«أميرة عادل»: بورتريهاتي بالألوان المائية عن النساء الحزينات

أميرة عادل، فنانة تشكيلية، متخصصة في رسم البورتريه بالألوان المائية. جذبتها اللوحات التي كانت يرسمها جدها منذ صغرها. تعمل أميرة أخصائي فنون تشكيلية بقصر ثقافة شبين الكوم بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة عام 2003، وتحلم بمعرضها الخاص قريبا.. «باب مصر» يلقى الضوء على موهبتها.

فن البورتريه

تقول أميرة عادل لـ«باب مصر»: أنا مواليد قرية ميت غمر بشبين الكوم محافظة المنوفية، وأسكن فيها إلى الآن، لم أترك قريتي، عشقت الفن من صغري إذ ورثته عن جدي لوالدتي الذي كان يعمل مأذون بالقرية ونحات بالفطرة أيضا، وهو ما كنت أشاهده وأنا صغيرة، ليصبح فيما بعد عالمي الخاص.

وتحكي أميرة عن جدها لوالدتها، فتقول: كنت أشعر بالسعادة والانبهار وأنا أجلس أمامه وأراه ينحت التماثيل من الحجر مثل تمثال الزعيم عبدالناصر وغيره من الشخصيات، وكان لجدي أيضًا شقيقة لكن تزوجت وعاشت في ما بين الصعيد والقاهرة وكانت هي الأخرى تهوى الموسيقى والعزف على البيانو والرسم، وكانت مطلعة على الحركة الفنية، وكنت أشاهد أعمالها على حوائط منزل جدي، التي كانت عبارة عن رسومات بالألوان الزيتية على الألواح.

وتتابع: تشكل حبي للرسم من خلال رؤية لوحات جدتي، فقد كنت أقوم بتقليد تلك الرسومات، فهي أول ما وقعت عليه عيني، وكانت دراستي في مدرسة ابتدائية دينية لم تكن تهتم بحصة الرسم، لكن في المرحلة الثانوية التحقت بمدرسة ثانوية صناعية “فنية” للبنات ودخلت قسم “زخرفة” وكان هذا أول احتكاك لي مع الألوان الزيتية والمائية، وكانت بداية دخولي عالم الفن، لكن بالطبع كانت الدراسة بالمدرسة أكاديمية بحتة، فنحن من خلال الورش نقوم بتنفيذ ما يطلبه منا المدرسين، من تكبير رسومات وتلوينها، تزيين الحوائط وجدران المدرسة بالرسومات والألوان المعدة مسبقًا، وغيرها، لذا تخرجت بعد ثلاث سنوات ولم أضف لموهبتي شيء، سوى أني كنت أشعر بالسعادة وأنا استخدم فرشاة الرسم والألوان.

مرحلة جديدة

شعرت عادل أنها في حاجة لدراسة الفن الذي تعشقه من خلال الالتحاق بكلية الفنون الجميلة التي كانت تحلم بها، شجعتها والدتها على دراسة المرحلة الثانوية العامة مع أخواتها الأصغر منها لتحقيق هذا الحلم، وبالفعل ذاكرت أميرة وحصلت على مجموع 80% مكنها من الالتحاق بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا. وعن تلك التجربة تقول: دخلت قسم جرافيك بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا حسب التنسيق، ولم أكن وقتها قد حددت طريقي بعد، لكن لعبت الصدفة وحدها دورًا في تغيير طريقي، حيث دخلت محاضرة تصوير بطريق الخطأ، في تلك المحاضرة تغير تفكيري تمامًا فقد خرجت من هناك عازمة على الالتحاق بقسم التصوير، وليس هذا فقط، بل فكرت أيضًا في التحويل إلى القاهرة لأكون قريبة من الحركة الفنية، وفي العام التالي كنت في صفوف كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، التي أصقلت الدراسة الأكاديمية بها موهبتي، وبشكل قوى ومتميز بشهادات أساتذتي، وشاركت في جميع المعارض التي نظمتها الكلية وتميزت بها أيضًا.

البورتريه بالألوان المائية

تذكر أميرة أنها كانت تستخدم الألوان الزيتية في كل لوحاتها، وكانت تنسخ لوحات الفنانين الذين تشاهد أعمالهم في مكتبة الكلية، وتقول: كان علىّ اختيار مادة أخرى بجانب خامة الزيت للرسم بها مثل الباستيل أو الألوان المائية، فاخترت الألوان المائية وبها بدأت في تنفيذ اسكتشات صغيرة، وقد حازت على إعجاب الكثيرين، وشجعني الفنان سمير فؤاد عندما شاهدت معرضًا فنيا له على استخدام الألوان المائية، فقد لاحظت من خلال لوحاته أن تلك الخامة تعطي الكثير من التأثير.

وتكمل أميرة، بعد تخرجي من الكلية ولظروف ما انقطعت عشر سنوات عن الفن، لكن جذوة الفن بداخلي لم تخبو ولم تنطفئ وظل الإصرار بداخلي، إلى أن ظهرت أمامي فرصة جديدة وهي العمل في قصر ثقافة شبين الكوم، وعملت لفترة كبيرة هناك بلا مقابل في رسم الجداريات وتنظيم المعارض، إلى أن تم تعييني في عام 2010 كأخصائية للنشاط الفني، وكانت سعادتي غامرة حيث سيمكنني العمل من الحصول على دخل مالي استطيع من خلاله الإنفاق على هوايتي وإشباع رغبتي في رسم البورتريه، هذا بجانب أنه عمل في مجال أحبه، ومن خلال موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك نشرت أعمالي وتواصلت مع الأصدقاء والزملاء الذين انقطعت صلتي بهم بعد الجامعة.

وتقول: أعشق الألوان المائية أو الأكريل، والتي فضلتها لتكون هي ما استخدمه الآن، وجعلت دراستي للماجستير عن الفنانين الذين استخدموا تلك الألوان في رسوماتهم، فهو فن صعب ولا يسمح فيه بالخطأ لأن الخطأ في وضع اللون لا يمكن إصلاحه أو التعديل فيه عكس الألوان الزيتية التي تكون من السماكة ما يمكن للفنان من إزالته أو تغييره، كما أرى أن الألوان المائية حالمة ورقيقة مثل وجوه النساء أو الورود التي ارسمها في البورتريهات، فهي بالفعل تعبر عني.

وجوه الفتيات

تسيطر بورتريهات الوجوه النسائية على أعمال أميرة، مثلما يسيطر الحزن أيضًا على ملامح تلك الوجوه والتي تعبر عنها العيون المليئة بنظرة الشجن، وتقول: أفضل أن أطلق على نفسي فنانة بورتريه فأنا لا ارسم غيره، وتستهويني الوجوه كثيرًا وخاصة وجوه النساء، فهي في نظري تمتلئ بالمشاعر والأحاسيس الفياضة الغنية التي يمكن التعبير عنها من خلال الفرشاة والألوان.

وتكمل حديثها: أول نقطة في اللوحة ارسمها هي العيون فإن شعرت بأنها تعطيني الروح التي أريدها أكمل اللوحة وإن شعرت أن العيون التي رسمتها ليس بها الروح التي أريدها لا أكمل اللوحة، ولا تخلو لوحاتي من الورد البلدي الذي أعشقه.

وتشير أميرة إلى أن الفن ساعدها على تخطي بعض المشاكل الحياتية والنفسية من خلال تفريغ مشاعرها السلبية من خلال اللوحات، ولأنه لا يتوافر أمامها موديل للرسم، تستعين ببنات شقيقتها وصديقاتها لرسمهن، وتمكنت من شراء سيارة فيما بعد لتستطيع حمل لوحاتها فيها.

أمنيات

تتمنى أميرة أن تنهي الماجستير، وأن يكون لديها مرسمها الخاص، وتبدأ في التحضير لمعرضها الخاص الأول، كما تتمنى أن تتغير نظرة النقاد أو الجمهور العادي للوحات الألوان المائية، والتي قد يراها البعض أقل في المستوى من الألوان الزيتية عند تصنيفها وأنها ليس بها ديمومة، وأن تعود “جمعية الألوان المائية” التي كانت تضم الفنانين والرواد ممن يستخدمون تلك الخامة، وأوصت بذلك في رسالتها، كما تطالب الفنانين باستخدام هذه الألوان، وحل مشكلة التسويق لدي الفنانين أيضا.

اقرأ أيضا

فنان الواحات «أحمد سعداوي»: الرسم بريشة النار

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر