عرضته «بانوراما الفيلم».. «stranger in paradise» المهاجرون بين الواقع والوهم في عيون الغرب

لم يحلموا بأكثر من حياة كالحياة، فصاروا كالغرباء في الجنة كما صور لهم، ولكن في حقيقة الأمر؛ كانوا كالغرباء في الجحيم، وأصبحوا بين نارين؛ إما العودة إلى الوطن بخفي حنين، أو الاستمرار فيما أقبلوا عليه من حياة جديدة.. داخل سينما زاوية بوسط البلد، عرض الفيلم التسجيلي الهولندي “stranger in paradise”، في إطار فعاليات بانوراما الفيلم الأوروبي في دورتها العاشرة.
يتناول الفيلم التسجيلي الواقع المرير الذي يقابله المهاجرون من أجل طلب حق اللجوء في إحدى الدول الأوروبية، ليعكس قضية اللجوء والهجرة من ثلاثة اتجاهات مختلفة؛ الرفض، المثالية الوهمية، قبول اللجوء في إطار عدد من القوانين.
بين أربع جدران
“stranger in paradise” من إخراج وتأليف جويدو هندريكس، الذي اختار تصوير فيلمه في إحدى قاعات دائرة التجنيس والهجرة بهولندا؛ حتى يستطيع صبغ الفيلم بالواقعية، ونقل المشاعر الحقيقية للمهاجرين أثناء تلقيهم للاتجاهات المختلفة نحوهم في المجتمع الأوروبي، كما اختار تحديد فترة زمنية معينة لقضيته، تمثلت في الوقت الراهن، نظرًا لازدياد طلبات الهجرة إلى الدول الأوربية بحثُا عن؛ الدراسة، والعمل، والمال، والشهرة.
البداية
بعد انتهاء فالنتين من إجراء مقابلاته، يقف خارج دائرة التجنيس والهجرة في انتظار رحيله وفريق عمل فيلم “stranger in paradise”، ليقابل عدد من المهاجرين من القارة السمراء، ليتحدث معهم عن الفيلم.
فيبدأ “stranger in paradise” بمشهد تمهيدي لقضبان السكك الحديدية، ليأخذك القطار في رحلة عبر الزمن، لمشاهدة التطور الذي أصاب أهل الشمال؛ لاستيلائهم على معظم الموارد ووسائل الرفاهية المتاحة، في حين يعاني أهل الجنوب من أجل تحقيق كفايتهم من العيش الكريم.
وتتحطم الأحلام على صخرة الواقع ويتوقف قطار الزمن في وقتنا الحالي، مع وصول أول مجموعة طالبة حق اللجوء لهولندا، ليقابلهم الممثل فالنتين ديننز، باعتباره موظفًا اجتماعيًا من دائرة التجنيس والهجرة.
يعرض فالنتين للمجموعة الأولى من خلال مقابلته بهم؛ رفضه الشديد للموافقة على طلبات الهجرة إلى بلاده؛ معللًا ذلك بأن المهاجرين يستولون على مقدراته التي توفرها له حكومته، حيث يصل سنويًا ما يقرب من مليون ونصف من المهاجرين إلى أوروبا، مما يكلف الدولة في السنة الواحدة ما يقرب من 26 ألف يورو.
ورغم المحاولات المضنية من قبل المهاجرين لتوضيح فكرة “الأخذ والعطاء” إلا أن فالنتين يصر على موقفه، عاكسًا بذلك موقف العديد من الأوروبيين اتجاه قضية اللجوء. ويستكمل فالنتين بتحطيم آمال المهاجرين قائلًا: “لقد أثبتت الإحصائيات أن 55% من المهاجرين الأفارقة لن يجدوا فرصة عمل”. لينهي فالنتين المقابلة مع أول مجموعة بالتأكيد على رفضه اعطائهم حق اللجوء.
الوهم والأمل الكاذب
من الناحية الأخرى يتقمص فالنتين دور الموظف الاجتماعي ذو الطابع الإنساني والمثالي مع استقباله للمجموعة الثانية من المهاجرين؛ لعكس الصورة المثالية التي تتبناها الدول مع قضية اللجوء، فيؤكد فالنتين للمجموعة الثانية أن اللجوء حق طبيعي ودولي للدول الفقيرة؛ لأن الدول الأوربية قد استعمرتها في السابق وقد حان الوقت لرد الجميل.
وبنظرة حزينة متأثرة يتذكر فالنتين قصة الصبي السوري الذي لاقى حتفه على الشواطئ الأوروبية، ويستمر في حالة التأثر مضيفًا عليها جانب من استنكاره لوجود الحدود الدولية، رغم وجود ما يزيد عن ستة دراسات أثبتت أن إزالة الحدود ستزيد من الاقتصاد العالمي بنسبة 70%.
ويستكمل البطل عكس الصورة المثالية التي سيلقاها المهاجرون في أوروبا، رغم وجود العديد من العواقب التي قد تقف في طريقهم، لينهي المقابلة، ويظن المهاجرون أنهم صاروا غرباء  في الجنة، إلا أنهم أصبحوا غرباء في جنة من الوهم والأمل والكاذب.
للقانون رأي آخر
في المقابلة الأخيرة يرسم فالنتين على وجهه ملامح الموظف الاجتماعي ذو الطابع البيروقراطي، والمهتم فقط بتطبيق القانون، فيبدأ حديثه أن القانون الهولندي ينص على عدد من المواد الخاصة بالمهاجرين، فلأسباب اقتصادية يرفض القانون الهولندي إعطاء حق اللجوء للقادمين من دول؛ الهند، والسنغال؛ ليطلب من المهاجرين من تلك الدول ترك الغرفة والانتظار بالخارج.
ويستمر فالنتين في جديته قائلًا: “هناك عدد من الدول تعرف باسم “دول المنشأ الآمنة” وهي؛ دول المغرب العربي، وألبانيا، والبوسنة، ومقدونيا، وأصحاب تلك الجنسيات لن تمنح لهم الإقامة بحسب القانون”. موضحًا أن القانون الهولندي يتيح للمثليين حق اللجوء دون قيد أو شروط.
ويستطرد فانتين حديثه أن القانون الهولندي يمنح حق اللجوء لأبناء الدول صاحبة الحروب، والتي تقام فيها جرائم ضد الإنسانية، مع الأخذ في الاعتبار أن حق اللجوء مؤقت ولمدة خمس سنوات فقط لا غير.
أفضل فيلم
بحسب ما نشره كتالوج بانوراما الفيلم الأوروبي، فقد حصل فيلم “stranger in paradise” على جائزة الجمهور، وجائزة أفضل فيلم أول بمهرجان “بيوجرا فيلم” عام 2017.
اقرأ أيضًا:
عرضته «بانوراما الفيلم».. «I’m not your negro» يكشف حقيقة الديمقراطية الأمريكية
 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر