ثورة ضد ألمانيا الداعمة للاحتلال.. محمد عبلة وكاتبة إفريقية يردان «وسام جوته»

محمد عبلة: لو كان جوته حيًا لتنازل عن الوسام وجنسيته الألمانية بالكامل

أعلن الفنان التشكيلي المصري محمد عبلة والروائية الإفريقية زوكيسوا وانر، عن رفضهما الاحتفاظ بوسام جوته – أعلى وسام ألماني – ورده إلى ألمانيا، احتجاجًا على موقف الحكومة الألمانية الداعم لقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عملية الإبادة العرقية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر.

اتخذ الفنان التشكيلي المصري والروائية الإفريقية قراراهما، باعتبارهما أول مبدعان يحصلان على وسام جوته في قارة إفريقيا، وجاء تكريمها في عامي 2020، و2022 بهدف تقارب الشعوب.

الفنان التشكيلي المصري محمد عبلة
فنان مصري يرد أعلى تكريم ألماني

على حد وصفه لـ”باب مصر”، جاء قرار الفنان محمد عبلة برد الوسام للتعبير عن غضبه واستنكاره لموقف الحكومة الألمانية ودعمها المطلق للاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول لخطتها في إبادة شعب فلسطين. وتزويدها بالسلاح الذي يستخدم في استهداف وقتل الأطفال الفلسطينيين الأبرياء وتشريد العائلات وهدم منازلهم.

وأعرب عبلة الفنان المصري والعربي الوحيد الحاصل على الوسام، عن رفضه للتورط في أي صلة مع دولة تمارس مثل هذه الأفعال، مشيرًا إلى أنه يحمل في ضميره مرارة الحروب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. مشيرًا إلى أن هذا الموقف يتنافى مع موقف ألمانيا وما تعرضت له في السابق.

تقريب الشعوب وقتلها!

تم تكريم محمد عبلة بوسام جوته قبل عامين، والتي يمنحها معهد جوته للأشخاص غير الألمان الذين قدموا إسهامات متميزة في تعزيز اللغة الألمانية والعلاقات الثقافية الدولية. متسائلا: “كيف تكرم الفنانين بهدف تقارب الشعوب وفي الوقت نفسه تساعد في قتل شعوب أخرى!”.

واعتبر عبلة أن السلطات الألمانية تنظر إلى الفلسطينيين على أنهم غير بشر وغير موجودين. وبالتالي لم يعد من الممكن بالنسبة له الاحتفاظ بالوسام الذي منحته ألمانيا في محاولة للتقارب مع الشعب المصري.

الضغط الثقافي والأدبي واحدا من سُبل مناهضة الاحتلال. هذا ما أكد عليه عبلة موضحا لـ”باب مصر” أن الفنون لها تأثير على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك السياسة والاقتصاد.

ويتابع: “أي فن يجب أن يكون له تأثير إيجابي على بيئته. وبالنسبة لي، فإن الوسام الذي حمل اسم الشاعر الألماني العظيم جوته هو رمز للتسامح والإنسانية. ولو كان جوته حيًا لتنازل عن الوسام وجنسيته الألمانية بالكامل”.

وسام جوته
دعم إنساني

هذا ليس الموقف الوحيد للفنان التشكيلي محمد عبلة في دعم الشعب الفلسطيني. إذ قام بتنظيم معارض فنية مرتين، وأعلن عن تبرعه بمئات الآلاف من الجنيهات من أعماله لصالح قطاع غزة.

إذ تبرع في نوفمبر الماضي بمبلغ 20 ألف جنيه لصالح إغاثة غزة. من خلال حساب إغاثة غزة بالهلال الأحمر المصري، وكانت دعوته الفردية للتبرع سببا في المزيد من التبرعات لصالح غزة.

وفي ديسمبر الماضي شارك في معرض “علشانك يا فلسطين” للتضامن مع أهل غزة، ضمن 69 فنانا شاركوا بالمعرض.

رزوكيسوا وانر كاتبة إفريقية ولدت في زامبيا وتعيش في كينيا. الصورة معهد جوته
مقاطعة ألمانيا

قرارات الحكومة الألمانية نفسها أشعلت شرارة الغضب لكل حاملي «وسام جوته». إذ أعلنت “زوكيسوا وانر” الكاتبة والناشرة وأول إفريقية تحصل على وسام جوته، عن رفضها للاحتفاظ به بعد الآن مستعدة رده إلى ألمانيا.

عبرت “وانر” التي ولدت في زامبيا وتعيش في كينيا، عن غضبها من قرارات الحكومة الألمانية بهذه الطريقة. بعدما نشرت رئيسة معهد جوته كارولا لينتز، مقال بتاريخ 14 يناير 2024، في “دير شبيجل” تدافع فيه عن القرار الألماني لدعم الاحتلال الإسرائيلي.

ويشير البيان إلى أن المنظمات مثل معهد جوته لا يعد ممتدا لقرارا الحكومة أو يمثلها. لكن في الوقت نفسه صرح معهد جوته جوهانسبرج. وهو المقر الإقليمي لإفريقيا في 7 فبراير 2024، بما يلي: “فيما يتعلق بالحرب الحالية في غزة – نحن مقتنعون أنه في ضوء الوضع الكارثي. هناك حاجة إلى حل جديد.. هناك حاجة ماسة لوقف إطلاق النار. إن العدد المتزايد من الضحايا المدنيين أمر غير مقبول”.

لكن رغم ذلك كان قرار الكاتبة الإفريقية “زوكيسوا وانر” هو رد هذا الوسام. وبحسب بيان رسمي نشرته: “معهد جوته يمنح وسام جوته إلى غير الألمان الذين قدموا خدمة متميزة للعلاقات الثقافية الدولية. هذه الجائزة هي وسام رسمي لجمهورية ألمانيا الاتحادية”.

الفصل العنصري

نشأة زوكيسوا وانر في بلد له تاريخ طويل من الفصل العنصري، جعلها تشعر بكل المآسي التي يمر بها الشعب الفلسطيني. وفي مايو 2023، أثناء حضورها مهرجان فلسطين للأدب قبل أشهر من 7 أكتوبر، زارت الأراضي الفلسطينية المحتلة وسافرت إلى رام الله والنبي صالح والقدس الشرقية والخليل.

وتقول: “صدمني ما مررت به ودفعني إلى كتابة مقالة طويلة بعنوان مقالات قصيرة عن شعب في دولة فصل عنصري”.

وتتابع: “لا يحتاج المرء إلى أن يكون من بلد له تاريخ من الفصل العنصري ليرى الظلم والإهانات اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون. يمتلك الفلسطينيون طرقًا منفصلة، ​​ولوحات أرقام مختلفة. ويتعرضون باستمرار للتهديد من الغرباء من الولايات المتحدة أو البيض من جنوب إفريقيا الذين يشعرون بالحنين إلى الفصل العنصري. والذين يأتون بالبنادق وبحماية قوات الدفاع الإسرائيلي ليستقروا في منازلهم”.

وتضيف: “على عكس معظم المهرجانات الأدبية، يأخذ PalFest الكتاب إلى مدن متعددة لأن الفلسطينيين غير قادرين على السفر دون إذن من إسرائيل. مثلما حدث في جنوب إفريقيا أثناء الفصل العنصري، ولكن أكثر قسوة”.

وعندما تحدثت وانر عن قرارها، أشارت إلى الذنب الألماني المتصاعد فيما يتعلق بالهولوكوست وقدرته على مواجهة ماضيها بشكل ملائم. ولكنها أعربت عن استياءها من الصمت الألماني الرسمي حيال الإبادة الجماعية الحالية في فلسطين.

ودعت الحكومة الألمانية إلى الاعتذار والاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها في الماضي. مثل الإبادة الجماعية للهيريرو ناما في ناميبيا والتمرد الماجي ماجي في تنزانيا.

احتجاج خارج القنصلية الألمانية في كيب تاون يوم 9 فبراير بشأن موقف البلاد من الحرب في غزة. حقوق الصورة: أشرف هندريكس
العنصرية الألمانية

انتقدت وانر بشدة سياسة ألمانيا تجاه الإبادة الجماعية الحالية في فلسطين. وأشارت إلى أن الحكومة الألمانية تعيش في صمت بشأن هذه الجرائم. كما أشارت إلى الدعم العسكري الذي تقدمه ألمانيا والولايات المتحدة لإسرائيل، واعتبرته خطأً كبيرًا في ظل الضحايا الفلسطينيين في غزة.

ووفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. فإن جمهورية ألمانيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية هما أكبر مصدري الأسلحة إلى إسرائيل. مع مقتل أكثر من 30 ألفًا في غزة.

وعلى الصعيد الثقافي، أبدت وانر استيائها من سحب الدعم الألماني للفنانين الذين ينتقدون سياسة الاستعمار الإسرائيلي. وأشارت إلى أن هذا الإجراء يعتبر تضييقًا على حرية التعبير الفني والثقافي.

وأشارت أيضًا إلى فوز المخرج الفلسطيني باسل عدرا بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي. وأبدت استياءها من تصفيق الوزيرة الألمانية للنصف الإسرائيلي فقط من الفريق المشارك في الفيلم.

اقرأ أيضا:

«من القلب للقلب»: ذكريات محمد عبلة وانطلاقته الأولى في لقاء مفتوح

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر