«المصغراتية» عبير سعد الدين توثق تراث البيوت المصرية

«المصغراتية» لقب حصلت عليه عبير سعد الدين  حيث تحاول توثيق تراث البيوت المصرية سواء البيوت النوبية او الريفية في شكل نماذج مصغرة، حتى اشتهرت  بـلقب ” المصغراتية”. تعيد انتاج نماذج يمكن وضعها وحملها على كف اليد، أو إمساكها بالأصابع. ولا تفقد هذه النماذج  تفاصيل تكوينها، لدرجة تصل إلى حد الإبهار، “باب مصر” يستعرض موهبتها.

موهبة بالفطرة منذ الصغر

ولدت الفنانة عبير سعد الدين في الحي الشعبي بولاق أبو العلا بمحافظة القاهرة الذي تميز بموقعه الجغرافي الفريد وتاريخه العريق:. تقول عن بدايتها الفنية : ” كنت في طفولتي  لا أميل إلى الرسم كما يفعل أغلب الأطفال. لكن وجدت لدي ميل بدأ ينمو كلما كبرت في  أن انفذ وأصنع أعمالًا وأشغالاً فنية بنفسي مستفيدة من بقايا الأشياء من حولي فيما يشبه ” إعادة التدوير”. ودون قصد، اكتشفت أني أفضل التركيب وعمل المجسمات وإعادة استخدام الأشياء القديمة المهملة، فكنت أحول الصناديق الخشبية إلى طاولات، والعلب القديمة إلى فازات، واستخدام الإيشاربات وأغطية الرأس في عمل ستائر.  حتى أن العديد من قطع ديكور المنزل كانت من إنتاجي، وهو ما لم يكن يتحقق دون دعم ومساعدة أسرتي، والعديد من الأهل والأصدقاء الذين كانوا يستعينون بي عند قيامهم بعمل تجديدات أو تنفيذ ديكورات لمنازلهم.

وتتابع سعد الدين، زاد شغفي بما أفعل حتى أنني شاركت في معرض فني في قصر ثقافة الجيزة، وعمري ستة عشر سنة، وكان انتاجي عبارة عن لوحات كانت أشبه بفن الكولاج، حيث استخدمت وحدات من قماش الخيامية، وبعض المواد الأخرى التي كان أغلبها عبارة عن  موتيفات شعبية مثل الكف والخمسة وخميسة  والعين وغيرها، وقد لاقت اللوحات الاعجاب.

وأعتقد أن ما كان يفعله والدي معي قد ساهم في هذا الشغف والتعلق بالفن، فقد كان يصطحبني معه في جولات إلى الأسواق الشعبيىة مثل سوق الجمعة بمنطقة الإمام بالسيدة عائشة، وذلك حتى يتيح لي فرصة شراء الأشياء القديمة كي أعيد إنتاجها أو خلق وابتكار شيء جديد منها، وأذكر أني في تلك الفترة أنتجت من مصفاة قديمة من النحاس نجفة تتدلى منها سلاسل وكفوف، وغيرها من عناصر.

الدراسة الأكاديمية

اختارت سعد الدين الدراسة الفنية، والتحقت بكلية التربية النوعية..تقول: افادتني الدراسة الأكاديمية في تعلم التكنيك الصحيح في تنفيذ الأعمال الفنية. وتعلمت كيف اشتغل نحت وخزف وتصميمات، بمعنى أدق تعلمت الأسس الفنية لما أعشق. ومن هنا بات بإمكاني استخدام وتوظيف العديد من التكنيكات الفنية، وبعد تخرجي بدأت العمل في الأشغال اليدوية، والديكورات، والديكوباج، والنحت والخزف والمشغولات الجلدية وغيرها.

بداية المصغراتية

كان دخول عبير في مجال عمل المصغرات عن طريق الصدفة حيث لم تخطط له و تقول: “بدأت الفكرة عندما طلب منى ابني الصغير مشاهدة أحد الفيديوهات حتى يستطيع أن ينفذ مثلها فهو أيضًا شغوف بعمل الأشغال الفنية والمجسمات مثلي، أو أن أنفذ  له نماذج مثل تلك التي عرضها الفيديو، والتي كانت عبارة عن فيديو لـ ” بيت الدمي” المعروف. وقد راقت لي الفكرة، وبدأت أسال لماذا لاأنفذها؟  وبالفعل وجدت الفكرة تسيطر على تفكيري فبدأت في تنفيذها مستلهمة تراثنا المصري المتنوع في العمارة.

تتابع عبير: اخترت تصغير نماذج البيوت، واخترت البيت النوبي والبيت الفلاحي وبيوت في الأحياء الشعبية. كماتناولت العناصر التي تضفي عليها التميز والتفرد دون غيرها، من حيث ألوان طلائها، وما تحتويه من أبسطة ومفروشات، وأشياء مميزة مثل القلة والزير ونملية المطبخ، الكنب البلدي، الشبابيك والأبواب، حجرة المسافرين، الستائر والصور المعلقة على الحوائط  مثل صور الزفاف وصورة الأسرة أو ربها.

تناولت أيضًا حجرة الخبيز وما فيها من فرن وأدوات العجين والخبيز، أيام العيد وخبز وصاجات الكعك وماكينة البسكويت، بجانب الرحايا التي كانت تستخدم في طحن الحبوب.

تضيف: هدفي  من خلال تنفيذ هذه الأعمال هو أن اساهم بشكل ما في الحفاظ على هذا التراث وهذه الثقافة التي تختفي بعض مفرداتها المادية يومًا بعد يوم. حيث أنني استعين في ذلك بالصور القديمة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات القديمة، وحكايات الأجداد.

تدريب المصغراتيه

 وعن الخامات التي تستخدمها ” المصغراتية، تقول:استخدم كل ما تقع عيني عليه حيث استخدم الجلود والأقمشة والصلصال والأخشاب، الزجاجات أنابيب المعجون، بعض اجزاء من لعب أولادي، إضافة إلى بعض الأدوات اليدوية البسيطة للغاية

استخدمت عبير في البداية صفحات السوشيال ميديا في نشر أعمالها وتعريف الناس بها، ثم بدأت بعرض أعمالها في بعض الجاليرهات. وقد شاركت في العديد من المعارض داخل مصر وخارجها، كما فكرت أن تنقل تلك التجربة والخبرة لمن يريد تعلمها، بعد أن طلب منها كثيرين ذلك. وبالفعل بدأت في التدريب للكبار والصغار من خلال الورش داخل مصر وخارجها، سواء كانت ورش أون لاين، أو الورش المباشرة التي بدأت فيها منذ فترة قصيرة وهي خاصة بالأطفال.

تكمل عبير: كانت فكرة الورشة مجنونة بعض الشيء، حيث أقمتها في حديقة منزلى، وهي الورشة الأولى من نوعها في الوطن العربي التي يتم فيها تدريب الأطفال على هذا النوع من الفن. كما نظمت معرض في منزلي لـ نتاج تلك الورشة.

  المشاركة في معرض تراثنا

وتوجه عبير الشكر للدولة المصرية والقائمين على معرض تراثنا.  وتقول: كانت مشاركتى في معرض تراثنا تجربة هامة للغاية، فقد تم تصوير منتجاتي مع منتجات أخرى لتكون ضمن كاتالوج المعرض. وقد حدث نتيجة تسويق المعرض بشكل جيد في الخارج، أن جائتني طلبات من عملاء من خارج مصر يطلبون شراء بعض أعمالي.

وتقول شاركت مؤخرًا في معرض فني أقيم في العراق ، متمنية المزيد من المشاركات الدولية حتى يرى العالم أعمالها، والتي تحظى بالإعجاب حين تعرض صورها على مواقع السوشيال ميديا، أو عندما تشارك في معارض متخصصة. وتشير إلى أن سعادتها المفرطة تكون حينما يقول لها البعض قررت زيارة مصر بعد مشاهدة البيوت المصرية التي تظهرها أعمالك الفنية.

اقرأ أيضا:

«مروة رزق».. فنانة تحّول المنتجات التالفة لديكورات منزلية

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر