من الأدب الفرعوني| كيف فتحت «عصا تحتمس» حصن يافا؟
الصورة المرفقة تحمل رخصة المشاع الإبداعي
تعود أحداث قصة الاستيلاء على يافا إلى حكم الملك تحتمس الثالث (1479- 1425 ق.م)، في عصر الأسرة الثامنة عشر (1550-1307 ق.م)، بحسب الدكتور سليم حسن، في كتابه الأدب الفرعوني، تحكي القصة كيف استطاع جحوتي كبير قواد الملك تحتمس أن يسقط حصون يافا المنيعة بحيلة ماكرة. فماذا حدث في قصة “عصا تحتمس” ؟
عصا تحتمس
يقول حسن إن أحداث قصة “عصا تحتمس” لا تتوافق مع الوقائع التاريخية، وأن القصد منها اقتصر على تمجيد وتعظيم الملك تحتمس الثالث، مؤكدا أنه لم يرد ذكر ثغر يافا في حولية انتصارات تحتمس الثالث بالكرنك، وأنه طبقا للمصادر والمراجع التاريخية فقد فتحت يافا في فترة حكم جده الملك تحتمس الأول (1525 -1512ق.م)، إذ ورد اسم حاكم يافا في قائمة انتصارات الملك تحتمس الأول، بلقب “مقهور يافا” والتي تعني المهزوم.
ويلمح حسن إلى أن سياق القصة ربط بين خدعة جحوتي وعصا تحتمس الثالث، والتي لعبت دورا مهما في حيلة حجوتي، ليروج الأمر بين العامة على أن عظمة تحتمس الثالث وصلت إلى درجة أنه يستطيع الانتصار على أعدائه دون أن يبرح مكانه، بل أن عصاه ذات قدرات سحرية، تثير الرعب والخوف في قلوب أعدائه فينهزموا.
حصان طروادة وعصا تحتمس
يقول محمد أبو رحمة، في كتابه حواديت فرعونية، إن حيلة جحوتي في الاستيلاء على يافا أعيد استخدامها في الأدب اليوناني في قصة حصان طروادة، كما استخدمت في قصة علي بابا الشهيرة من قصص ألف ليلة وليلة، مشيرا إلى أن القصة قد وردت ببردية هاريس 500 والمحفوظة بالمتحف البريطاني تحت رقم 10060، وتعود إلى عصر الرعامسة (1300ق.م).
عميل مزدوج
حسب ما أورد أبو رحمة فقد لعب جحوتي دور العميل المزدوج، حين تظاهر أنه خان ملكه وقرر اللجوء إلى حاكم يافا، وهناك اجتمع الاثنان في معسكر قوات يافا وشربوا وسكروا؛ حينها قال جحوتي لحاكم يافا: “أني شئت الاستسلام، وسوف أحضر زوجتي وأبنائي لأقيم عندك، فلتدع الجياد تدخل إلى حظائر الطعام فتطعم”، وأثناء ذلك حضر أحد رجال جحوتي يخبره أن عصا الملك تحتمس تسلم الآن، فما أن سمع حاكم يافا ذلك حتى بدى كطفل مدلل يطالب جحوتي بأن يحضر إليه عصا الملك، ذات القدرات السحرية، ليراها ويمسكها، وبعد إلحاح من حاكم يافا وتظاهر من جحوتي بصعوبة الأمر وخطورته، استجاب له وأحضر له عصا وقال له: “هذه عصا الملك تحتمس، أنظر يا ملعون يافا أنها عصا تحتمس، الأسد الغضوب وقد وعده آمون بالنصر”، ثم هوى بقوة على رأس الحاكم، فسقط مغشيا عليه، وربطه في وتد بحبل من جلد، ووضعه في جوال كبير، وربط إليه قطعا من نحاس لتكون مثل
الجرس.
علي بابا
على غرار حكاية علي بابا والأربعين حرامي، أمر جحوتي رجاله بإحضار 200 جوال وضع في كل منها جندي مسلح، وقام 500 جندي آخر بمهمة ربطها وحملها ونقلها إلى عربة حاكم يافا على أنها متاع وكنوز جحوتي، التي جاءت تسبق أسرته في طريقها إلى حصن يافا، وأمر رجاله بأن يفكوا وثاق زملائهم بمجرد دخولهم خلف أبواب الحصن، ثم خرج مناديا على قائد عربة حاكم يافا ويقول له: “إن سيدك يأمرك بأن تذهب إلى زوجته وتخبرها أن الإله سوتيخ قد مكننا من جحوتي وزوجته وأولاده، وانظري ها هي بشائر خزائنهم “يقصد الـ200 جوال المملوءة بالجنود”، فمضى قائد العربة ليفرح قلب مولاته قائلا: “لقد أسرنا جحوتي”، ففتح أبواب المدينة أمام جنود حجوتي، ودخلوها وحرروا زملائهم المربوطين بالأجولة، وقبضوا على كل من بالمدينة وربطوهم بالحبال والأوتاد، وأرسلوا كأسرى لبلاط الفرعون، وسقط يافا.
هوامش:
1- الأدب المصري القديم “بي دي إف” – د. سليم حسن – من ص 109 إلى ص 112 – مهرجان القراءة للجميع 2000.
2- حواديت فرعونية – محمد أبو رحمة – حابي للنشر والتوزيع 2005 – من ص 60 إلى 62 ومن ص 242 إلى 243.
2 تعليقات