طب الفراعنة| ماذا قال المصريون القدماء عن «فتاة العين»؟

تأتي قصة “فتاة العين” في أسطورة الصراع بين حورس وست، أنه في إحدى المرات وجد ست حورس نائمًا ففقأ عينه اليسرى، فحزنت أمه إيزيس وطلبت العون من الإله تحوت إله الحكمة، والذي كلف الإله حاتحور بمعالجة عين حورس، وحسب الأسطورة ملأ حاتحور تجويف عين حورس بلبن الغزال، فاستعاد عينه مرة أخرى واستأنف معركته مع ست، لينتقم لمقتل والده أوزوريس ويستعيد عرشه.

وردت هذه القصة في كتاب الأساطير المصرية للكاتب الأمريكي دون ناردو. ويورد في كتابه تعليق كل من عالمي الآثار، إيان شو وباول نيكلسون.. واللذين اعتبرا أن لعين حورس دلالة رمزية.. فيقولا: “في أثناء عراكه مع ست، قيل عن حورس إنه فقد عينه اليسرى (التي كانت تمثل القمر).. ومع ذلك كانت الربة حاتحور قادرة على إرجاع عينه.. ثم أصبحت عين الاودجات (عين حورس) ترمز إلى العملية العامة للسلامة أو الإشفاء. ويلمح أحمد السرساوي مترجم الكتاب إلى تميمة عين حورس أصبحت رمزًا للشفاء ورمزًا لطرد المرض سواء كان بسبب عضوي أو روحاني.

فتاة العين

يشير الدكتور سمير يحيى الجمل، في كتابه (تاريخ الطب والصيدلة المصرية في العصر الفرعوني – الجزء الأول)، إلى أن أطباء العيون في مصر القديمة كانوا يعملون تحت راية الإله تحوت، استنادا إلى الأسطورة بأنه عالج عين حورس.. ملفتًا إلى أن أطباء العيون أطلقوا اسم (الفتاة التي بداخل العين) على الحدقة.. واعتبروا أنها مصدر الدموع. أما الجفن فسمى (ظهر العين).

كما يورد الجمل، أسماء بعض مشاهير طب العيون  في عصر الدولة القديمة 3200 ق.م.. مثل ميدو نفري، وإيري، وأواوي، وتي عنخ دواو. معتقدًا أن السبب في اهتمام المصريين القدماء بطب العيون يرجع إلى انتشار الرمد وكثافة أعداد المكفوفين، الذين صوروا غالبا على جدران المعابد والمقابر كعازفين للآلات الموسيقية أو مغنين.. وكان ذلك بحسب الجمل نوع من التأهيل المهني للمكفوفين.

أمراض العيون

يستند الدكتور يحيى الجمل إلى بردية إيبرس الطبية، والتي أوردت أكثر من مائة وصفة لأمراض العيون.. مشيرا إلى أنه لم يثبت استخدام القدماء للجراحة في علاج العيون إلا في القرن الثاني بعد الميلاد.

ومن أشهر أمراض العيون التي عالجها الطبيب المصري القديم:
– الرمد الحبيبي: عولج بخليط مستخلص من الجرانيت والنطرون الأحمر المحروق كبريتات الرصاص.
– التهاب الجفون: كان يعالج بنقط من الصبار والنحاس، ومنقوع أو مغلي ورق السنط؛ لاحتوائه على مواد قابضة.. وكانت تتم عملية التنقيط باستخدام ريشة نسر.
– الكاتراكتا: سمي (صعود الماء إلى العين)، والذي يسمى حاليًا المياه البيضاء.. وكان يعالج بتعويذة سحرية، بالإضافة إلى مزيج من الملاكيت والعسل وحب العزيز.
– شعرة العين: وهو مرض ناتج عن التهاب جذر شعرة بهدب العين، يؤدي إلى تورم يتحول تدريجيا إلى حبة متقيحة.. وتكون شكوى المريض شعوره بوجود شعرة تحول دون الرؤية السليمة.. وكانت تعالج تلك الحالة بتحضير خليط من الكحل الأسود والصبار وتمزج بالماء وتقطر في العين.

العيون الصناعية

طبقا للدكتور حسن كمال، في كتابه (الطب المصري القديم)، فقد وصل القدماء إلى أسرار تشريح العين البشرية.. مدللا على ذلك بالعيون الصناعية التي كانت توضع بدلا من العين الأصلية في المومياوات.

وفي عهد الدولة القديمة كانت تصنع القرنية من الحجر الصوان الشفاف.. وذلك قبل أن ينجحوا في صناعة العين الزجاجية في عهد الدولة الحديثة حوالي 1500 ق.م.
ويلفت كمال إلى أن تصميم العين الصناعية في مصر القديمة أظهر أن القرنية كانت أكثر تحدبا من الصلبة في محاكاة دقيقة للطبيعة، معتبرًا أنه بالرغم من تقدم صناعة العيون في العصر الحاضر إلا أنها لم تصل إلى مستوى أجدادنا الفراعنة، بالرغم من أنه لم يثبت حتى الآن بالدليل القاطع أن المصريين القدماء زرعوا العيون الاصطناعية للأحياء، وإنما اقتصر استخدامها في مومياوات الموتى.

هوامش:
1- الأساطير المصرية – دون ناردو – ترجمة أحمد السرساوي “بي دي إف” – المشروع القومي للترجمة – الطبعة الأولى 2011 – ص 78 – 81.
2- تاريخ الطب والصيدلة المصرية في العصر الفرعوني – الجزء الأول – د.يحيى سمير الجمل “بي دي إف” – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994 – ص 128 إلى 13.
3- الطب المصري القديم “بي دي إف” – د.حسن كمال – الهيئة العامة للكتاب 1998 – ص 211 – 214.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر