موسم الحكاوي 9| تاج الجزيرة «السلطانية»

شخصيات حكاية “السلطانية: مرزوق: حطاب فقير- أم شوق: زوجة مرزوق- الخياط: جار مرزوق (الحاقد عليه)– شيخ الحارة- حاكم الجزيرة.

حياة هادئة

تحكي أم أشرف، 68 عامًا، ربة منزل، من عزازية دشنا، حكاية مرزوق الحطاب البسيط، الذي عاش في إحدى حارات الإسكندرية في فترة مصر المحروسة، يخرج مرزوق في الصباح الباكر من منزله بحثا عن قوت عياله، يحمل فأسه ويضع سلطانية الطعام الفارغة فوق رأسه بعد أن يربطها بالشاش لتكون مثل العمامة، يقصد الحقول والغابات لقطع الأخشاب وبيعها نظير قروش زهيدة، فإذا ما فرغ من عمله اشترى بتلك القروش بعض الفول والخبز ووضعهم في السلطانية ليعود إلى أسرته الصغيرة ليأكلوا في هناء، وإذا ما انتهوا من طعامهم، راحوا يغنون ويرقصون وقد تحولت السلطانية إلى طبلة، وكانت ضحكاتهم وغنائهم تصل إلى مسامع الجار الخياط، والذي كان يعاني من التعاسة بالرغم من ثرائه الواضح إلا أنه نادرا ما كان يضحك، فحقد الخياط على مرزوق وأسرته وتمنى لو استطاع أن يطرده من الحارة.

مكيدة الخياط

في صباح أحد الأيام خرج مرزوق كعادته، بعد أن ودعته أم شوق زوجته وطلبت منه أن يشتري بعض السمن لعمل الكنافة، ولكن بعد خروج مرزوق بفترة وجيزة وقبل أن يغادر حدود الحارة، ألحقت به أم شوق فزعة وتخبره أن الخياط حضر ومعه شيخ الحارة والفتوات، “وطردونا من بيتنا علشان مش بندفع المعلوم”، فغضب مرزوق وأراد أن يرجع لمواجهتهم فصرخت قائلة: لقد أقسم الفتوات أنهم لو وجدوك لأوسعوك ضربا حتى الموت، فاهرب، أما أنا فسوف ألجأ إلى بعض أقربائي في الحارة المجاورة، وهنا ودع مرزوق أسرته والدموع تترقق من عينيه.

البحر يغضب

وصل مرزوق إلى شاطئ البحر وركب سفينة مسافرة، تتحرك السفينة ويتحرك معها قلب مرزوق والذي ترك أسرته خوفا على حياته بسبب حقد الخياط عليه والذي دس له عند شيخ الحارة والفتوات ليقتلوه بلا جريمة، غير أنه  سعيد بالرغم من فقره، كانت الأفكار تدور في رأس مرزوق المدثر بالسلطانية، وفي لحظة غضب البحر غضبا شديدا – ربما غضب لما حدث لمرزوق – وتهب عاصفة قوية أغرقت المركب وكل من فيه.

عدو أو صديق

يفيق مرزوق  ليجد نفسه على جزيرة في وسط البحر ويكتشف أنه الناجي الوحيد من المركب، ينظر على مقربة منه فيجد “السلطانية”، فيضعها على رأسه كعادته لتقيه حرارة الشمس، ويبدأ في المشي بحثا عن مأوى أو ملاذ، وأثناء سيره، يجد نفسه محاطا بمجموعة من الناس بأشكال غريبة وملابس أغرب، فهم يشبهون الهنود الحمر ولا يرتدون إلا أوراق الشجر.

وبدأوا يتصايحون في لغة لم يفهمها مرزوق ولكنه فهم أن الحديث عنه، تمر لحظات ليصل زعيمهم وبمجرد وصوله يتنحون جانبا في أدب، ويتصادف أن زعيم الجزيرة يجيد العربية، فيوجه كلامه إلى مرزوق، ويسأله: عدو أم صديق؟ فيجيب مرزوق صديق، ويبدأ في سرد حكايته وكيف وصل إلى هنا، وأثناء الحديث يصيح زعيم الجزيرة مشيرا إلى رأس مرزوق: تاج الجزيرة؟ فيستغرب مرزوق من ذلك معلقا: السلطانية؟ هل تقصد السلطانيه بعد أن خلعها عن رأسه؟ فيتلقفها منه الزعيم سعيدا، قائلا: هذا هو تاج الجزيرة الذي أخبرتنا النبوءة عنه، وأنت من حمله إلينا، ويحمل زعيم الجزيرة السلطانية ويضعها على رأسه، وسط تهليل وصياح أهل الجزيرة.

احتفالات بالسلطانية

وبسرعة تقام الاحتفالات، ويجلس مرزوق مع حاكم الجزيرة ويوضع أمامه أشهى الطعام والشراب، ثم يقف زعيم الجزيرة ليكرم مرزوق على هديته التي لا تقدر بثمن، ويكافئه بصناديق من الجواهر والأحجار الكريمة، كما يعده بأن يلحقه بمركب ليعود إلى وطنه، وبالفعل لم تمر إلا أيام وكان زعيم القبيلة في وداع مرزوق والذي استقل مركبا لتعود به إلى الإسكندرية.

العودة للوطن

يعود مرزوق إلى وطنه، وبمجرد وصوله يسأل عن أسرته فيعرف أنهم في ضيافة أقربائهم.. فيذهب لإحضارهم وتفرح أم شوق فرحا كبيرا بعودة زوجها.. ولكنها في نفس الوقت تعبر عن قلقها من الخياط والفتوات.. فيطمئنها مرزوق قائلا: ما تخافيش أنا رحت لشيخ الحارة وكبير الفتوات.. ودفعت لهم  المعلوم. فتتعجب من ذلك فيروي لها حكاية السلطانية.

يشتري مرزوق بيتا كبيرا في حارته. وتصل الأخبار إلى الخياط، الذي يغير معاملته لمرزوق.. ويتودد إليه ليعرف سر الثراء المفاجئ الذي أصابه.. فيروي له مرزوق حكاية السلطانية.. فلا يصدق في بادئ الأمر.. ولكن وبعد أن يقسم مرزوق على ذلك يصدقه، ويقرر أن يذهب إلى الجزيرة.

لبس السلطانية

ينفق الخياط جل ثروته في إعداد وحياكة ملابس فاخرة لسكان الجزيرة ويحمل معها أطيب العطور والدهانات.. فقد حدثته نفسه أنه إذا كان مرزوق قد حصل على كل هذه الثروة مقابل “السلطانية” الرخيصة.. فما الذي سيحصل عليه هو نظير كل هذه الهدايا الثمينة؟

يكاد يقسم أنه سيعود من الجزيرة أغنى رجل في مصر المحروسة.

يحمّل الخياط المركب بالهدايا ويقصد الجزيرة، ويصل هناك ليخبر الحاكم أنه صديق لمرزوق ويقدم له الهدايا.. ويفرح بها الحاكم وشعبه ويحتفلون بالخياط احتفالا كبيرا.. وتحين اللحظة التي كان الخياط ينتظرها وهي لحظة التكريم.. فيقف الحاكم خطيبا ويقول: لقد أهدى إلينا صديقنا الخياط هدايا ثمينة جدا.. وكنا في حاجة إليها. ولذلك فسوف نكرمه بأثمن ما لدينا، تاج الجزيرة، فيخلع الحاكم السلطانية من على رأسه ويلبسها للخياط.. فلا يتحمل الخياط الصدمة فيموت غيظا.
للاستماع للحكاية اضغط هنا

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر