صور| من “الكونت زيزينيا” إلى “تياترو محمد علي” محطات في تاريخ “أوبرا الإسكندرية”

في أحد أقدم الشوارع التراثية في الإسكندرية، تحديداً في شارع فؤاد بمحطة الرمل، وأمام بوابته الرئيسية، توجد لافتة كتب عليها “مسرح سيد درويش”، “أوبرا الإسكندرية”، وعندما تخطو خطوات من البوابة الرئيسية يواجهك مبنى يلفت النظر إلى جمال طرازه وبوابته الحديدية المزخرفة وإضائته المبهرة ليلا التي تضفي جمالاً على المبنى التراثي.

وأعلى المبنى تجد نقوشا محفورة باللغة الإنجليزية تقول “تياترو محمد علي” وفي ساحته يجلس شامخاً تمثال “نوبار باشا” ولا يفوتك التقاط الصور التذكارية بجواره، ويدفعك جمال هذا المبنى إلى أن تتسائل من قام ببنائه؟ وماذا كانت وظيفته في الماضي قبل أن يتحول إلى “أوبرا في الإسكندرية”.

تياترو “الكونت زيزينيا”

تياترو زيزينيا من الصفحة الرسمية للموقع الملك فاروق

ويذكر د.سيد علي اسماعيل، أستاذ بكلية آداب جامعةحلوان، في مقال له بعنوان “تاريخ مسرح زيزينيا “في العدد468 من جريدة مسرحنا أن “مسرح الكونت زيزينا -قنصل دولة بلجيكا، وأحد كبار تجار الإسكندرية الذي حملت منطقة زيزينا في الإسكندرية اسمه-الذي شيد بعد ذلك في مكانه “تياترو محمد علي” – يعد أول بناء مسرحي خاص – في العصر الحديث – لا يتبع الحكومة المصرية، وارتبط اسمه وتاريخه بمدينة الإسكندرية”.

وافتتح في عهد الخيديوي إسماعيل عام 1863م وظل يملكه الكونت زيزينيا حتى عام 1882.

أهمية تياترو “زيزينيا”

ويذكر إسماعيل في مقاله، موضحا الأهمية الكبرى لهذا المسرح قائلا “أخبرتنا الصحيفة الإيطالية (أفينير دي إيجيتو) – التي صدرت في الإسكندرية بتاريخ 14/3/1871 أن في هذا المساء سيتم عرض الأوبرا الكوميدية (ماسات التاج) في ثلاثة فصول، من تأليف دانيال أوبر، وهي الأوبرا التي عُرضت لأول مرة في باريس عام 1841.

كما أوضح”وجود وثيقة – بدار الوثائق القومية – مؤرخة في عام 1874، موقعة من خيري باشا أحد كبار رجال الخديوي إسماعيل، هذا نصها: “من خيري باشا إلى محافظ الإسكندرية بالموافقة على إرسال الموسيقى العسكرية بتياترو زيزينيا بالإسكندرية في ليلة 19/9/1874 حيث إنه سيعمل ألعاب من طرف الشركة الإيطالية”. وهذا يعني أن مسرح زيزينيا يحظى بالاهتمام الرسمي”.

عروض مسرحية

وفي مقاله أشار إلى أن مسرح زيزينيا شهد أول عرض مسرحي عربي لفرقة سليم نقاش في ديسمبر من العام 1876 والذي وفقا للمقال أفردت له جريدة الأهرام مساحة خاصة في عددها الصادر بتاريخ 16/12/1876، تحت عنوان (الروايات العربية)، كما شهد هذا المسرح خطبة مصطفى كامل باشا 1897 م

كما شهدت خشبة مسرحه العديد من النجوم مثل سارة برنار التي عرضت روايتها بالتياترو عام 1888 و علي هذا المسرح شاهد الخديوي عباس حلمي الثاني جورج أبيض ناظر محطة سيدي جابر وقتها، وهو يمثل مع فرقة أبناء مدارس الفرير المسرحية والتي كانت تقدم أعمالا باللغة الفرنسية. وبعدها وافق الخديوي علي سفر جورج أبيض إلي فرنسا لدراسة المسرح عام 1904 وفقا للصفحة الرسمية على الفيس بوك للموقع فؤاد الأول .

أول فونوغراف في مصر

ويذكر د.سيد علي إسماعيل-استاذ بكلية آداب جامعة حلوان- في مقال له في العدد468 من جريدة مسرحنا أنه” في يناير 1882 شهد مسرح زيزينيا أول آلة (فونوغراف) تدخل مصر، ويتم عرضها على الجمهور مقابل تذاكر ونقود؛ بوصفها تمثيلاً أو محاكاة للأصوات، أو نوعاً من السحر، أو أعمال الحواة, تحت عنوان (الفونوغراف) قالت جريدة (الأهرام): ” سيقدم المسيو بارجون الحاوي الشهير في تياترو زيزينيا ليلة شائقة. بها يجري الألعاب الغريبة ويستخدم الآلة العجيبة الفونوغراف

وتذكر الصفحة الرسمية على الفيس بوك للموقع فؤاد الأول أن ملكية “مسرح زيزينيا” انتقلت إلي البنك الإنجليزي المصري ثم إلي البارون جاك منشه ثم لشركة العقارات ثم إلي شارل باكوس و أخيرا إلي الأمير يوسف كمال حتي عام 1916 ثم آلت ملكيته إلي اللبناني بدر الدين قرداحي بك و الذي أنشأ مكانه تياترو محمد علي عام 1918

“تياترو محمد علي”

وفي مكان مسرح الكونت زيزينا الشتوي شيد “تياترو محمد علي” المعروف حالياً بدار أوبرا الإسكندرية أو مسرح سيد درويش عام 1918 وافتتح عام 1921، وما زال الاسم القديم مدونا على اللوحة التأسيسية للدار علي واجهتها الرئيسية وذلك وفقا للموقع الرسمي للدار الأوبرا المصرية على الانترنت.

وتم تصميم المبني على الطراز المعماري الأيوني، المهندس الفرنسي الشهير “جورج بارك” الذي استوحى تصميمه المعماري من تصميم دار أوبرا فيينا بالنمسا ومسرح أوديون في باريس، كما قام بتزيينه بزخارف أوروبية كلاسيكية الطابع كما كان سائدا في مصر بداية القرن العشرين .

وقدمت عليه عروض مسرحية وموسيقية عديدة مصرية وأوروبية، وقد كان أول عرض مسرحي قدم عليه هو عرض شهرزاد في 30 من يونيو 1921.

وتسمى دار أوبرا الإسكندرية حاليا باسم فنان مدينة الإسكندرية الكبير “سيد درويش” وذلك اعتبارا من عام 1962م. تقديرا له علي تحديثه في مجال الموسيقي في مصر.

وتم تسجيل المبني في عداد المباني التراثية  في المدينة في عام 1999، وذلك بعد أن عانى المسرح فترات من الإهمال وفي عام 2000 كان المبنى المهمل أدرج تحت قائمة التراث المصري وبدأت العمليات المكثفة لتجديده، وبعد عدة سنوات من العمل تم ترميم المبنى وفقا لأسلوب بنائه المتميز ليعاد افتتاحه عام 2004 .

تصميم وسقف أوبرا الإسكندرية من الداخل

وداخل مسرح “أوبرا سيد درويش” المهيب تملأ أركانه الموسيقى والسيمفونيات و الأغاني الراقية التي تحترم جمهورها ويحترمها فالدخول هنا بالملابس الرسمية. 

وفقا للموقع الرسمي لدار الأوبرا، يتكون المسرح من ثلاثة طوابق تبدأ بالصالة في الطابق الأرضي ثم “اللوجات” و”البناوير”، وتعلو صالة العرض قبة مستديرة يحيط بها شريط زخرفي باللون الذهبي كتبت عليه أسماء فنانين أوروبيين، كان المسرح عرض أعمالهم هم النمساوي  موتسارت و الإيطالي فيردي وأشهر أعماله أوبرا عايدة و الموسيقي الألماني فاجنر والموسيقين الفرنسين بيرلوز وبيزية وجونو والإيطالي روزيني والألماني جلوك .

أوبرا “عايدة”

هي الأوبرا التي ألفها فيردي في افتتاح الخديوي اسماعيل لقناة السويس وبدأت بإكتشاف الفرنسي عالم الأثار الفرنسي أوجست مريتا مخطوطا في وادي النيل لقصة حب فرعونية الفت بعد ذلك في 4 صفحات تم ترجمت بعد ذلك إلى الإيطالية وعهد إلى الموسيقار فيردي بتكليف من الخديوي اسماعيل بتأليف الأوبرا مقابل أجرا مادي 150 ألف فرنك من الذهب وذلك وفقاً لما ذكرته  الموسوعة البريطانية.

وللمزيد من المعلومات عن هؤلاء الموسيقين وأعمالهم من هنا

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر