«كراسات بهنا».. ترجمات جماعية حول مدينة الإسكندرية وهويتها

أقيمت في «بلاتوه بهنا» مناقشة «كراسات بهنا» وهي تجربة جماعية نتاج المشاركين في برنامج الكتابة والترجمة، أحد مسارات برنامج بهنا الدراسي، والذي أعده وقدمه الكاتبان والمترجمان عبدالرحيم يوسف وحسين الحاج، في الفترة من يونيو 2021 إلى يونيو 2022 بدعم من مؤسسة دروسوس. ركزت تلك الترجمات على الجدال الثقافي حول مدينة الإسكندرية وهويتها.

 كراسات بهنا

تضمنت المناقشة الحديث عن ثلاث كراسات، الأول بعنوان “الجدال السكندري” ترجمات لمقالات هالة حليم وديبورا ستار وألكسندرا شندلر، ويتضمن الثاني الذي حمل عنوان “أرشيف الكوزموبوليتانية” ترجمات لمقالات خالد فهمي وويل هانلي، والثالث كتابات للمشاركين بعنوان “مرايا المدينة”.

في البداية أشار الناقد على حسين العدوي، والذي أدار المناقشة، إلى أن كراستي الترجمة تشتبكان مع جدال الأكاديميا الغربية، وبشكل أساسي الأكاديميا الأمريكية، وربما بشكل أقل في الأكاديميا الأوروبية. يقول: “ما تقدمه تلك الترجمات محاولة تفكيك ذلك الصراع من خلال المقالات التي تمت ترجمتها. ولكن يدور ذلك الصراع أو الجدل الأكاديمي حول مفهوم الكوزموبوليتانية السكندرية تحديدا، والمدخل الأساسي ربما هو الأدب المقارن؛ لأن هذا مجال دراسة هالة حليم ومي حواس، بينما خالد فهمي مدخله تاريخي واجتماعي، وأن ذلك الجدل بدأ من عام 2000 واستمر إلى وقتنا الحالي”.

على العدوي
على العدوي
مفهوم الكوزموبوليتانية

ووجه العدوي تساؤله إلى المترجم حسين الحاج عن السبب بالاهتمام بذلك الجدل الأكاديمي الغربي وترجمة مقالات تعبر عنه وعن الكوزموبوليتانية كمفهوم أو تصور عن الإسكندرية القديمة. أجاب الحاج قائلا: “خلال الورشة تم استضافة عدد من المؤرخين والباحثين والأنثروبولوجيين. ومن ضمن النقاشات مع الباحثة ياسمين حسين قامت بعرض صور لإسكندرية القديمة معاصرة للتدمير الذي حدث في منطقة المنشية ومحطة الرمل نتيجة ضرب الأسطول الإنجليزي للمدينة في بداية الاحتلال الإنجليزي لمصر”.

واستطرد حديثه: تلك الصور للمدينة المدمرة نتيجة ضرب المدافع، بالإضافة إلى أنه قاهري وجاء ليعمل هنا في وسط البلد، كل هذا مع النقاشات التي دارت حول ذلك الأمر رشحت لترجمة مقالات عن فكرة الكوزموبوليتانية. كما أن تاريخ المقالات المترجمة يعود لعام 2018 وصدرت كراسات بهنا في عام 2022 وهو ليس وقتا متأخرا في المتابعة والترجمة.

يقول العدوي: “الجدال حول فكرة الكوزموبوليتانية السكندرية والصور المتخيلة عن الإسكندرية القديمة ونقدها بما يصاحبها من نوستالجيا من الموضوعات التي تم كتابة مقالات عنها في الدوريات المستقلة في الإسكندرية. بداية من نشر إيمان مرسال مقال في مجلة أمكنة عن نوستالحيا لصورة ربما خيالية ولم تكن موجودة في الإسكندرية. بالإضافة إلى مقال خالد فهمي في مجلة أمكنة عن رائحة الإسكندرية القديمة بين رواية داريل ورواية إدوار الخراط. ومقال لهالة حليم أيضا في مجلة أمكنة، ومقال لخالد فهمي في مجلة ترى البحر. والمقالات التي بين أيدينا في كراسات بهنا”.

الجدال السكندري

فيما تساءل الناقد محمد أمين هل كان يوجد في خلال النقاشات تصور عام عن فكرة الكوزموبوليتانية بدون تخصيصها في الإسكندرية؟ ورد الشاعر والمترجم عبدالرحيم يوسف وقال: “مقال ويل هانلي المترجم في كراسة الجدال السكندري. يعرض لفكرة الكوزموبوليتانية بشكل موسع وليس عن الإسكندرية فقط”. وأشار المترجم حسين الحاج إلى كتاب عن كوزموبوليتانية القاهرة صدر عن الجامعة الأمريكية.

وتساءل – المحرر- عن كوننا أمام مقال غير مترجم لمي حواس. ونرى ردودا من هالة حليم وديبورا ستار وألكسندرا شندلر عليه. وفي رد هالة حليم التي اعتمد كتابها الأساسي على دراسة أدباء مثل داريل وكفافيس أنها توسعت في الرد عند ذكر الفعاليات السكندرية خلال السنين الأخيرة واهتمت بالسينما أكثر من الأدب.

رد حسين الحاج أن د.مي حواس اعتذرت بلطف عن نشر ترجمة مقالها للعربية. بينما وافقت ورحبت بقية الكاتبات والكُتاب. وأشار عبدالرحيم يوسف إلى أن رد هالة حليم على مي حواس يغطى أكثر من نقطة في منطقة الأدب لأنها تحدثت عن الجماعات والمجلات الأدبية في الإسكندرية. وأحالت المهتمين بالقراءة الموسعة حول الأدب إلى كتابها الأساسي. كما أن الأدب كان مدخلا لقراءة المدينة في كراسة الكتابات عبر أكثر من مشاركة.

حنين للماضي

تساءلت إحدى الحاضرات: ألا تشعرون أن الكوزموبوليتانية حنين لماض متخيل عن الإسكندرية الجميلة أيام الخواجات؟ وأننا نفقد الآن إسكندرية أخرى. حيث يشمل التغير العمراني أو ما يقال عنه تطوير كل الإسكندرية. موجهة سؤالا للحضور: هل تشعرون أن الإسكندرية تضيع منا وأننا أصبح لدينا حنين لتلك الإسكندرية التي نفقدها؟

جاء رد العدوي: يبدو أننا نفقد أكثر من إسكندرية، لكنه أمر مربك حيث يبدو أننا نفكر أحيانا في أننا نفقد إسكندرية فيلم صايع بحر. وهل يجب أن نشعر بالنوستالجيا والحنين لها؟ وأضاف، الترجمات كانت تعتمد على الترجمة الجماعية. وسأل حسين الحاج عن الترجمات الجماعية وكيف تمت. أجاب حسين: الترجمات الجماعية أتت من المناقشات والبحث خلال البرنامج، لأن تاريخ الترجمة يوجد تاريخ جماعي للعمل. ولم يكن هناك في الماضي فكرة المترجم المنفرد. أما عن الطريقة فبعد اختيار النص نقوم بتقسيم المقال إلى أجزاء ويقوم كل مترجم بترجمته. وتكون هناك متابعة ومناقشة ثم نجمع الترجمات وقمت بالتحرير الأولي لها وحاولت أن أحصل على صوت واحد من خلال جميع الترجمات. كما قام عبدالرحيم يوسف بالتحرير الثاني والتدقيق.

تقول صفية محمود إحدى المترجمات المشاركات في البرنامج، إنها وزميلتها يسر شعراوي كانتا تتشاركان الترجمة في مقال واحد، وأنها كانت تتوقع ترجمة بعض الكلمات والجمل وطريقة صديقتها وتتناقش معها حول طريقة ترجمة جمل أو مصطلحات لكننا عندما ترجمتاها كانت النتيجة جيدة.

فيما وجه علي العدوي سؤالا إلى عبدالرحيم يوسف عن ترجمة مقال خالد فهمي إلى العامية، وقال عبدالرحيم: “لم يكن هناك تعمد في الترجمة إلى العامية، لكن من خلال المناقشات والترجمات أثناء البرنامج كان هناك أيضا تمرين على الترجمة بالعامية لجزء من كتاب المؤرخ د.زياد فهمي. ومقال خالد فهمي به جزء كبير من الحكايات فكانت ترجمتها للعامية ممكنة، ورحب بها د. خالد فهمي نفسه وقام بمراجعتها”.

الكتابة الجماعية

وتحدث العدوي عن الكتابة الجماعية في بعض المقالات في الكراسات. وقال إنه يرى أنها أصعب من الترجمة المشتركة، ووجه سؤاله إلى يسر شعراوي التي شاركت بكتابة مقال مشترك مع عمر شاهين. وعن التجربة تقول يسر: “هناك نقاشا وتوافقا في البداية حول الأفكار الأساسية. وأن البرنامج وفكرة النقاش حول الموضوعات كانت مقدمة للاشتراك في الكتابة”.

وقال العدوي إن كراسة الكتابات بها صدى للترجمات. وأن مقال في أثر روائح الإسكندرية مثلا هو محاولة للاشتباك مع مقال خالد فهمي عن روح الإسكندرية وروائحها. مشيرا إلى أن الكتابات كانت مشغولة بالتجوال وحاسة الشم. كما أن فكرة المركز والهامش موجودة بشكل كبير في كتابة ميرنا محمود. ووجه الناقد سؤاله إلى ميرنا محمود كاتبة مقال عن الطريق من العجمي لمحطة مصر، وعن فكرة المركز والهامش. وهل يعتبر العجمي هامشا لمركز كمحطة مصر؟ أجابت ميرنا: “هناك أكثر من هامش في الإسكندرية”. لأنها أتت إلى الندوة مثلا بعد يوم عمل في العصافرة، وهي نفس المسافة من العجمي إلى محطة مصر. حيث تستغرق ساعة من الزمن وأنها اهتمت برصد المواصلات والطريق الذي تستغرقه الرحلة الطويلة للوصول إلى مركز المدينة عندما تأتي لها من طرفها البعيد.

ووجه العدوي سؤالا آخر إلى منة الله عبدالمنعم عن سبب كتابتها لموضوع عن جماعة أصيل الأدبية. وأجابته بأنها بدأت تحضر ورش كتابة في الإسكندرية واهتمت أن تعرف من الأساتذة مثل أميمة عبدالشافي وماهر شريف وعبدالرحيم يوسف عن أساتذتهم. وكانوا يحدثونها دائما عن جماعة أصيل الأدبية وأنور جعفر وحجاج أدول ومحسن الطوخي. وأنها اهتمت برصد وتسجيل حوارات مع كثير من أعضاء الندوة أو حضورها كالشاعرة الراحلة شهدان الغرباوي والشاعر محمد عبدالرحيم. كما أشار عبدالرحيم يوسف إلى كتابة أحمد برهام عن الإسكندرية وأنه تتبع فكرة التجوال والقراءة. وأنها كتابة يمكن تصنيفها على أنها كتابة إثنوغرافية عن المدينة.

اقرأ أيضا:

حوار| الفنان أسامة حلمي: أبحث إمكانية دمج الأوريجامي بالرقص والفوتوغرافيا

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر