صور| جولة سيرًا على الأقدام في شارع الباب الأخضر على هامش فعاليات أيام التراث السكندري

انطلقت في التاسعة من صباح اليوم الجمعة، جولة سيرًا على الأقدام، تحت عنوان الباب الأخضر من الميدان إلى السبيل. وتأتى ضمن النسخة التاسعة لفعاليات أيام التراث السكندري، الذي ينظمه مركز الدراسات السكندرية بالشراكة الإعلامية مع مؤسسة ولاد البلد للخدمات الإعلامية.

جولة ميدانية

وشارك في الجولة نحو 40 من الفرنسيين والمصريين المهتمين بالتراث. وقاد الجولة الدكتور إسلام عاصم، نائب رئيس جمعية التراث للفنون التقليدية بالإسكندرية. حيث بدء حديثه عن شارع “الباب الأخضر”، والذي يربط بين منطقة المنشية وصولا إلى نهايته بالقرب من منطقة مينا البصل.

وأرجع الدكتور عاصم، في بداية الجولة التراثية، سبب تسمية شارع “الباب الأخضر” بهذا الاسم نسبة إلى الأعمدة الخضراء الموجودة بمسجد الألف عمود والكائن بذات المنطقة. وقال عاصم إنه في بداية الشارع يوجد منطقة أثرية تسمى بمجموعة إبراهيم باشا أو الشيخ إبراهيم باشا. وهو يعتبر أول مبنى تم بنائه في تلك المنطقة عام 1934. موضحا أن علي باشا مبارك قال في وثائقه التاريخية أنه تم بناء المبنى حتى قبل افتتاح الشارع وتوسعة الميدان عام  1907.

وأضاف عاصم أن الشيخ إبراهيم باشا كان من أشهر الشيوخ الموجودين في الإسكندرية آنذاك. بل وكان تاجرًا يملك ثروة طائلة جعلته يملك مباني وأوقاف في مدينة الحجاز. وأوضح أن مسجد الشيخ إبراهيم باشا، هو أحد المساجد القديمة المعلقة. وهذا النوع من البناء كانت تشتهر به الأسواق. وكان أسفل هذا المسجد توجد محال تجارية، مشيرًا إلى أن إيراد المحال كان هو الذي يستخدم لقضاء احتياجات ومتطلبات المسجد وخدماته الدينية.

ونوه: “الشيخ إبراهيم باشا كان يملك في المحافظة نحو 33 محلًا وصهريج مياه، ما كان جعله ينال شهرة واسعة بين الناس”.

الطراز العثماني

وقال عاصم إن طراز المنازل الموجودة بطريق “الباب الأخضر” جميعها تم بنائها على قاعدة الخشب المعلق، ومصممة على الطراز العثماني القديم. وأن الشبابيك تم تصميمها مرتفعة طوليًا، بهدف الحفاظ على التهوية وتم بنائها قبل ظهور البناء الخراساني.

مسجد الكلزة

ويحكي نائب رئيس جمعية التراث للفنون التقليدية بالإسكندرية، خلال الجولة التراثية أن مسجد “الكلزة” مسمى نسبة لصاحبه. وهو من عائلات “الكلزة” الشهيرة بالإسكندرية، وكان أحد التجار المشهورين في المدينة، وينتمي إلى قبيلة “الكلزة” الموجودة في شمال إفريقيا.

وتابع عاصم، أنه حينما استوطن في الثغر بنى مسجده عام 1901، أي في منتصف القرن 19، وأسسه على نفس نظام العصر المملوكي. وكان يلحق بالمسجد كتاب لتعليم الأطفال القرآن الكريم، وسبيل مخصص لشراب المياه للعابرين وأهل المنطقة، وكان يحتوي على صهاريج كبيرة لتخزين المياه لشرب المياه.

وأشار إلى أن “الكلزة” كان يخصص إمام ليقرأ القرآن للناس بعد صلاة العصر. كنوع من الدعاية له وتصدير صورة للناس عنه بأنه رجل خير وبر. وكان ذلك في هذا الوقت الدعاية التي يستخدمها الأثرياء للحصول على الشهرة والصيت بين الناس.

جامع سيدي سليمان

ويعد مسجد سيدي سليمان من أشهر و أقدم المساجد الموجودة في المحافظة. وصاحب هذا المسجد هو واحد من الأئمة الذين جاءوا مع سيدي المرسي أبي العباس إلى الإسكندرية وعاش بها. وبعد ذلك قرر عبد المنعم بك الدليل، أحد أثرياء المدينة وقتها أن يبني مسجدًا فوق قبر سيدي سليمان، ويلاحقه كتّاب لتعليم الأولاد القرآن الكريم، وفقا للدكتور إسلام عاصم.

ويشرح عاصم، أن عبد المنعم بك الدليل حينما قرر بناء المسجد كانت له نوايا خفية. حيث إنه كان يرغب من الخديوي وقتها أن ينعم على نجله بلقب “البكوية”. وهذا ما سرده علي باشا مبارك داخل وثائقه التي عثر عليها في دار الوثائق، وبعد أن تكلف كثير من المال رفض الخديوي منح ولده “البكوية”.

مسجد أبو علي التكريتي

ويقول الدكتور إسلام عاصم، إن مسجد أبو علي التكريتي، يعد من أقدم المساجد، ويرجع تاريخه إلى القرن 13. حيث بني على عامود واحد معلق من الخشب. وأضاف عاصم، أن مسجد “أبو علي”، أو “التكريتي” وأصله عراقي وغير معروف اسمه الأصلي وأطلق عليه “أبو علي”. ويعتقد أنه هو من قام بتجديده ويعتبر المذهب الخاص بهذا الرجل “شافعي”.

ولفت إلى أنه وقتها كانت جميع المساجد بالإسكندرية على المذهب المالكي؛ بل وكانت الإسكندرية وقتها سنية حتى العصر الفاطمي.

مسجد علي بك جنينه

يعد مسجد علي بك جنينه، من المساجد القديمة التي تم بنائها في القرن 19. وهو مصمم من الطوب الأحمر من نوع طراز الدلتا. وهذا الطراز كان منتشر في رشيد، بحسب الدكتور إسلام عاصم. وأضاف عاصم، أن علي بك كان كبير تجار مدينة الإسكندرية وقتها، ويضم مسجده 2 من السبل المخصص لتخزين المياه حتى يتناولها الناس.

وأوضح عاصم، أن شارع الباب الأخضر كان يضم أيضًا وكالة العشماوى التجارية التراثية القديمة وكوم الناضورة، والذي يتم تحضيره حاليًا لاستخدامه للسياحة. وهو عبارة عن مكان عالٍ يطل على الميناء، لكونه كان موقع عسكري قبل بدء الحملة الفرنسية. وكانوا يستخدموه لملاحظة المراكب التي تدخل الميناء، من خلال “الناضورجي”. وهو الموظف المسؤول بإبلاغ رجال الجمارك بدخول سفن. حتى يقوموا بتحصيل الجمارك ولو حدث وغفل عن رؤية دخول مركب يغرم شهر من راتبه عقابا له.

وأشار عاصم، إلى أنه عندما جاء “نابليون” تم تحويلها إلى طابية عسكرية ومرصد عسكري هام.

مسجد علي المصري

وقال الدكتور إسلام عاصم، إن علي المصري هو أحد تجار الخشب المشهورين بالإسكندرية. حيث قام ببناء مسجده خلفًا لجزء من وكالته التجارية وأوقف عليه أوقافا كثيرة للحفاظ عليه. وهو صمم على طراز الشمع ومرفق به سبيل وكتاب للتعليم، كما أسس “حمام المصري”.

سيدي الوقاد

أما ضريح “سيدى الوقاد” يقع بشارع الباب الأخضر، وهو أحد مشايخ الصوفية وتعرض منذ فترة لمحاولات تخريب لكونه غير مدرج بجدول الآثار. ويجاور الضريح عقارين يعتبران من التحف المعمارية العظيمة، وهم مصممين على الطراز الأوروبي. ما يشكل خليط ثقافي بين الطراز العثماني والديني والأوروبي والجميع تعايشوا دون مشكلات، بحسب الدكتور إسلام عاصم.

أبو بكر الطرطوشي

واستكمل الدكتور إسلام عاصم الجولة نحو مسجد سيدي الإمام أبو بكر الطرطوشي. وقال إن اسمه الأصلي هو “طرطوسة” لكون موطنه إسبانيا إقليم برشلونة ومولده في الأندلس المملكة الإسلامية آنذاك. وفسر عاصم سبب مجيئه إلى مصر أن مصر وقتها كانت عبارة عن طريق للتجارة والحج. وكانت تحذي بأهمية الدينية ولها قيمة دينية بصفتها مكان يرابط فيه المسلمون خوفًا من أى غزو يحدث.

وأضاف عاصم أن الأمام “الطرطوشي” كتب كتاب سراج الملوك، وهو من أهم مراجع التاريخ والتفسير. ولفت إلى أنه تم تجديد المسجد في النصف الثاني من القرن 19، من خلال خشيار هانم أو شفأ هانم من أسرة الخديوي محمد علي.

وأوضح عاصم أنه بجوار مسجد الطرطوشي يوجد شارع سيدي العقباوى وهو مدفون بجوار سيدي “الطرطوشي”. كما زارت الجولة التراثية وكالة “الذربيني”، وهو يوناني الأصل. حيث تعتبر أول وكالة لتجارة الزيت في أوائل القرن العشرين. وتضم أيضًا مخازن ووكالات ومصانع قديمة لصناعة البسطرمة والكثير من المنازل العثمانية.

تصوير: نشوى فاروق
مسجد نظير أغا

واتجهت الجولة التراثية نحو مسجد “نظير أغا”، ويعد من المساجد المعلقة المميزة، لكونه يضم 2 سبيل وصهريج لتخزين المياه طوال العام.

وقال الدكتور إسلام عاصم، إن لقب نظير أغا هو لقب تركي معروف كلقب عسكري. ولكن صاحب المسجد لم يكن رجلًا عسكريًا بل كان من “الطواشية” “الخصيان”. وهو من الرجال الذين كان يتم إخصائهم، لكي يكونوا من حريم الملك وهو كان مملوك لبنت محمد علي باشا “خديجة”. والتي تزوجت محرم بك، وبعد ذلك تم عتقه وعمل بالتجارة وأصبح من الأثرياء.

وأضاف عاصم أنه قبل أن يموت أوصى صديقة “النورسي” باستكمال بناء مسجد، وهو كان المسؤول عن أموال المسجد، وحينما علمت حفيدة محمد علي باشا بذلك، رفعت دعوى قضائية، وقالت إن “نظير أغا” كان عبدًا عندهم، ومن حقهم أمواله وبالفعل أخذوا ثروته واستبعد “النورسي” وبعد 9 سنوات رفع “النورسي” قضية واسترد كل شىء من أسرة محمد علي، كما زارت الجولة مسجد سيدي المنير أحد أشهر قضاة الإسكندرية.

ختام الجولة

وفي ختام الجولة شرح الدكتور إسلام عاصم من أمام “كنيسة سانتاريتا”. وهي بالقرب من الباب الغربي والمسمى بالباب الأخضر ويقع بجوارها مسجد الألف عمود. وقال عاصم، إن كنيسة سانتاريتا هي التي حصلت فيها الترجمة السبعينية للتوراة من اللغة العبرية إلي الرومية اللاتينية. وذلك في عهد بطليموس الثاني.

وأضاف علي باشا مبارك في كتابه أنه احتمال كبير هو أن هذه الكنيسة هي التي أقام فيها 70 شخصا الذين ترجموا التوراة. وبعد ذلك تحول إلى مسجد يقال إنه مسجد الألف عامود الذي تم بيعه لكنيسة الفرنسيسكان في عام  1860.

* ولاد البلد الشريك الإعلامي لفعاليات أيام التراث السكندري.

اقرأ أيضا:

بحيرة مريوط: مقر التجارة والصيد وزيت الزيتون قديمًا

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر