الكحل.. كيف استخدم للزينة ولدفع الحسد عن المولود؟

قِيل إن بوابتين ساحرتين، أوقعتا بِسهامهما دولًا وممالك، وشُنّت من أجلهما الحروب، تطلان من سور أسود عميق، يشبه سواد الليل، أغرم بها الشعراء، وصدح بها أهل الطرب، من أجل ذلك اختص “الكحل” بزينتهما.

استخدم الكحل في تجميل العينين وإبراز حسنهما، إذ توصف المَرأة الجميلة بـ”الحوراء”، وهي شدة بياض العين الناصع، مع شدة سواد المقلتين.

كما استخدم الكحل أيضًا مع المولود، باعتقاد أنه يحمي من الحسد، وينبت الشعر، وتلك وكانت تلك مهمة الجدات والأمهات.

و الكحل في اللغة العربية، كل ما يدخل العين ويشفيه وليس بضار له، وليس سائلًا.

أول من استخدم الكحل  هو المصري القديم، فكان هو أداة التبرج الرئيسية لهم. وما يؤكد ذلك، نقوش جدران المعابد وتوابيت الفراعنة.. إذ تظهر كيف زينت أعين أصحابها رجالًا ونساء.

و الكحل المستخدم وقتها هو “البلدي” بمفهومه الحالي.. المصنوع من اللبان الدكر ويضاف إليه زيت الزيتون.. وهو من أفضل الوسائل الطبيعية لتجميل العينين والرموش.. أو المصنوع من نوى التمر، بهدف تقوية رموش العينين.

وبملاحظتك لجميع الأعمال الفنية التي شملت نساء الصعيد.. تجدهن قليلي التبرج، فيما عدا الكحل.. مما يدل علي توارث هذه العادة حتى يومنا هذا.

أخبرتني جدتي عن الكُحْل أو الإثْمِد، وهو حجر يطحن ليستخدم مسحوقه لتكحيل العيون.

وكما يقولون “لِكل شيخ طريقة”، فطريقة الفراعنة لم تكن الطريقة الوحيدة لِصناعته.. على سبيل المثال فالعرب في اليمن والسعودية منبع وموطن الحجر الإثمد لا يضيفون عليه سوى عرق الذهب ويخفف بماء زمزم المقدس.

ويشرح أحمد الهجان، أحد أقدم العطارين بمحافظة قنا، طرق صناعة الكحل.. يقول: “ينقع حجر الإثمد مع اوراق الحناء.. ثم يطحنها إلى أن تتفتت، وهذه الطريقة لم تعد تستخدم حاليًا”.

كما يمكن صناعته من حجر الإثمد بإضافة البن المغلي وعرق الذهب، وعرق الذهب هو المكون الذي يعطي حرارة الكحل، لكنه ينقي العينين ويغسلهما.

ابن القيم في كتابه “زاد المعاد” يقول الإثمد: هو حجر الكحل الأسود، يؤتى به من أصبهان، وهو أفضله، ويؤتى به من جهة المغرب أيضا، وأجوده السريع التفتيت الذي لفتاته بصيص، وداخله أملس ليس فيه شيء من الأوساخ، ومزاجه بارد يابس، ينفع العين ويقويها، ويشد أعصابها ويحفظ صحتها، ويذهب الصداع إذا اكتحل به مع العسل المائي الرقيق.

وعادة الاكتحال منتشرة في الشرق الأوسط، خاصة لدى السيدات المسنات، وقد تمتعت السيدات بأشكال زخرفية جمالية، تحفظ أشياءها منها، المُكْحُلَة.

أما الوعاء الذي يضعون فيه مادة الكحل، يسمى مُكْحُلَة، و المُكْحُلَة : الوعاء الذي يحفظ فيه الكُحْلُ، فقد صنع قديمًا من العاج أوالحِجارة وأحيانًا من الذهب أو الفضة.

وبينما كانت المكحلة تصنع من الخشب أو النحاس للطبقة العامة، كانت تصنع من الذهب أو الفضة أو العاج لطبقة الأغنياء، وكان صانع المُكْحُلَة، يزين الغِطاء بشكل خاص، ليعطيها شكلًا جماليًا.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر