مصريات ضد النيش.. مكتبة في البيت خير من دولاب فضة!
«النيش» مخزن الأشياء الثمينة فى بيوت المصريين، منشأ الحروب الزوجية دائما، كان يسمى سابقا «دولاب الفضية» لما يحتويه من مقتنيات ثمينة، ثم تضخم، ليحتوي ليس فقط الفضيات والصيني وإنما أيضا الكثير من أدوات الطهي «أكواب وأطباق» غير المستخدمة. مؤخرا شهد وسائل التواصل الاجتماعي سخرية شديدة منه باعتباره لا قيمة له، ومطالبات لاستبداله بمقتنيات أخرى أكثر منفعة، وشاع مؤخرا استغلاله لتغذية العقول واستبدال «أطباق الصيني» التي غير الرماد المتراكم لونها الأصلي بالكتب غذاء الروح.
القراءة للجميع
سيدة أربعينية اقتنت العديد من كتب مهرجان«القراءة للجميع» الذي بدأ في منتصف التسعينيات، حيث كانت القراءة وشراء الكتب بمختلف تخصصاتها غاية الشباب في ذلك الوقت، كانت هبة عبدالرحمن تحرص على شراء الكتب بشكل دوري، حتى قرأت أعمال كبار الكتاب، ثم أعمال من الأدب العالمي، واعتادت على ضم كل كتاب جديد تشتريه إلى المكتبة بمنزل والدها.
بمرور الوقت تفاجأت السيدة الأربعينية بامتلاكها مجموعة كبيرة من الكتب، وتروي تجربتها بأنها في بداية الزواج اضطرت إلى تخزين الكتب في صندوق كارتوني ووضعه أسفل السرير، حتى صمم لها زوجها مكتبة صغيرة، ثم اضطرت إلى إخلائها مجددا بعدما احتاج أبنائها لمكان للكتب المدرسية وأعادت الكتب في الصندوق.
حتى قررت أن تعود إلى ممارسة عادتها المفضلة «القراءة»، وقطع فترة الانتظار الطويل لتصميم مكتبة وحولت «النيش» إلى مكتبة، عرضت على زوجها الفكرة في البداية وافق ولكن بشكل مؤقت حتى يتسنى لهم تصميم مكتبة جديدة خاصة بها، أما زجاج الأرفف فهو سميك وتحمل ثقل الكتب، وعلى الرغم من إعجابها وزوجها بالفكرة إلا أنها لم تسلم من مطاردة عادات الماضي: “أمي وحماتي مش راضيين على الفكرة وبيقولوا حد يعمل في النيش كده!”.
ثورة على الماضي
لم تختلف تجربة هبة عن شيماء الصاوي التي حولت «النيش» إلى مكتبة قبل عدة أيام، للاحتفال بذكرى مولدها بطريقة مختلفة عن كل عام، وخطرت لها الفكرة بعد مشاهدة نفس التجربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونفذتها على الفور نظرا لرغبتها في امتلاك مكتبة والأولويات الشرائية لا تسمح بتنفيذها.
«تربية بناتي أساسها تغيير نظرتهم لكل حاجة» هذا ما قالته السيدة صاحبة الـ36 عاما لـ «باب مصر»، أملا منها في أن تصبح الكتب هي الشيئ الرئيسي أمام أعينهن، واستقبلن الأمر بحماس شديد، ولكن رأى الأهل انقسم بين مؤيد ومعارض، وفكرت شيماء في نقل التجربة خارج المنزل ونشرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، “علشان أنقلها لأكبر كم ممكن”.
الخوف من تحمل الأرفف الزجاجية لوزن الكتب لم يقف عائقا أمام تنفيذها لفكرتها، خاصة وأنه لا يقل وزنا عن المقتنيات السابقة، والتي فكرت في إهدائها لمن يحتاجها لتوفير مساحة، وتعتبر الهدف الأساسي من تغيير استخدام «النيش» المعتاد هو الثورة على العادات الشرائية لأدوات العروس.
«النيش» والصحة النفسية
«مش مهم هنبدله بإيه، المهم إنه يكون مستخدم» هذا ما أوضحته نوسة صبري، معالجة نفسية بالديكور ومؤسسة تخصص العلاج النفسي بالديكور في مصر، وذلك لتجنب الأضرار النفسية للمساحة غير المستغلة لـ«النيش» على الموجودين بالمنزل، فالعلاج بالديكور المعروف بـ«مشاعر البيت»، يتم من خلال 3 خطوات نفسية (سيكولوجية)، منها جلسات نفسية لاتزان المشاعر الخاصة بالمكان، طاقة المكان والديكور، وإعادة التدوير.
وتكمن مشكلة «النيش» في أنه يضم الكثير من المحتويات دون استخدام، وهذا ما يعرف بـ«الطاقة المكتنزة» وهي من أكبر الطاقات السلبية تأثيرا على الأشخاص، ويمكن التغلب على هذا الأمر من خلال استغلال الطاقة وتحويلها إلى أخرى مستخدمة، مثل استخدام محتويات «النيش» أو استبدالها بمحتويات أخرى مستخدمة، كما قالت لـ «باب مصر».
تؤثر الألوان ومدى تناسقها أيضا على الصحة النفسية، وتختارها المعالجة النفسية بالديكور على حسب الصدمة النفسية من المكان واتزان المشاعر، والتي تختلف من شخص إلى آخر، مشيرة إلى أن اللونين البرتقالي والأصفر هم الأنسب بشكل عام للمساعدة على التركيز وتحفيز الأطفال.
تطرقت صبري للحديث عن أزمة مقتنيات العروس الزائدة عن احتياجاتها من أجهزة وأدوات باعتبارها الأزمة الأساسية في الشعور بالطاقة السلبية في المنزل، وليس «النيش» نفسه، “لو هو مستخدم مفيش مشكلة”.
ولتحويل «النيش» بنجاح إلى مكتبة وتأثيره على الحالة النفسية بشكل إيجابي، يتطلب ذلك عدة خطوات منها أن يكون الزجاج شفافا، ويتم رص الكتب بشكل رأسي، فكلما كان الكلام المكتوب على الكتاب واضحا سهل من مهمة قراءته في أسرع وقت، وبالتالي عدم استهلاك طاقة عالية، وهذا ما يسمى بعلم «التجريد» المعنى باقتصار وجود الأشياء المستخدمة فقط بالمنزل كما قالت صبري.
تعليق واحد