"إيليت" مطعم النجوم.. هل يناله بلدوزر"هدم التراث"؟

في شارع صفية زغلول بمنطقة محطة الرمل يقبع مطعم إيليت، الذي يأخذ شكل الكوخ الخشبي، تزين جدرانه الداخليه مجموعة من اللوحات الزيتية التراثية، التي لا تقدر بثمن.
في مرحلة من مراحل الزمن الجميل، كان إيليت، الذي شيدته  اليونانية كريستينيا عام 1953، واحد من أهم الأماكن التي يلتقي فيها كبار المثقفين والفنانين.

كان لونه في بداية تشييده لافتا للنظر، بللافتة الزرقاء وأبوابه البيضاء، وكان طابقًا واحدًا فقط، وبعد وفاة مالكته اليونانية السيدة كريستينا عام  2005، ورث المطعم إيريني وأليكس دميتري، كما تم توكيل رؤف هارون من إيريني عام 2008 بإدارة المطعم، وشيد طابقًا فوقه “صالة ديسكو”، وغير لونه من الأزرق والأبيض إلى “الجملي” و”البني”.


ومما يذكر أنه بعد ثورة يناير 2011 رفعت دعوى قضائية من أحمد حلمي، وكيل أليكس ديمتري، نجل صاحبة المحل، ضد إدارة المطعم يتهمهم فيها بهدم حوائط تراثية، واختفاء لوحات تراثية نادرة داخل المطعم، كانت تضم أعمالًا نادرة لبيكاسو الأخوين سيف وأدهم وانلي ولوحة للفنان الفرنسي “باراك”، إضافة إلى سقف المطعم المرسوم باليد، ولذي اعتبره المحامي في دعوت ” هدم للمعالم وتراث المدينة”.

وقبل أيام انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي شائعة “هدم إيليت” من قبل شركة تسويق عقاري شهيرة، تورطت من قبل في هدم سينما ريالتو وتحويله إلى مطعم أكلات شعبية شهير.
وفي الحقيقة فإن “مطعم إيليت” إذا مررت بجانبه تجده مغلقا، وعلى بابه وضع “الشمع الأحمر”، يقول محمد السيد، أحد سكان المنطقة المجاورة للمطعم، صاحب محل “خروب آمال”، “أننا سمعنا أن الآثار رافضة الهدم رغم محاولات شركة ستانلي للتسويق العقاري أخذ المطعم، الذي يقع على بعد خطوات من أرض سينما ريالتو، التي هدمتها لبناء مول”.
ويضيف”إيليت” الأصلي هو الذي كان من طابق واحد، ولونه أزرق مع أبيض، لكن الموجود حاليا استأجره أو أداره شخص آخر من الورثه، فغيّر لونه، وبنى طابقًا آخرًا وأنشأ “صالة ديسكو”.
بينما يقول ميشيل شمس، وكيل أليكس ديمتري، أحد أقارب الورثة، إن المطعم ليس للبيع وأصحابه لا يزالون أصحابه بالوثائق، وسيأتون خلال هذا الشهر لحل مشكلة التراخيص المطلوبة للسياحة وإعادة افتتاحه، خاصة بعد المخلفات والتعديات الكثيرة التي أجراها رؤوف هارون.
يضيف شمس، بسبب تلك التعديلات رفعت ضده دعاوى قضائية للتعديات التي أجراها، منها أنه جعل مكان مطبخ إيليت عصائر مكة، والنافذة التي كانت في الخلف أجّره لـ”كنافة على الفحم”، وخلفية المطعم أجره لـ”مقهى بلدي”.
غير أن “صالة الديسكو” وماحدث فيها من جريمة قتل سابقة أضرت بسمعة المطعم التراثي، إضافة إلى إخفائه اللوحات الأثرية والتراثية التي لا نعرف أين هي، وكل ذلك دون علم الورثة، على حد قوله.
ويستكمل ميشيل “عندما علموا رفعوا دعاوى قضائية، لغلق كل التعديات على تراث “إيليت”، وغادر هارون إلى أمريكا لتورطه في كل ذلك، ومن المفترض أن يأتي  أليكس دميتري من فرنسا إلى الإسكندرية، الإسبوع بعد المقبل، وهو في الأصل فنان تشكيلي، ولا يمكن هو أو أخته أيريني أن يضحوا بتاريخ هذا المكان، وفي نيتيهما إعادة إيليت إلى شكله القديم.

ويوضوح أن كل ما يتردد بخصوص بيع إيليت لـ”ستانلي” أو غيرها أمر يفتقد الصدق،  متسائلًا: كيف نضحي بمكان آثري وتراثي؟ وكيف نعهد إلى شركة متورطة في دعاوى قضائية بسبب هدم سينما ريالتو التراثية، لتقيم مول تجاري؟
يختتم حديثه: لدينا جميع الوثائق، والبيع والهدم لن يحدث، وسأعلق بسبب هذا الأمر ورقة تشير أن “إيليت ليس للبيع”.
وعن القيمة التراثية للمطعم وشارع صفية زغلول وارتباطه بذكريات لديها تقول الزهراء عادل أحمد، مرشدة سياحية، باحثة في تراث الإسكندرية، شارع صفية زغلول (المسلة سابقا) أشهر شوارع الإسكندرية، ومرتبط بذكرياتنا الجميلة منذ الطفولة، اشتهر بالسنيمات المميزة مثل سنيما مترو وسنيما ريالت، والتي مع الأسف تعرضت للهدم دون سبب واضح، وتغيرت معالم الشارع.
تتابع الزهراء: من المعروف أن معظم مباني الشارع في المنطقة ما بين شارع السلطان حسين وشارع فؤاد، هي ملك الكنيسة اليونانية، وهي من تبيع الأراضي الآن لبعض الشركات المهتمة بالاستثمار العقاري، بغض النظر عن الأهمية التاريخية للمباني وتراث المدينة، بحسب قولها.
وتشير إلى أن أن مطعم وبار إيليت يعد ضمن أشهر الأماكن التراثية بشارع المسلة، وكان كان يسمى بالكشك الخشبي أو المركب، فقد أسسه الخواجة اليوناني فيليب كوستانتينو، في اوائل القرن العشرين، واستاجر الأرض من الكنيسة اليونانية المالكة، وعمل فيه مع مدام كرستين وايريني وكانت تديره مدام كرستين وزوجها ميخال إلى أن رحلت في عام 2005 ودفنت بمقابر الجالية اليونانية بالإسكندرية، وكانت من المهتمين بالشعر والفن وكانت من أكثر المحبين للشاعر اليوناني قسطنطين كفافيس.
في الوقت نفسه فى محب عبد الباري، المدير التنفيذي لمجموعة شركات ستانلي صحة ما تردد بشأن شائعة شراء مطعم إيليت بمنطقة محطة الرمل، موضحًا أن الأمر غير مطروح- أصلًا- ضمن خطة الشركة.
يتابع عبدالباري أن الشركة تسعى خلال الفترة المقبلة الكشف عن رؤيتها كاملة للمجتمع السكندري بشأن موقفها من الحفاظ على التراث والقيم المعمارية الأصيلة، وأن المجتمع السكندري سيكون شريكا أساسيا في معرفة رؤيتها في الحفاظ على تراث وتاريخ المدينة.
يضيف “نقدم نموذج الآن داخل حدائق المنتزة بعد افتتاح مبنى الرويال هاوس، الذي تم تطويره بقيمة 40 مليون جنيه، ليعكس مدى فهمنا لقيمة تاريخ المكان وهويته، بحسب قوله.
ويشتهر مطعم وبار إيليت أنه ملتقى الشعراء والفنانين، مثل سيف وأدهم وانلي وديمسيس روسوس وداليدا ونجيب محفوظ ويوسف شاهين وأم كلثوم، وكان يأتي إليه سياح من جميع أنحاء العالم لزيارة المكان، لتاريخه وشهرته في أوائل القرن العشرون.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر