وجه جديد لـ القاهرة الخديوية يكشفه فريق "كايرو إربان"

القاهرة الخديوية
اكتشاف القاهرة الخديوية

عمارة رقم (1) حارة السقايين، هذه أقدم عمارة في الحارة تأسست عام 1954 بمنطقة عابدين في القاهرة الخديوية ، هنا سكن من رووا الظِماء منذ أكثر من مئة عام، وحاليًا يسكنها أسر من طبقة ربما تكون أقل من المتوسطة.
لكن لا يعرف أكثرهم أن تلك الجدران التى تحيط بهم عمرها لا يقدر بمال، بل صُنفت مؤخراً كأثر نادر يجب الحفاظ عليه من قبل وزارة الآثار.

يقف حولها فريق Cairo Urban Sketcher. يصورون المبانى القديمة بزواياها المختلفة، في وسط القاهرة ويدونون ملاحظاتهم. ونعرف أنهم مجموعة من المعمارين الواعدين ينضم إليهم مجموعة أخرى من مجالات ليس لها علاقة بالهندسة ولا بالآثار بل جمعهم شيء واحد فقط، هو الشغف.

استكشاف القاهرة الخديوية

عمارة تراثية في وسط القاهرة
عمارة تراثية في وسط القاهرة

كان الشغف هو دافعهم الأول وراء حب الإستكشاف والتعرف على غير المألوف فى القاهرة الخيديوية. نظم الفريق بهدف اكتشاف المباني الآثرية غير المعروفة فى القاهرة الخديوية. لتبدأ الرحلة من ميدان العتبة، حيث سوق الخضار.

كان الملفت في الأمر أن السوق هناك عندما أنشئ أوائل الأربعينيات. كان يوجد به دور تحت الأرض يسمى(بدروم) لخدمة البائعين في السوق. لكن نتيجة الإهمال اندثر هذا البدروم تمامًا، بحسب منسق الجولة أمير عبد الرحمن الذي يقف أمام كل مبنى فى جولته يلقي عليه نظرة حسرة وهو يشرح لرفاقه تاريخ كل مبنى.

سوق الخضار بالقاهرة الخديوية

مسجد بمنطقة وسط البلد
مسجد بمنطقة وسط البلد

يُذكر أن سوق الخضار فى ميدان العتبة هو واحد من اثنين فقط في القاهرة الخديوية. يقع السوق الآخر في منطقة باب اللوق، والاثنان أنشئا على طراز الأسواق الأوروبية القديمة. مثل سوق الجزارين فى العاصمة البريطانية لندن ومبنى الجاليريا في مدينة ميلان الإيطالية.

في مسجد السلطان حنفي، يحكي عبد الرحمن قصة غريبة ارتبطت بالمكان. يقول: “السلطان حنفي أصلا مكنش سلطان. لكن كان واحد من العارفين بالله. والناس كانت بتتبارك بيه ولما مات اتسمى المسجد على اسمه. وفيه هنا بير مية بقاله أكتر من مية سنة، المكان هنا مش معروف وللأسف الدولة مش مهتمة بيه”.

حرص جميع الفريق على شرب الماء من البئر، التي توجد في ساحة المسجد المشهور بمائه المبارك في أرجاء المنطقة، وتقول رواية شعبية إن ماؤها تأتي من بئر زمزم في مكة.
من ميدان العتبة إلى السيدة نفيسة حتى باب الشعرية مرورًا بشارع الشيخ ريحان وصولًأ إلى مسجد الخلوتي بشارع بورسعيد، يقف فريق Cairo Urban Sketchers أمام المسجد ليأدوا صلاة الجمعة، ثم قسط من الراحة فى مقهى زهرة السقايين.
بابتسامة ودودة يرحب بالفريق حسين قاسم على المقهى، التى كانت محطة استراحة السقايين فيما مضى، يحكي قاسم،أحد أقدم ساكني الحارة، عن تاريخ الحارة العتيقة:
القاهرة الخديوية

  • كنا هنا عاملين نادي، وكان لينا فريق كرة قدم، وكلنا كنا بنلعب ونسهر ونذاكر مع بعض. وطلعنا لقينا كل أهل الحارة أسرة واحدة.
  • يقاطعه صديقه سعيد: لكن الدنيا اتغيرت أوي ياريس.. فاكر جروبي.
  • يسأل أحد المشاركين: حضرتك قصدك جروبي بتاع وسط البلد.
  • يرد حسين نافيا: لأ جروبي بتاعنا، كان حاجة تانية خالص ده كان مربينا. كل يوم يروح يجيب بواقي الجاتوة والتورتات ويحطها فى قرطاس، ونشتريها منه. بس كان أحسن من أشهر محلات الحلويات بتاعتكو إلى موجودة دلوقتي.

حارة السقايين في القاهرة الخديوية

بينما يقص حسين حكايات حارة السقايين ينصت الجميع إلى حديثه الشيق. وعلى أطراف الجلسة يعكف أحدهم على تدوين شيء ما. ثم يأتى سعيد، شقيق حسين الأكبر، ليقطع الحديث محملًا بأمواج الحنين إلى أيام لن تعود، لكن تذكرها كافٍ لإضحاك الجميع.

  • يقول سعيد: في أيامنا مكنش ممكن أبدًا شاب من المنطقة يبص على بنت حارته. دولا أخواتنا وولادنا، وإلى يمسهم يمسنا، لكن دلوقتي تلاقي النخوة والرجولة معادوش موجودين خلاص.
  • بعفوية يطرح أحد الشباب سؤالًا: يمكن علشان النت؟
  • يرد سعيد: طب ماحنا عندنا فيسبوك زيكو وعندنا نت لكن أخلاقنا متغيرتش، ولسه بنتجمع كل يوم جمعة وبنطمن على بعض بالتليفون مش باللايكات…

القاهرة الخديوية
يضحك الجميع، ثم يناول أحدهم إلى سعيد..

  • إيه ده؟ إنت رسمتني! تسلم إيدك.. رائع

ما قبل عصر “السيلفي”

كانت تعليقات الزملاء تلقائية ومعبرة عن حالة من البهجة. وقد سجلها الرسام في لحظات، بينما أخرج الحاضرون هواتفهم المحمولة ليلتقطوا صورًا للرسمة، التي ستصبح يومًا ذكرى مختلفة المذاق عن “السيلفي”، بأنامل الفنان الموهوب محمد وهبة.
يقول أمير عبد الرحمن، منسق الجولة، إن الهدف لدينا اليوم هو معرفة القاهرة الحقيقية وعبق تاريخها، واكتشاف المعمار القديم من زوايا مختلفة.
ويضيف: المشكلة الحقيقية أننا كمعماريين عايشين فى برج عاجي بعيد عن الشارع وهموم الناس ومشكلاتهم، “إحنا النهاردا نهدف لتوعية طلاب كلية الهندسة والخريجين بالاحتكاك بالواقع واكتساب مهارات جديدة”.
ويختتم حديثه “الناس البسيطة مش لاقيين قيمة حقيقية يقدمها المعماري، لأنهم عايزين حلول جذرية، مش نظريات هندسية”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر