ملاذ القلوب وأم الأرواح.. “الشجرة” في القصص المصري القديم

استخدم القاص المصري القديم “الشجرة” كعنصر درامي يؤثر في سياق الحكاية، بحسب سليم حسن في كتابه الأدب المصري القديم، لافتا إلى أن الشجرة البطل في الكثير من الحكايات.

عمود الجد رمز البقاء بمعبد ابيدوس - ويكيبيديا
عمود الجد رمز البقاء بمعبد ابيدوس – ويكيبيديا

عمود جد

يوضح حسن، أن الشجرة لعبت دورا مهما في قصة أوزوريس وايزيس، فبعد أن ألقى ست جسد أخيه أوزوريس في النيل وحمله النهر عبر المتوسط ليستقر عند السواحل الفينيقية بلبنان وهناك تنبت شجرة أرز عملاقة لتحتضن الجسد الموضوع في التابوت الخشبي ويصبح جسد أوزوريس جزءا من ساق الشجرة، وعندما تذهب ايزيس إلى فينقيا في محاولة لإرجاع جسد زوجها، تكتشف أن جسده في تلك الشجرة التي قطعها الملك ووضعها كعمود في قصره المنيف، لتحتال ايزيس وتتنكر في صورة مربية لأطفال الملك، متحينة الفرصة لتسرق العامود وتعود به إلى مصر ولكن تكتشف الملكة أمرها وعندما تسمع قصتها ترق لحالها وتعطيها العامود لتعود به إلى مصر.

ويلفت أحمد صادق، المرشد السياحي، إلى أن ذلك العامود يرمز إليه في الديانة بعمود (جد)، والذي يعني الأبدية والخلود لأنه يمثل عودة جسد أوزوريس سالما إلى وطنه مصر وبعدها قامت ايزيس بتحنيطه حتى يحظى بالحياة الأخرى، ملمحا أنه من المناظر الشائعة جدا بمعبد أبيدوس منظر عمود الجد الذي يرمز لأوزوريس.

ملاذ القلوب

يذكر سليم حسن، إلى أن قصة الأخوين تمحورت أحداثها حول “الشجرة”، ففي الجزء الأول من القصة حين يفجع الأخ الأصغر من اتهام أخيه الأكبر له بخيانته مع زوجته ويشعر بالحزن الشديد يقتلع قلبه ويعلقه على إحدى أشجار وادي الأرز، ويخبره إذا ما جاءته الإشارة بموته عليه أن يذهب ويحضر قلبه ويضعه في كوب ماء حتى يعيده للحياة.

ويتابع حسن، وفي الجزء الثاني من القصة يتحول الشاب القتيل إلى شجرة سنط عملاقة تنبت أمام قصر الملك الذي سلبه زوجته وحين يخاطب الزوجة الخائنة ويحذرها تطلب من الملك أن يقطع الشجرة ويضعها كعمود في القصر، وأثناء قطعها تتطاير إحدى شظاياها وتستقر في جوف الملكة التي تحبل بزوجها الذي خانته من قبل وتسببت في موته ليولد من رحمها من جديد ويصبح ولي العهد ثم ملك البلاد.

ويلمح الآثاري محمد حسن، إلى أن القصة اعتمدت على أسطورة أوزوريس وايزيس ولكن في سياق إنساني، لافتا إلى أن شجرة الأرز حفظت حياة الشاب المغدور وإعادته شجرة السنط إلى الحياة.

الاله تحوت يكتب على شجرة الجميز المقدسة - ويكيبيديا
الاله تحوت يكتب على شجرة الجميز المقدسة – ويكيبيديا

جميزة الأرواح

يقول الدكتور وائل سليمان، أستاذ الآثار اليونانية، إن المصري القديم اعتقد أن شجرة الجميز المعمرة هي الشجرة الأم والتي تثمر أوراقها أرواح البشر، ويحرسها الإله تحوت إله الحكمة والكتابة، ومن المناظر الشائعة جدا بالمعابد والمقابر المصرية منظر “تحوت” وهو يدون اسم الملك على الشجرة، كما يوجد منظر رمزي في مقبرة الملك تحتمس الثالث (1479-1425ق.م) وهو يرضع من ثدي شجرة الجميز في إشارة إلى خلوده المطلق أو توحده مع شجرة الأرواح المعمرة.

ويضيف، أن فكرة الشجرة الأم هي فكرة قديمة تعود إلى بدايات عصر الدولة القديمة (2686-2181ق.م)، والتي تردد صداها في معظم الثقافات اللاحقة للثقافة المصرية القديمة سواء في العصور اليونانية الرومانية مرورا بالعصر القبطي وحتى العصور العربية المتأخرة.

الهوامش

  • كتاب الأدب المصري القديم (ب يدي اف)، للدكتور سليم حسن، صادر عن الهيئة العامة للنشر عام 2000، من الصفحة “87” إلى الصفحة”137″.
  • جميع الصور الواردة بالموضوع من موقع ويكيبيديا برخصة المشاع الإبداعي.
مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

‫5 تعليقات

  1. تنبيه: bonanza178
  2. تنبيه: Sams Club
  3. تنبيه: dk7
  4. تنبيه: ข่าวบอล

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر