في ذكرى ميلاده.. البحث عن يوسف شاهين في الإسكندرية
تزامنًا مع عروض سينما الأحد في مكتبة الإسكندرية، وتخصيصها مساحة لسينما يوسف شاهين في الفترة ما بين ديسمبر 2017 و يناير 2018؛ نلقي نظرة على المدينة التي سحرت يوسف شاهين وبقيت معه.
جو وعروس البحر
ولد شاهين في 25 يناير عام 1926، في مدينة الإسكندرية، لأسرة متوسطة، والده من أصل لبناني كان يعمل محاميا، ووالدته من أصل يوناني ،وكان بيت أسرته يتحدث أربعة لغات، وتربّى على المذهب الكاثوليكي.
حصل على تعليم جيد، بدأ دراسته في كلية (سان مارك) الفرنسية بالإسكندرية، وفي المرحلة الثانوية التحق بمدرسة “فيكتوريا كولدج” الإنجليزية، والتي قابل فيها الفنان عمر الشريف.
كلية سان مارك
في منطقة الشاطبي أحد أعرق أحياء الإسكندرية، يطل جانب من بنائها الضخم على البحر، وتمتد حتى شريط الترام ذات الطراز المعماري الفخم،والتي تعد أقدم وأعرق المدارس الفرنسية للبنين في الإسكندرية، إذ تأسست عام 1921 في عهد الملك فؤاد.
رابط لمعرفة المزيد عن كلية سان مارك
مدرسة فيكتوريا كولدج
شيدت المدرسة في الأزاريطة بالشاطبي، وتم جلب أمهر المدرسين من خريجي كامبريدج وأوكسفورد، ثم انتقالها إلى السيوف على مساحة 18 فدانًا. المدرسة العريقة شيدها المعماري السكندري الإيطالي هنريجورا، على الطراز الإنجليزي الذي أدخل معه ملامح فن العمارة الإسلامية والتي شهد اللورد كرومر افتتاحها الرسمي عام1907.
رابط لمعرفة المزيد عن كلية فيكتوريا كولدج
في نفس المربع الذي درس فيه شاهين في منطقة الشاطبي على الكورنيش؛ يقع العقار الذي عاش فيه بعد ذلك مع شقيقته، كما توضح لنا الزهراء عوض – مرشدة سياحية وباحثة في تراث الإسكندرية – وهذا العقار الذي اشتهر بين المواطنين براقودة لوجود “مطعم راقودة الشهير أسفله”، و الذي تم إخلائه منذ أربعة أشهر استعدادًا لهدمه.
رابط فيديو https://youtu.be/rEmjEYWQNP0
أوضح أحد ساكني العقار – فضل عدم ذكر اسمه – أن هذا العقار يعتبر ملكية خاصة، ولم يمر عليه 100 عام، ومن حق المالك التصرف فيه، ولقد اتفقنا معه برضائنا على إخلائه مقابل مبلغ مالي، ولا أرى شيء سيء في ذلك فهي عمارة قديمة، ويريد المالك هدمها لتجديدها فهي ليست عمارة تراثية.
بينما أعرب سيد خليل، حارس بالعقار، مكث شهرين فقط قبل إخلائه، عن حزنه عن إخلاء العقار التراثي الموجود قبل خمسينات القرن الماضي، فهو يتحسر على هدم عقار بهذا الجمال حتى يتم تشييد برج سكني بدلًا منه، متسائلا هل يعقل هذا؟
أوضحت الزهراء عوض، مرشدة سياحية وباحثة في تراث الإسكندرية، معلومات هامة عن هذا العقار التراثي أولها إنها اسمه “راقودة” فهذا الاسم اكتسبه مؤخرا من المواطنين لوجود مطعم راقودة أسفله، لكن كان يطلق عليه فترة الحرب العالمية الثانية اسم “مونت كارلو” أو “تيك تاك بوم”، والعقار أنشأ في ثلاثينيات القرن الماضي على طراز “آرت ديكو”، وهو عقار مسجل في سجل التراث.
وتابعت: بالفعل بدأت أعمال هدمه في الأيام الماضية، لكن وسط الحملات التي دشنت على مواقع التواصل الاجتماعي واعتراض كثير من المثقفين والمدافعين عن تراث الإسكندرية وغضب المواطنين؛ أعلنت محافظة الإسكندرية في 16 ديسمبر 2017 بوقف أعمال هدم العقار وتشكيل لجنة لإعادة النظر في أمره وإصلاح ما تم إتلافه.
شاهين المخرج
سافر شاهين إلى الولايات المتحدة حيث درس الفنون التمثيلية بكلية (مسرح باسادينا) بكاليفورنيا. وبعد عودته لمصر قرر أن يتحول للإخراج، وساعده المصور (ألفايس أورفانيلّي) في البدء بالعمل في السينما. أخرج أول فيلم له (بابا أمين) عام 1950 في سن 23، تلاه فيلم (ابن النيل) الذي دُعي فيه لمهرجان “كان” السينمائي للمرةالأولى.
بعد قيام ثورة يونيو كان فيلمه (صراع في الوادي) الذي قدم فيه النجم العالمي (عمرالشريف) للمرة الأولى على الإطلاق. صنع بعدها عددًا من الأفلام حتى عام 1958، حين صنع أحد العلامات السينمائية وهو فيلم (باب الحديد).
في عام 1963 أخرج فيلم “الناصر صلاح الدين”، صنع فيلمًا حربيًا ملحميًا كان سببا في إفلاس المنتجة آسيا منتجة الفيلم، عدة سنوات اصطدم شاهين مع السلطة في عهد عبدالناصر، الأمر الذي أدى به إلى الانتقال إلى لبنان بعد فيلم (صلاح الدين) مباشرةً، حيث صنع فيلمين هما (بائعة الخواتم) وهو فيلم موسيقي من بطولة فيروز، ورمال من ذهب،هو فيلم موسيقي فشل نقديًا وأجبره على العودة إلى مصر.
بعد حدوث النكسة مباشرةً صدر فيلمه (الأرض) بعده فيلمين متتاليين هما (الاختيار) و(العصفور)، قدم رؤيته عن أسباب الهزيمة عام 1976 بعد النصر قدم فيلم “عودة الابن الضال”، وفقا لموقع سينما جراف.
إسكندرية في أفلام شاهين
للإسكندرية سحر خاص لدى جو؛ فهي مسقط رأسه، عاش فيها فترة الطفولة والمراهقة، فلم يكن غريبا أن يحمل أكثر من فيلم له اسم الإسكندرية، و الذي احتوى بعض منها على أجزاء من حياة شاهين نفسها، ونال جائزة الدب الفضي بمهرجان برلين والأفلام عن فيلم “إسكندرية…ليه؟”، ثم أخرج بعد ذلك “إسكندرية كمان وكمان” و”إسكندرية نيويورك”، تلاه بعد ذلك بسلسلة من الأفلام الناجحة منها فيلم “اليوم السادس” بطولة المطربة داليدا، و”المهاجر”،” والمصير”، و”الآخر”، وكان آخر أفلام شاهين هو فيلم “هي فوضى” عام 2008 .
وفاته
أصيب يوسف شاهين عام 2008 بنزيف في المخ نقل على إثره إلى باريس لإسعافه، لكن فاضت روحه في يوم 27 يوليو عام 2008 عن عمر يناهز 82 عامًا، دفن في مقابر الكاثوليك بالشاطبي في الإسكندرية، كتب على قبره أبيات من أغنية فيلمه حدوته مصرية “لا يهمني اسمك، لا يهمني عنوانك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان”.
14 تعليقات