قصر توفيق باشا بالأقصر.. شاهد على دور عائلة "أندراوس" في ثورة 19
في عام 1879 شيدت عائلة “أندراوس” قصر توفيق باشا، خلف معبد الأقصر على كورنيش النيل، ليكون أحد القصور التاريخية، وشاهدا على حكايات وطنية؛ حيث استقبل قصر توفيق باشا أندراوس رموزا تاريخية، ويرجع تأسيسه إلى أعرق العائلات، التي نزحت من قوص إلى الأقصر، وامتلكت العديد من الأراضي بالمحافظة.
عائلة أندراوس باشا
يقول عبد المنعم عبد العظيم، الباحث الأثري، نزحت عائلة أندراوس باشا، التي تعود أصولها إلى عائلة بشارة، من مركز قوص إلى الأقصر للعمل بالتجارة، حيث كانت العائلة تشتهر بالعمل والتجارة والزراعة، وكان أعضاء العائلة من أكبر التجار بطريق البحر الأحمر وآسيا والسعودية، وصنعوا لهم صيتا وشهرة بالمحافظة، وكانوا أول من أسس الفندقة، حيث لم يكن بالأقصر سوى فندق “الوينتر بلاس” الذي أسسه الإنجليز، لكن عائلة أندراوس أسست فندق نيو الأقصر، والأقصر أوتيل وغيرها.
تزوج أندراوس باشا وأنجب توفيق باشا ويسي باشا، وظل يعمل بالتجارة، واشترى العديد من الأراضى الزراعية، التى أسس عليها الكنائس والمدارس والمساجد أيضا، إضافة إلى امتلاك العائلة ما يزيد عن 30 فدانا بجوار جزيرة الموز غرب الأقصر، و700 فدان موزعة بمناطق مختلفة، منها ما أقيم عليها مسجد أبو الحجاج، بجانب اراضي أقيمت عليها مؤسسات، حيث كانوا من هواة العمل الخيري، وإنشاء الجمعيات الخيرية، وأسس أندراوس أول قصور بالمحافظة، قصر ليسي باشا وآخر لتوفيق باشا، لكن قصر يسي تم هدمه أيام محافظ الأقصر السابق سمير فرج، ضمن خطة تطوير، وظل قصر توفيق باشا، الذي تم تأسيسه على طراز إيطالي، حيث حمل بداخله العديد من الرسومات الإيطالية على الأسقف والحوائط.
وسلك أبناء أندراوس باشا طريق السياسة، حيث حصل يسي باشا على البكوية ثم البشوية، كما حصل توفيق باشا على البشوية، وكانت له مواقف وطنية يتذكرها التاريخ، حيث كان توفيق عضو مجلس النواب لثلاث دورات متتالية دون منافس منذ عام 1923 إلى 1935، ولم يجرؤ أحد على الترشح أمامه حيث عرف بوطنيته، وأطلق عليه “سبع الصعيد” بعد مبايعته لسعد زغلول باسم المسيحيين، وكان يتولى إدارة مؤتمرات حزب الوفد، وكان يتبرع بالأراضي والأموال لصالح خزينة حزب الوفد، ويذكر له التاريخ تصديه للحكومة أثناء رفضها استقبال زعيم الأمة سعد زغلول أثناء مروره بالأقصر، لكن توفيق باشا استقبل زغلول بقصره، وقال جملته الشهيرة “احنا هانرجع سعد بالقوة، وأنا عندى رجالتي”.
وأضاف الباحث الأثري أن عائلة أندراوس كانت من العائلات الوطنية، واستضاف قصر توفيق باشا، بجانب سعد زغلول، كلا من: محمد عبده، وامبراطور أثيوبيا، وجميع قناصل الدول، لافتا أنه يقال أن توفيق كان من مؤسسي ثورة 1919.
وتزوج توفيق باشا وأنجب “جميل وجميلة وصوفي ولودي” حيث توفى جميل وهو فى ريعان شبابه، ولحقت به شقيقته الكبرى “جميلة”، وظلت لودي وصوفي بقصر توفيق باشا، حيث درسا بالمدارس الفرنسية، ورفضتا الزواج من المتقدمين لهما لعدم مناسبتهم مع أصولهما البشوبة، كما تقدم امبراطور الحبشة لأحدهما لكنها رفضت خوفا من الاغتراب، وظلتا بالقصر، حتى عثر عليها مقتولين داخله، دون معرفة القاتل أو السبب في ذلك، ليظل لغز مقتلهما حتى الآن، وكان عمر لودي “80 عاما” وصوفي “82 عاما” وتم دفنهما بمقبرة العائلة، التي يطلق عليها “مقبرة الأقباط” بمدخل الأقصر.
ويشير “عبد العظيم” إلى أن قصر توفيق باشا يعد من أقدم وأعرق القصور بالأقصر، وهو معروض للبيع الآن من قبل ابن عمهم بفرنسا بمبلغ 27 مليون جنيه، لكن كان على المحافظ استغلاله ورفض بيعه، لأنه قيمة أثرية يمكن استغلاله في صالح المحافظة، حيث يمكن تحويله لمتحف، أو معرض للفنون الجميلة، ومن ضمن ما يحويه سيارة من طراز فريد صممت خصيصا لتوفيق باشا وما زالت بداخل القصر حتى الآن.