صور وحكايات: 49 شيخا

في القرن الخامس الميلادي، بدأت غارات البربر على صحراء وادي النطرون. وهي صحراء تقع في الأطراف الشمالية الغربية من الصحراء الغربية المصرية، والتي كان بها عدة تجمعات رهبانية قبطية.

كانت الغارة الأولى عام 407، ثم الغارة الثانية عام 434. وقد تعرضت فيهما الأديرة للسلب والنهب مع قتل الرهبان. بعد الغارة الثانية فكر الرهبان في بناء حصون للاحتماء بها عند حدوث الغارات، وأيضا لحفظ المقتنيات الهامة كالمخطوطات وغيرها. وكان أن قام رهبان دير الأنبا مقار، وهو دير تأسس في أواخر القرن الرابع الميلادي على يد الراهب الأنبا مقار الكبير (300 – 398)، ببناء حصن بجوار الدير.

أتت الغارة الثالثة عام 444، فاحتمى الرهبان بالحصن. لكن 49 راهبا شيخا رفضوا الذهاب إلى الحصن، وأرادوا البقاء في أماكنهم والاستشهاد. قتل البربر التسع والأربعين شيخا. وبعد انتهاء الغارة، قام الرهبان الذين نجوا بدفنهم داخل مغارة. في النص الأول من القرن السادس الميلادي، تم نقلهم إلى كنيسة بنيت باسم العذراء (وقد عرفت بالكنيسة الجنوبية) بداخل الدير.

أسماء الـ49 شيخا موضوعة حيث دفنوا
أسماء الـ49 شيخا موضوعة حيث دفنوا

عام 570، أتت الغارة الرابعة للبربر، وقد دمروا أجزاء كبيرة من الكنيسة في تلك الغارة. وصار الدير شبه مهدم وشبه مهجور وقد تضاءل عدد الرهبان كثيرا. عام 631 أمر البابا بنيامين ببناء كنيسة وسط الدير على اسم التسعة والأربعين شيخا، وقد نقل رفاتهم إليها.

تعرض الدير لغارة خامسة من البربر عام 817. ثم تعرض للنهب من قبل البدو عام 866، ثم لغارة أخرى من البربر عام 1069.

مع مرور الزمن تهدمت كنيسة التسع والأربعين شيخا، هي ومعظم منشآت الدير فتم نقل أجساد الشيوخ إلى إحدى قلالي الرهبان، إلى أن أتى المعلم إبراهيم الجوهري الشهير في أواخر القرن الثامن عشر فأعاد بناء الكنيسة، وأعيد دفن الشيوخ فيها.

في دير الأنبا بيشوي، وهو دير يقع على بعد نحو اثني عشر كيلومترا من دير الأنبا مقار، توجد بئر – جافة حاليا – يُعتقد أن البربر غسلوا فيها سيوفهم من دماء الرهبان.

المكان: دير الأنبا مقار، وادي النطرون.

اقرأ أيضا:

صور وحكايات: القبطي الذي بنى مسجدا

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر