“المنصورة” منصورة.. حكايات انكسار الفرنسيين أمام “جزيرة الورد”

تصوير: دينا البلتاجي
“جزيرة الورد” هكذا أطلق عليها قديما، ذلك هو الاسم الذي كان يطلق على مدينة المنصورة، التي تقع شمال شرق الدلتا والمطلة على أحد فرعي النيل “فرع دمياط”.

سميت بهذا الاسم منذ عام 1219 ميلاديا، لإحتواها على أكبر حديقة للورود على مستوى مصر، وكذلك لاحاطتها بالمياه من ثلاث جهات آن ذاك، مما ساهم في جعل تربتها من أكثر الترب خصوبة، وازدهارا بالأنواع المختلفة من الأزهار.

هي “المنصورة” حاليا عاصمة محافظة الدقهلية، التي تحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط، ومحافظة القليوبية جنوبا، وتتاخمها شرقا محافظتي الشرقية وكفر الشيخ، وتجاورها غربا محافظة الغربية، وتبعد 120 كم عن شمال شرق القاهرة.

الحملة الصليبية السابعة

إيبان الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع، ملك فرنسا، أمر جنوده بمحاصرة مدينة دمياط.. وفي رد فعل سريع من الملك الأيوبي الكامل ناصر الدين محمد بن العادل أبو بكر بن أيوب.. وجه جنوده وأمرائه إلى إقامة السدود والسواتر بموقع جزيرة الورد عند مفترق النيل بين دمياط وأشموم.. وإحاطتها بالأسوار، لتكون خط الدفاع الأول، ضد أي محاولة فرنسية للتقدم خارج مدينة دمياط.
كما بنى في ذات الموقع قصرا لسكناه، وسميت بالمنصورة تيمنا بالإنتصار على الفرنسيين.
وبقي بها الملك الكامل حتى أسترجع مدينة دمياط من قبضة الحملة الفرنسية. ثم أصبحت مدينة كبيرة، بنيت بها الأسواق والمساجد، وما إلى ذلك.

الدقهلية قديما

يحكي سامح الزهار، الباحث في شئون الآثار الإسلامية والقبطية، أن التاريخ يؤثر تماما على الجغرافيا.. فبعد الفتح العربي لمصر، تغير تاريخ المنطقة.. فكانت مساحة الدقهلية ليست المساحة الموجودة عليها حاليا.. بل كانت تنقسم إلى إقليمين. إقليم الدقهلية وإقليم المرتاحية.. والدقهلية كانت تبدأ من فارسكور ثم المنزلة والمطرية ودكرنس.. وكان يسمى إقليم الدقهلية نسبة إلى قرية دقهلة.. وهي قرية مهمة في هذا التوقيت.
بينما القسم الثاني كان إقليم المرتاحية الذي كان يضم مدينة المنصورة والمنطقة المحيطة بها وصولا إلى حدود مدينة أجا.
يوضح الزهار، “رأى القائمين على الدولة أن لابد من حدوث توحيد للإقلمين، ليكون إقليم واحد قوي سياسيا وعسكريا وإقتصاديا، لذلك قرروا عمل مزيج بين الإقلميين ليصبح إقليم واحد ليكون اسمه “أعمال الدقهلية والمرتاحية”، وتم تغير العاصمة لتصبح العاصمة “أشمون الرمان”، لما لها من جذور تاريخية كبيرة.

العصر العثماني

وفي بدايات العصر العثماني، قرروا استخدام اسم الدقهلية فقط لكبر اسم “الدقهلية والمرتاحية”، وتكون عاصمتها “المنصورة”، المنصورة التي أنشأها الملك الكامل ابن العادل، بعد نجاح الحملات الصيبلية ما قبل الحملة السابعة تحديدا، في الدخول إلى مدينة دمياط وإسقاطها، حينها قرر السلطان الكامل اختيار منطقة قريبة من النيل لتكون حصينة لجيشه وللأسطول البحري، وتم اختيار “المنصورة” وسماها المنصورة قبل النصر على الصلبيين تيمنا بفكرة النصر.
كانت الحملة الصليبية لها عدة اشتراطات للخروج من مصر، منها ألا يتم ملاحقتهم ويتم خروجهم بدون شروط، ولكنهم كان لديهم نازع انتقام من المنطقة التي تسببت في خروجهم من مصر وهي “المنصورة”، لذلك قرروا الذهاب إلى دمياط مرة أخرى وسقطت دمياط للمرة الثانية على يد الصلبيين، ثم وصلت الحملة على حدود المنصورة واعتقدوا حينها أنها سهلة الدخول.

خطة محكمة

ولكنهم لا يعلموا بالخطة المحكمة التي وضعها أهل المنصورة للتصدي للحملة الفرنسية، التي تشبه ما يكون بحظر التجوال، فدخلت القوات الصليبية المنصورة، واتضحت الخطة ونزل أهل المنصورة مع جيش  الملك الكامل، وتم حصار الحملة الصلبية في شوارع وحواري المنصورة، وتصدى أهل المنصورة لهم بدون أسحلة، وكما قيل على لسان مؤرخين أن النساء استخدمت الأدوات المنزلية، وقامت القوة الشعبية بأسر لويس التاسع في دار ابن لقمان.
وفيما بعد مثلت تلك المنطقة قاعدة لإقليم الدقهلية، ومقرا لديوان الحكم، في بداية عصر الدولة العثمانية عندما أصدر سيلمان الخادم والي مصر، أمرا بنقل ديوان الحكم من بلدة أشمون الرمان إلى مدينة المنصورة، وذلك في عام ٩٣٣ هجرية.
كما بني أول قسم المدينة عام ١٨٧١ ميلادية، وفيما بعد أصبحت مركزا منفصلا له مأمورية خاصة من قبل نظارة الداخلية.
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر