هؤلاء دعموا محفوظ للحصول على نوبل
رغم مرور 32 عاما على حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، إلا أن قائمة الاتهامات التي نالت صاحب الثلاثية لم تخفت يوما ما. اختصر الإسلاميون الجائزة فى أنه تكريم لهجومه على الدين فى روايته “أولاد حارتنا”.. ورأى القوميون أن الجائزة تتويج لدعوته للسلام مع الكيان الصهيونى، ورأى أدباء مثل يوسف إدريس وإدوار الخراط أنه كاتب محدود القيمة الفنية، روايته محلية الفكر، متوسط القيمة بالمعايير التي تقاس بها الأعمال الأدبية العظيمة.
محفوظ ونوبل
كعادته تجاهل محفوظ الهجوم عليه، دافع عن أولاد حارتنا بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال في عام 1994 على يد مهووس إسلامى. وكشف محفوظ لجريدة أخبار الأدب (30 نوفمبر1997) تفاصيل لم يذكرها من قبل: “وأنا فى الأهرام زارنى فى مطلع الثمانينيات، قبل حصولى على نوبل واحد من السفارة الإسرائيلية لا أذكر اسمه، وعرض علىّ الترشح لجائزة عالمية كبري كان قد حصل عليها الأديب البريطانى جرهام جرين، وقال إنهم يفكرون في منحي الجائزة، وأنه جاء يستأذن، قلت له: إننى شاكر جدا لكننى أعتذر لأن ربط الجائزة بدفاعى عن السلام أمر لا أقبله، إذ أنه موقف مبدئى وليس من أجل الجوائز”. كانت الجائزة التي يقصدها محفوظ هي جائزة القدس الدولية وتبلغ قيمتها 10 آلاف دولار وحصل عليها جرين عام 1981، وكان قد حصل عليها العديد من الآدباء منهم: أرثر ميلر، أكتافيو باث، أوجين يونسكو، بورخيس، بيرتراند راسل، سوزان سونتاج، سيمون دي بوفوار، كويتزي، ماريو فارغاس يوسا، ماكس فريش، ميلان كونديرا وآخرين.. وعرضت على محفوظ في عام 1982 ولكنه رفضها. في الحوار ذاته قال محفوظ: “بعد حصولي على نوبل كتب لى شيمون بيريز خطابا رقيقا يقترح فيه أن أرشح لنوبل روائيا إسرائيليا اسمه عموس عوز، وقد ترجمت إحدى رواياته إلى اللغة العربية، وأجبته فى رسالة معتذرا وقلت إن عاموس عوز سوف يجد من يرشحه لنوبل، ولكن إذا كان ولابد أن أرشح أديبا لنوبل فأفضل أن أرشح أديبا عربيا”.
التفاوض مع إسرائيل
كما أن موقف محفوظ من التفاوض مع العدو كان سابقا تفكير السادات في كامب ديفيد، فقد دعا في 1968 في مقال له إلى التفاوض لتحرير سيناء إذا لم يكن في مقدورنا الحرب، وكرر هذا الكلام في لقاء جمع عدد من المثقفين المصريين في جريدة الأهرام بالقذافى عام 1971. لم يكن موقف محفوظ استثنائيا، بل إن كل أبناء الجيل الليبرالي الذي نشأ وتكون في ظل ثورة 1919، وانتموا إلى أفكار حزب الوفد لم يكن لديهم مشكلة في التفاوض مع العدو، بل إن “الوفد” نفسه كان نتاج معركة اختيار مجموعة من أبناء الشعب المصري للسفر إلى بريطانيا (دولة الاحتلال) للتفاوض من أجل الجلاء.
من هنا يمكن أن يكون موقف محفوظ من تأييد كامب ديفيد مبررا، لم يكن نتاجا لنفاق سلطة، أو بحثا عن جائزة دولية. الغريب أن إسرائيل التى يقال كثيرا أنها تتحكم في منح جائزة نوبل، لم تستطع منح أي من أدباءها الجائزة، وكان أول وآخر أديب إسرائيلى حصل على الجائزة شموئيل يوسف عجنون عام 1966 مناصفة مع السويدية نيلي زاكس الحاصلة على الجنسية الإسرائيلية أيضا وصاحبة كتاب اليهود والتاريخ اليهودى. وهو العام نفسه الذي ظهر فيه اسم محفوظ على قوائم ترشيحات الجائزة لأول مرة مع طه حسين وتوفيق الحكيم. ولكن كان عليه الانتظار 22 عاما ليتوج بجائزة تأخرت عليه طويلا. وكان مدعوما من شخصيات وجهات عديدة أهمها قسم الدراسات العربية في جامعة السويد الذى كان يرأسه الناقد المصري عطية عامر، وهناك أيضا الناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي التي صرحت بأن أكاديمية نوبل طلبت منها عام 1985 تقريرا عن الكتاب العرب المستحقين لنوبل وأنها دعمت محفوظ وأدونيس، وهناك أيضا المستعرب الأمريكي روجر آلان الذي أشار فى إحدى حواراته إلى دعمه لمحفوظ، والمترجم ديفيد جونسون الذي كتب عن لقاء جمعه بالسفير السويدة في تونس للحديث عن الكتاب العربي الذين يستحقون نوبل، وترشيحه لمحفوظ، وهناك جامعة جورج تاون والسوربون وبعض الجامعات الأوروبية والروسية التي قدمت تقارير عن استحق صاحب “الحرافيش” للجائزة.
اقرأ أيضا
من نجيب محفوظ: أربع رسائل.. وأربع روايات
وقائع معركة مجهولة بين محفوظ وعباس صالح
19 تعليقات