في مناسبة 75 عاما على ميلاده: أدباء عالميون في مشوار نور الشريف

احتفى محرك البحث «جوجل» بذكرى ميلاد الفنان نور الشريف الـ75، أمس، من خلال رسم الشعار الحالي بطريقة مبتكرة تتضمن بعض الرموز عن الفنان الراحل، مثل النظارة، وشرائط السينما، والكتب وقطع معدنية تشبه المتاهة، واستعان راسم الشعار بتجسيد 3 شخصيات شهيرة قدمها، وهي شخصية الابن الأصغر كمال في فيلم «قصر الشوق» المأخوذ عن الرواية التي تحمل الاسم نفسه للأديب الراحل نجيب محفوظ، وشخصية كمال التي جسدها في فيلم «العار»، وشخصية المعلم عبدالغفور البرعي في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي».

أستاذ الكتب

فضلا عن الشخصيات الثلاث التي اختارها «جوجل» للاحتفال بـ«صائد الجوائز»، قد برع في تجسيد الشخصيات الحقيقية خاصة التاريخية والمثقفين، الأقرب إلى قلبه، كما أوضح في لقاء تليفزيوني قديم عام 2013، فعلاقته مع الأدب والقراءة لم تنقطع حتى وفاته في 11 أغسطس 2015، وكان يرى أن سر نجاح الفيلم أو المسلسل أنه مأخوذ عن أعمال أدبية ذات شخصيات مركبة، وقال: “الممثل حين يتعامل مع هذه الشخصية أثناء التمثيل، يكتشف كل يوم في الشخصية أبعادا جديدة، والجملة الواحدة لها مليون أداء”.

ويوضح الناقد الفني سمير عبداللطيف لـ«باب مصر»، كيف ساهمت القراءة في براعة نور الشريف (28 إبريل 1946 – 11 أغسطس 2015) لتجسيد الفئة التي دوما يقرأ لها أو يتابع أعمالها، وظهر ذلك من خلال تمكنه من التحكم في لغة جسده دون مبالغة، وكذلك اتسم بخامة صوت استطاع استغلالها وتوظيفها بشكل صحيح يخدم الدور.

ويتابع عبداللطيف أن نور الشريف استحق لقب «أستاذ الكتب» نظرا لثقافته الواسعة، وعلى المستوى الشخصي كان يستعين الكثير من الفنانين برأيه سواء في اختيار الدور أو في طريقة تجسيده نظرا لثقافته وإطلاعه، وهذه الثقافة الواسعة نفسها هي السبب في تعرضه لأكبر أزمة واجهها في حياته في مطلع التسعينات، حين قرر إنتاج وتقديم فيلم «ناجي العلي» عن الفنان الفلسطيني، ويقول: “رغم اختياره لافتتاح مهرجان القاهرة السينمائي إلا أن الفيلم تعرض لهجوم شديد من النقاد والصحف الرسمية”.

أدب عالمي

رغم تقديمه لأكثر من 20 فيلم عن أعمال روائية لكبار الأدباء المصريين مثل نجيب محفوظ، طه حسين، إحسان عبدالقدوس، يوسف السباعي، توفيق الحكيم، إلا أنه حرص أيضا على تجسيد أدوار مستوحاة من أعمال أدبية عالمية، حيث كان الشريف يفضل متابعة الأدب الروسي بشكل شخصي، خاصة الكاتب الروسي العالمي «فيودر دوستويفسكي» وقدم فيلمين عن روايتين له، وهما فيلم «الإخوة الاعداء» عن الرواية الروسية الشهيرة «الإخوة كارامازوف»، وفيلم «الشياطين» عن الرواية الروسية التي تحمل الاسم نفسه.

وكذلك قدم فيلم «أبناء الصمت» عن رواية تحمل الاسم نفسه للأديب مجيد طوبيا، وفيلم «دائرة الانتقام» المستوحى من حكاية الكونت ديمونت كريستو، وبجانب الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية، جسد نور الشريف الشخصيات الحقيقية لعدد من المثقفين في أعماله، وويرصد «باب مصر» أبرزها:

ناجي العلي

حب نور الشريف للفن التشكيلي خاصة الكاريكاتير الذي برع في استغلاله الفنان التشكيلي الراحل ناجي العلي للتعبير عن القضية الفلسطينية، كان سببا في تجسيد الشريف شخصية العلي، عام 1992، بعد مرور 5 سنوات على اغتياله في العاصمة البريطانية لندن عام 1987.

يعد الرسام ناجي العلي أحد أهم الفنانين الفلسطينيين، قدم خلال مسيرته التي لم تتجاوز 40 عاما أكثر من 40 ألف رسم كاريكاتيري، عبر خلالها عن الأزمة الفلسطينية التي عاصرها منذ طفولته وترحاله برفقة أهله من بلد إلى أخرى، ومكوثه لفترة في مخيم لبناني، وتم اعتقاله أكثر من مرة وفي كل مرة كان يحول جدران السجن إلى لوحات يرسم عليها، مستخدما سلاحه الصامت، بتوقيع شخصية “حنظلة” الذي يعقد يديه خلف ظهره والتي أصبحت فيما بعد رمز للفلسطينيين.

الكرنك

تعرض الأديب الراحل سعيد الكفراوي للاعتقال السياسي في أعقاب حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عام 1970، هذه الفترة الصعبة كانت بسبب كتابة قصة ونشرها، وتعرض بسببها للاعتقال لمدة ستة أشهر، كما قال في حوار تليفزيوني قديم.

بعد خروجه من المعتقل تحدث الكفراوي عن آرائه وفترة السجن التي قضاها، حتى حظت باهتمام الاديب الراحل نجيب محفوظ واقتبسها أثناء كتابة رواية «الكرنك» والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي، وجسد دور الكفراوي في الفيلم، الفنان الراحل نور الشريف باسم مختلف وإسماعيل الشيخ.

الأديب

“أيهما أشد جرما.. الظلم أم الخداع؟”، هذا السؤال كان محور مسلسل «الأديب» عن رواية لعميد الأدب العربي طه حسين بنفس الاسم، وجسد نور الشريف دور البطل الأديب إبراهيم عبدالله – وهي شخصية خيالية – المصاب بتشوه خلقي يتسبب في العديد من المتاعب في حياته، ويوافق على دراسة الأدب في فرنسا بشرط أنه غير متزوج فيضطر إلى طلاق زوجته حميدة، الوحيدة التي وافقت على الزواج منه، ويعيش إبراهيم مع التساؤلات الفلسفية التي قد يقضي الإنسان عمره كاملا دون التوصل إلى إجابة.

ابن رشد

لم يكن الشبه وحده هو السبب لاختيار نور الشريف ليجسد شخصية الفيلسوف ابن رشد قاضي قضاة قرطبة، في فيلم «المصير» إنتاج عام 1997، بل المنهج الفلسفي نفسه في كل شئ للشخصيتين، وكان الأندلسي أبوالوليد محمد بن أحمد الشهير بابن رشد، فيلسوف وطبيب وفلكي وقاضي وفيزيائي.

ويعد ابن رشد أحد أهم فلاسفة الإسلام، وتأثر بالنبي محمد، أرسطو، أفلاطون، ابن سينا والشيخ الغزالي، وكان يرى أنه لا يوجد تعارض بين الفلسفة والإسلام، فضلا عن شغفه بعلوم الفلك ويُنسب إليه اكتشاف نجم، وله العديد من المؤلفات والكتب في العلوم والفلسفة والأدب.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر