بالأبيض والأسود.. حكايات أهالي نزلة السمان في السبعينات

كان يا مكان.. رحلة مصرية بنزلة السمان في حقبة زمنية لم نتعرف عليها في زمن الألوان، حيث الصحراء الواسعة الممتدة حتى الهرم ورائحة الخيل والقش وسكينة تلاوة القرآن في الراديو ومذاق الفطار الجماعي بسندوتش الفلافل والباذنجان المشوي والشاي الساخن المحلي، أخذتنا إليها كرستينا نيلسن، في معرضها الأول لصور التقطها في الفترة مابين 1973 و1974.
افتتح أمس السبت، معرض للصور الفوتوغرافية من السبعينيات، التقطتها المصورة كرستينا نلسُن، حينما كانت تعيش في قرية نزلة السمان والقاهرة، وإليكم عدد من الصور مع العبارات التي كُتبت:

جالسة مع النساء نقطع اللحم والدهن.. والإشارات الجنسية تمتزج بالمرح الصاخب.


تحمل ذكريات مع كل صورة التقطتها، فهنا سيدة جلست معاها على “عتبة” المنزل وتسامرا سويًا، وهناك حديث مع صبية الإسطبل التي تسكن بجواره، وهذه حفلة عرس حضرتها لتولع بالموسيقى وأشكال فساتين الزفاف، وغيرها من الحكايات التي تسردها كريستنا بصورها المختلفة ذات الطابع الشخصي والمختلف أيضا، لتحكي لنا بعض من ذكرياتها مع أهالي نزلة السمان.
التعليم لا ينتهي درس في الأتيكيت الطبقي ذات مساء، وصلنى أخي من بيت العائلة إلى بيتي في شارع القرية الرئيسي، تركته ومضيت إلى الجهة الأخرى لأصافح أحد صبية الإسطبل، رجعت إلى حارسي فاصطدمت بغضبه لقد أهنت رجولته ولم احترم دوره في حمايتي.
“أذني هي التي جذبتني إلى مصر”، هكذا تبدأ كريستيا الحكاية من البداية، وتقول: كنت طالبة أدرس الموسيقى في الجامعة والتقطت أذاني للمرة الأولى موسيقى عربية وإيقاعاتها في صحراء موريتانيا، فلم انتهِ من دراسة الموسيقى، إلا لأوجه تركيزي لإتقان اللغة بتركيبتها وإيقاعاته، جئت إلى مصر تعميقا لدراساتي العربية، موضحة أن أول سيدة تعرفت عليها في مصر كانت في الجامعة الأمريكية، وهي التي عرفتها على الإسطبل في نزلة السمان، “فوقعت في غرام الخيل وسكنت بجواره”، تضيف كرسينا.

تكمل: صرت جزء من حياة الإسطبل، أطبخ الطعام وأجلس مع الأكلين متحلقين جميعا حول صينية ضخمة على حصيرة نظيفة، ننتقي الأقمشة الشتوية والصيفية أو أول بنطال في حياة صبي، فأصبحت جزء من أهالي قرية السمان أزور المرضى وأحضر الأعراس وغيرها من المناسبات في المجتمع المحيط بي.

صبية الأسطبل يغنون كايدة العزال أنا من يومي أيوة اه

بعد أن حملت مئات الذكريات داخل هذه الصور، احتفظت بهم في صندوقها الخاص إلى أن قابلت أحمد هيمن، مصور صحفي وصاحب معرض بيت الصورة، والذي جاء بفكرة عمل المعرض.
يقول أحمد، إنه عندما تعرف على كرستينا والصور التي تحتفظ بها، وجد أنه موضوع مميز خاصة وأنها معايشة حقيقة مع جميع الأفراد الموجودين داخل الصور، “الصور تختلف عن أي صور التقطت في هذه الفترة فتحمل طابع خاص جدًا” على حد تعبيره.
وأوضح هيمن أن الاختيار من مئات الصور كان أمر صعبًا، إلا أنه تم الاختيار وتقسيم الصور إلى قرية نزلة السمان وصور خاصة بعرس داخل القرية، وصور الأهرامات من أمام غرفتها، بالإضافة إلى تسجيلات من جلسات الذكر والقرآن الكريم التي حضرتها كرستينا نظرًا لطبيعة دراستها، مشيرًا إلي أنها صممت على نقل كل التجربة التي عاشتها خلال العامين بنزلة السمان.
تضيف كرستينا أنه أول معرض تنظمه ولم تفكر في أعمال أخرى حاليًا، هي فقط قررت كتابة علاقتها بالصور التي تحملها في طياتها منذ 40 عامًا.

زيارة مريض والرجوع إلي البيت لعمل شاي ليبدد صوت الصمت صراخ وأعلم أن الموت جاري.

“الصور بالنسبة له كأنها آلة الزمن التي نقلتها للتعايش مع شخصيات وإنسانيات وتعاملات في فترة زمنية قديمة”، هكذا كان انطباع الفنان سيد رجب، الممثل، على المعرض قائلًا: عندما سمعت بالفكرة سعدت بها ولكن عندما وضعت في مكانها الطبيعة أبهرتني، وصل لي إحساس قوي بشخصيات وإنسانيات ومشاعر مع أناس أعيش معهم صراع حقيقي في تفاصيل يومهم.
يضيف رجب، أن المعرض عبارة عن موضوع أكثر منها صور مجمعة، لذا فليس من السهل تعميم الفكرة مع الجميع لأن الموضوع يحتاج إلى عين جديدة ومصور محترف لنقل الموضوع بشكل الحقيقي، فالصورة هنا تصور أهالي نزلة السمان بدقة من أحزانهم وأفراحهم وحتى تراب الصحراء، ودقة المزيكا، مؤكدًا أنه لو تم عمل الفكرة كمسلسل أو فيلم قصير سيكون أكثر تفاعلًا.
في رمضان يأتي صبية الإسطبل لتسخين السحور على موقدي، ذات مساء جأوا ووجدوني “أكنس البيت” فمضوا على الفور يبصقون في جميع الأركان لتنبيه الملائكة الذين أتوا لقضاء الليل هنا – الدرس المستفاد “لا تكنسوا ليل”.

عن المعرض

الجزء الأساسي من المعرض توثيق شخصي للغاية لحياة المصورة في القرية، وتتماس مجموعة ثانية وأصغر من الصور مع عملها على التلاوة القرآنية في القاهرة، وهذه المجموعة تندمج مع شريط صوتي. وتُظهر مجموعة الصور الثالثة وعيا أكثر تطورا بمعنى أن نرى.
نشأت كرستينا نيلسن بين المكسيك وكاليفورنيا، واتخذت مصر وطنا لها منذ عام 1994، وهذا هو معرضها الأول.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر