بحيرة مريوط: مقر التجارة والصيد وزيت الزيتون قديمًا

مؤسسة ولاد البلد الشريك الإعلامي لمركز الدراسات السكندرية لفعالية أيام التراث السكندري.

بحيرة مريوط كانت تعد أحد أجمل البحيرات المالحة في شمال مصر، والتي تقع جنوبي الإسكندرية، وتعتبر مركزًا ملاحيًا تمر به السفن. حيث تلوثت مياهها مؤخرًا بمياه الصرف الصحي، حسب ما قاله لنا مهندس “إسماعيل عوض” بقسم الخرائط  والمساحة بالمركز الفرنسي للدارسات السكندرية.

مريوتس الاسم القديم

يشير عوض إلى أن البحيرة الموجودة حاليًا هي جزء من البحيرة، التي وجدت قديمًا. وكانت تسمى “مريوتس” من قبل بناء مدينة الإسكندرية، وكانت أهميتها منذ بداية بناء “الإسكندرية”. حيث إنها كانت مكانًا للتجارة والصيد وصناعة النبيذ وزيت الزيتون، حيث إن تصدير النبيذ كان منها، وكان يسمى نبيذ “مريوتس”.

مساحتها حاليًا

يوضح عوض أن مساحة البحيرة قديمًا، كانت تقدر بـ880 كم. أما المساحة الحالية منها فلا تتعدى 15%، وكانت البحيرة ترتبط بنهر النيل، فكانت تتسع البحيرة عند حدوث الفيضان وتنكمش بعد انتهائه.

تتعدد أهمية البحيرة اقتصاديًا، منها أنه تم تحويل جزء كبير منها إلى مناطق صناعية، كما يوجد بها الملاحات. حيث تنتج أكثر من 100 ألف طن في  العام، وهي تعد من أكبر الملاحات الموجودة في “إفريقيا”. كما لها أهمية في الثروة السمكية، حيث يقدر إنتاجها من السمك بحوالي 8 آلاف طن سنويًا. وطبقًا للنشرة الإحصائية الصادرة من الهيئة الهامة للثروة السمكية لعام 2002 يبلغ حجم إنتاج بحيرة مريوط من الثروة السمكية 5303 أطنان.

كما أنها تتميز بإنتاج أسماك “البساريا – البلطي – البياض – الجمبري – الحنشان – الدنيس – عائلة البورية – القاروص – القراميط – قشر بياض – الكابوريا– اللوت- مبروك حشائش- موسى – النقط”. ويبلغ عدد مراكب الصيد الشراعية بها 1499، والرخص بها 16 رخصة صيد سنوية و564 رخصة بطاقة صيد لمدة خمس سنوات.

انكماش البحيرة

أثرّت التقسيمات التي حدثت في البحيرة بعد تغيير أهميتها قديمًا. حيث تم تقسيم الجزء الشرقي منها إلى أكثر من 9 أحواض، وكل حوض له منسوب خاص به، ولم يعد هناك اتصال مباشر بها مع البحر. كما أنها أصبحت مصب للصرف الزراعي والصحي والصناعي للإسكندرية ومحافظة البحيرة. إضافة إلى زيادة نسبة الملاحات، وأيضًا ارتفاع مناسيب المياه، التي أدت إلى تدمير المزارع والبنية الأساسية لها. وكذلك زيادة الملوحة التي تسبب في هروب الزريعة وقتلها واستعمال الغازات السامة التي ارتفعت بسبب عمليات الصرف.

وتعرض البحيرة لعمليات التجفيف، وبالتالي يواجه صيادو البحيرة خطر البطالة. كذلك تعرض البحيرة لعملية ردم المنخفض بالبحيرة لبدء الخطوات التنفيذية لإنشاء معهد تكرير البترول وخطورة هذه العملية تكمن في أن المنخفض يمثل البداية الطبيعية لبحيرة مريوط الأصلية. وهو عبارة عن مصفاة للمياه الجوفية بمناطق غرب الإسكندرية والساحل الشمالي إلى مطروح ومناطق مريوط.

هذا بالإضافة إلى قيام بعض رجال الأعمال بتجفيف مساحات كبيرة والاستيلاء عليها. ضمن مشاريعهم المقامة على حدود البحيرة، مما يمثل خطرًا على مهنة الصيد وعلى التوازن البيئي. كما أنه تبلغ مساحتها نحو 50 ألف فدان، ثم بدأت في التراجع لتصل مساحتها الحالية إلى 17 ألف فدان فقط بمعنى ثلثي البحيرة. ثم تحويلها إلى أراضٍ زارعيةٍ مثل منطقة “أبيس” وغيرها.

ويتم صرف نحو 12 مليون متر مكعب من الصرف بالبحيرة يوميًا. وتقسم هذه الكمية من الصرف إلى 60% صرف زارعي من مصرف العموم، 22% صرف زارعى من مصرف “النوبارية”. 10% صرف صناعي غير معالج، وصرف صحي معالج معالجة أولية من محطة التنقية الشرقية و 3% صرف صحي معالج أوليًا من خلال محطة التنقية الغربية.

ولا يوجد ببحيرة مريوط أنواع كثيرة من الأسماك، وإنما كلها تحت مجموعة واحدة هي البلطي. حيث تتغذى على النباتات والحيوانات الدقيقة لقدرتها العالية على مقاومة التلوث بالبحيرة. فضلًا عن وجود أسماك القراميط التي تتغذى على النباتات الدقيقة والأسماك الصغيرة، بالإضافة لوجود أسماك البوري والطوبار والحنشان والمبروك. وتعد بحيرة مريوط ثالث البحيرات تلوثًا. حيث تحولت إلى مخزن للسموم، نتيجة زيادة الصرف الصحي المنصرف فيها.

دور مركز الدراسات السكندرية

يوضح عوض أن مركز الدراسات السكندرية له دور فعال في الحفاظ والاهتمام بالمواقع الأثرية الموجودة داخل المحافظة. ومنها بحيرة مريوط وغيرها، سواء كانت في البر والبحر. وذلك عن طريق الاستعانة بالخرائط القديمة والصور الجوية من الأقمار الصناعية ورصد الأماكن الأثرية غير المعروفة. وتم التوصل إلى 60% من الأماكن التي تم رصدها.

خرائط البحيرة

عن أول خريطة عثر عليها للبحيرة، يوضح عوض أن هناك خريطة لمدينة الإسكندرية تابعة للحملة الفرنسية لعام 1798. ويشير إلى أن كل خريطة عثر عليها توضح أهمية البحيرة، وأيضًا حجمها، وكيف يتغير مكانها حسب كل رحالة. كما يوضح أنه في 200 عام انكمش حجم البحيرة إلى 16%، مما كانت عليه. ولو استمرت في هذا المعدل من الانكماش فإنها خلال 70 عامًا  ستختفي تمامًا.

حلم المحمية

بحزن شديد تحدث عوض إلى أن حلمه الوحيد تجاه البحيرة، هو أن تتحول إلى محمية طبيعية، لأنها تستحق لما لها من تاريخ، موضحًا أنها حاليًا لها تنوع نباتي وحيواني كبير. ويشير إلى أن الإسكندرية تستحق أن يكون لها متنفس آخر غير البحر. فقديمًا كانت البحيرة متنفسًا ترفيهيًا للرومان. مناشدًا الحكومة بضرورة الاهتمام بالبحيرة، ونشر التوعية بأهميتها، لأنها جزء أساسي من تاريخي الإسكندرية.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر