عرض كتاب| «حضارة العرب».. لمؤلفه غوستاف لوبون

كتب – مارك أمجد
خلال إحدى جولاتي الأخيرة بسوق الكتب القديمة بشارع النبي دانيال بالإسكندرية، ألحّ عليّ “حمدي” بائعي الذي أتردد عليه بشكل أشبه بالمواظبة، كي آخذ كتابا ضخما له غلاف أصفر موشى بنقوش عثمانية. كان الكتاب ثقيلا جدا وخلفه برزت صورة للسيدة سوزان مبارك وكُتب أسفلها: مكتبة الأسرة 2000 مهرجان القراءة للجميع. لم يكن على الغلاف ما يحملني على شراءه سوى اسم غوستاف لوبون. ذلك المستشرق الفرنسي الذي كتب عن العرب، كما لم يكتبوا عن أنفسهم، مُذكرا إياي بالكتاب الشهير “الفرعون الأخير: محمد عليّ” لمؤلفه جيلبرت سينويه. وكأنه أمرنا الواقع، أن يعرفنا الغير أكثر مما نعرف أنفسنا.  
يتحدث لوبون في الكتاب عن جزيرة العرب ثم يتناول جذور نشأتهم وأعراقهم وأحوالهم قبل ظهور النبي محمد ﷺ ومصادر قوتهم وتأثير القرآن عليهم. ودولة العرب في سورية وبغداد وبلاد فارس والهند ومصر وإفريقية الشمالية وإسبانيا وصقلية وإيطاليا وفرنسا. ثم ينتقل لحروب النصرانية والإسلام وطبائع العرب ونظمهم، وعرب المدن وعاداتهم، والمرأة في الشرق، والدين والأخلاق وعلوم العرب؛ اللغة والفلسفة والآداب والتاريخ والرياضيات وعلم الفلك والعلوم الجغرافية والفيزياء والعلوم الطبيعية والطبية والرسم والحفر والفنون الصناعية وفن العمارة. أيضا يتحدث عن تجارة العرب وصلاتهم بمختلف الشعوب وتأثيرهم في الشرق والغرب وتأثير الأوروبيين فيهم. وأخيرا، حالهم الآن.
يقول لوبون في مقدمة كتابه:
“إن القوة لم تكن عاملا في انتشار القرآن. فإذا حدث أن اعتنق بعض الأقوام النصرانية الإسلام واتخذوا العربية لغة لهم فذلك لما رأوه من عدل العرب الغالبين مما لم يروا مثله من سادتهم السابقين، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل”.
من نقاط قوة الكتاب أنه مزود بصور فوتوغرافية بعضها من تصوير المؤلف والبعض الآخر استعاره من مجلدات لمؤلفين آخرين، لكن جميعها تؤرشف الحقبات التي يتناولها الكتاب من حضارة العرب، فيصوّر بعدسته هيئات النساء وملابسهن وحليهن وجلستهن، وترحال الرجال وتدخينهم النرجيلة والحشيش، أضف إلى الأشكال المعمارية التي يتنقل الكتاب بين عصورها وجنسياتها المختلفة في مصر ودمشق وبغداد وإسبانيا والهند… إلخ، أيضا ترجم الكتاب للعربية العظيم عادل زعيتر الذي يصعب العثور على لغة تضاهيه في مفرداتها وتمكّنها.
عن غوستاف لوبون:
طبيب ومؤرخ وفيلسوف فرنسي، ولد عام 1841 في مقاطعة “نوجيه لوروترو”، قرأت له أيضا “سيكولوجية الجماهير”، الصادر عن دار الساقي، وأنصح جدا بقراءته.
الكتاب تم تأليفه عام 1884، وصدر عام 2000 باللغة العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برعاية السيدة سوزان مبارك ووزارات الثقافة والإعلام والشباب، في 659 صفحة من القطع الكبير جد، ترجمة عادل زعيتر.
الكتاب صدر أيضا عن دور نشر أخرى، مع مترجمين مختلفين، ومتوفر بصيغة بي دي إف على مواقع إلكترونية عديدة.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر