا المعرض الأول لأمنية، بل سبق وأن شاركت في معرض “إبداع” بالإسكندرية وعدة معارض أخرى داخل مدينة الأقصر.

مشروع جذور ناعمة
مشروع جذور ناعمة
مشروعات تخرج الطلاب

قال أحمد محي، عميد كلية الفنون الجميلة بالأقصر، إن رئيس الجامعة أشادت بإبداع طلاب الكلية في مشاريع التخرج. حيث زارت المعرض وشجعت الطلاب على الاستمرار في العمل الإبداعي من خلال مشروعات الجامعة وربطها بالتنسيق المستدام وتنمية المجتمع.

وأشار إلى أنها أعربت عن فخرها بالطلاب الذين قدموا مستوى إبداعيا عاليا من خلال القضايا التي تناولتها اللوحات. وتحويل أفكارهم إلى نماذج تصميمية مبتكرة تواكب رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

وأضاف أن التركيز كان على تطوير منشآت حيوية بمحافظة الأقصر مثل: “نادي الشعب، نادي التجديف، البيت النوبي، السوق الحضري، الفنادق العائمة والسياحية”. وذكر أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الجذب السياحي وتطوير البنية التحتية بما يخدم المجتمع المحلي.

اقرأ أيضا:

«حراس المعابد» و«الهجرة غير الشرعية».. قصص من معرض الفنون التشكيلية بالأقصر

احتفاءً بالمسرح الفلسطيني.. ختام مهرجان شباب الجنوب بقصر ثقافة قنا

في وداع «سيد ركابي».. رحيل الحارس الأمين لـ«الفن الجعفري»

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.