ستات البلد| “نبوية موسى”.. المعلمة الأولى
بالشراكة مع مؤسسة المرأة والذاكرة وبمناسبة شهر المرأة، تسلط “ولاد البلد” الضوء على نساء ملهمات من مصر والعالم العربي في سلسلة “ستات البلد”.
بينما كانت المرأة المصرية سجينة أفكار رجعية تمنعها حق التعليم، كانت نبوية موسى (1886 – 1951) أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا عام 1907، الحدث الذي لم يتكرر بعدها إلا بعد 21 عاما.
ولم تكن نبوية موسى أول مصرية تحصل على البكالوريا، فقط ولكن أيضا كانت أول امرأة تعمل معلمة للغة العربية، أول ناظرة وأول مفتشة، كما تعد من الرعيل الأول من المربيات المصريات، ليصبح التعليم بمثابة قضية عمرها التي كافحت في سبيلها على مدى مراحل حياتها المختلفة، ولتصبح تلك الفتاة مع مرور العقود أيقونة لكل المدافعين عن حق النساء في المعرفة.
نشأة نبوية موسى
ولدت نبوية موسى في 17 ديسمبر 1886، بقرية كفر الحكما بالشرقية، وقد نشأت يتيمة الأب، وعاشت مع والدتها وشقيقها محمد في القاهرة، ولما بلغت نبوية الثالثة عشرة من عمرها تطلعت لاستكمال تعليمها، غير أنها لم تجد أي مساندة من عائلتها عند اتخاذها لهذا القرار، وجاءت بعض الردود صادمة منها: “عيب، مش أصول بنات العائلات، سفور وقلة حياء”، كما جاء في كتاب “من رائدات القرن العشرين: شخصيات وقضايا“، تحرير هدى الصدة، المرأة والذاكرة، 2001.
تشير هدى الصدة في مقدمة الكتاب إلى بدايات نبوية مع التعليم قائلة “علمت نبوية موسى نفسها بنفسها، لتلحق بالمدرسة السنية عام 1901، رغم معارضة الأسرة، وعلى الرغم من أن تعليم البنات في ذلك الوقت، كان ينظر إليه على أنه خروج عن قواعد الأدب والحياء والدين، فإنها كانت تعتقد اعتقادا راسخا بأن التعليم للفتاة من أولويات الأشياء التي تضمن استقلالها”.
في عام 1906 حصلت نبوية موسى على دبلوم المعلمات لتعين معلمة بمدرسة عباس الأميرية للبنات، ولتبدأ رحلها في مجال ممارسة التعليم
عملت ناظرة لمدرسة المحمودية الابتدائية للبنات في الفيوم عام 1909، وناظرة لمعلمات المنصورة عام 1910، وتميزت بقوة العزيمة والصلابة وقوة الحجة والمنطق.
على جانب آخر، كانت نبوية تؤكد على فضيلة العفة والشرف، فقد كانت أفكارها بمثابة رد فعل ومقاومة للصورة النقيضة التي وردت عن المرأة المصرية في الخطاب الاستشراقي الاستعماري، والتي صورت المرأة متحررة من كل قواعد السلوك، وأنها أداة لإشباع غرائز الرجل.
كانت نبوية تكره التبرج، وتضع حدا للبس المناسب المحتشم الذي لا يبرز المرأة كأنها فارغة إلا من الزينة، وكانت أفكارها الأخلاقية جزءا من الصورة التي خلفتها عن نفسها، وروجتها في المجتمع بهدف تحقيق المساواة المرجوة مع الرجل.
وتذكر الدكتورة هدى الصدة، في بحث لها بعنوان”التعليم والتحرر: نبوية موسى وقضايا المرأة والوطن“، أن الحديث عن نبوية موسى، يعني الحديث عن سيدة وهبت نفسها لقضية تعليم البنات، فقد كانت قضيتها الأولى والأخيرة.
إسهاماتها
وتتابع: “كان لنبوية موسى مساهمات في صياغة المناهج ونقد السياسات، وفي عام 1920 أصدرت كتبا عنوانه “المرأة والعمل” تطرقت فيه إلى العلاقة بين تعليم المرأة وعملها، إلى جانب كتب أخرى وكتابات أدبية بين الرواية والشعر”.
وفي إطار اهتمامها بقضية التعليم أصدرت عدد آخر من الكتب منها “قضية التعليم“، و”ثمرة الحياة في تربية الفتاة“، و”المطالعة العربية“.
كما تركت أيضاً كتاب “تاريخي بقلمي“، والذي أعادت المرأة والذاكرة إصداره في طبعته الثالثة، 1999، وقدمته د. رانيا عبد الرحمن ود. هالة كمال، وهو ضمن السير الذاتية المعدودة التي تركتها لنا الرائدات المصريات في العصر الحديث، كما جاء في مقدمة الكتاب.
كان لنبوية موسى دورها الفعال ضمن الحركة النسائية في مصر الحديثة، حيث كانت ضمن وفد الاتحاد النسائي المصري الذي ضم هدى شعراوي وسيزا نبراوي وريجينا خياط ومدام ويصا واصف المشاركات في المؤتمر الدولي للمرأة في روما في عام 1923.
والواقع أن نبوية موسى، ناضلت بمفردها طيلة حياتها، بداية من التعليم إلى أن وهبت حياتها لقضيتها الأولى، في غيبة شبه تامة للمؤسسات المجتمعية المساندة.
أنفقت نبوية مالها على التعليم، واعتمدت في حياتها على معاش وزارة المعارف، ورفضت الزواج لتكرس حياتها لخدمة التعليم، خاصة تعليم البنات.
وفي نهاية شهر أبريل عام 1951، رحلت نبوية موسى، تاركة خلفها سجلا حافلا بالمعارك لأجل تعليم الفتيات، كما شاركت في تأسيس الاتحاد النسائي المصري، وعدة جمعيات نسوية. تبرعت إلى وزارة المعارف قبل نهاية حياتها بمدرسة “ترقية الفتاة” التي كانت قد أنشأتها واشترت مقرها من مالها الخاص.
12 تعليقات