د. أيمن ونس بعد استقالته: استقلت لإبراء ذمتي.. ويجب إعادة النظر في مخطط تطوير القاهرة

د. سهير حواس: هناك استقالات أخرى سيتم الإعلان عنها خلال أيام اعتراضا على هدم المقابر

قدم الدكتور أيمن ونس، أستاذ التصميم العمراني بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، استقالته من رئاسة اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، احتجاجًا على التدمير الذي يحدث لمقابر القاهرة التاريخية.  هذه الاستقالة لاقت ترحيبًا كبيرًا من جانب المتخصصين، نتيجة اعتراضهم عما يحدث من عمليات هدم داخل مدينة القاهرة التاريخية. إذ سبقها أيضًا انسحاب أغلب أعضاء اللجنة التي شكلت مؤخرًا من جانب رئيس الجمهورية اعتراضًا على استمرار هدم الجبانات. ومنهم الدكتورة سحر عطية، عضو مجلس النواب وأستاذة الهندسة بجامعة القاهرة. والدكتورة زينب شفيق، أستاذ متفرغ بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة. والدكتور جلال عبادة، أستاذ العمارة والتصميم العمراني بجامعة عين شمس. والدكتورة مي الإبراشي، أستاذ العمارة التراثية ورئيس مجلس إدارة جمعية الفكر العمراني، والدكتور عباس الزعفراني، أستاذ التخطيط العمراني.

وفي تصريحات خاصة لـ«باب مصر» قال أيمن ونس: “استقلت لأن مشروعات التنمية التي تجري حاليًا داخل مدينة القاهرة التاريخية، لا تتماشي مع أصول التنمية داخل المناطق التاريخية. والتي تؤدي بالضرورة إلى إهدار المباني التراثية والنسيج العمراني ذو القيمة، الذي تتفرد به المدينة”.

إهدار القيمة

وأضاف ونس: تعاملت مع الموضوع بصفتي مواطن مصري غيور على تراثه، بجانب معرفتي حول كيفية التعامل مع المناطق التاريخية. إذ لابد من التعامل مع هذه المناطق تحديدًا بأسلوب مختلف، فالتعامل معها يجب أن يكون ببطء شديد، من خلال الدراسات التاريخية. بجانب ضرورة تحديد مفهوم القيمة الموجودة داخلها، كي لا يتم إهدارها في نهاية الأمر.

يستطرد: المخطط المطروح لمدينة القاهرة ليس سرًا. وهو مخطط للأسف ممتد، ويجب اعادة النظر فيه بشكل كامل. لذلك نحن نحذر من أن التعامل داخل هذه المناطق يجب أن يكون بأسلوب مختلف تمامًا. فالتنمية السريعة تتم داخل المناطق ذات الحيز الواسع. لكن التعامل مع المناطق التاريخية، لابد أن يكون بطريقة علمية ومتأنية وحذرة.

إهدار التراث

وعن تقدمه بالاستقالة الأخيرة قال: “لا يمكن أن أتأخر عن بلدي أبدًا. ولو تم تكليفي في أي وقت سأوافق بكل تأكيد، لكن قرار الاستقالة أردت من خلاله إبراء الذمة مما يحدث من إهدار للتراث. وضرورة التأني في أعمال التنمية داخل القاهرة القديمة، لأن ما يحدث لا يلائمها أبدًا. فهذا هو العلم الذي ندرسه لطلابنا، وهي قواعد معروفة لجميع المتخصصين”.

نص استقالة د. أيمن ونس
نص استقالة د. أيمن ونس
تسجيل موقف

وأضاف: هناك مفهومان رئيسيان يحددان طبيعة العمل داخل المناطق التاريخية، ومنهم مفهوم القيمة. وهذا المفهوم لو تم تطبيقه على جبانات القاهرة، فهو يكمن في الأعمال اليدوية الموجودة داخلها، ودقتها، وندرتها أيضًا. كذلك فقيمة هذه المقابر تتمثل في الشخصيات التاريخية المدفونة بداخلها. وأيضًا فهذه المقابر تمثل حقبة تاريخية معينة؛ لذلك مفهوم القيمة هو ما يجب أن نتفق عليه.

أما القيمة الثانية فهي تخص القيمة التاريخية. فنحن عندنا مبان أثرية عمرها 600 عام وأكثر، وبجوارها مبان أخرى عمرها 120 سنة. فجميع هذه المبان تمثل حقب تاريخية مختلفة لابد من الاحتفاظ بهم جميعًا، تمامًا كما في الأقصر. فقد تم بناء مسجد أبو الحجاج الأقصري، وتم تشييده على الجانب الشمالي الشرقي من معبد الأقصر، ورغم هذا لم يتم هدمه. فقد تم الحفاظ على التراكم التاريخي بداخله. لذلك لابد من مراعاة هذه المفاهيم، بل ومشاركة المجتمع في أي عملية تطوير.

وأنهى حديثه: “استقالتي سببها هو تحريك المياه الراكدة، بعد هدم الكثير من المبان المهمة خلال الفترة الأخيرة. لذلك أردت تسجيل موقف جراء عمليات الهدم التي تحدث داخل مدينة القاهرة التاريخية”.

وضع مؤسف

الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم العمراني بجامعة القاهرة قالت: “الوضع الحالي مؤسف، وما فعله الدكتور أيمن ونس، من استقالة هو قرار يحسب لهُ، وهي لغة معروفة توضح أن جميع المتخصصين يرفضون ما يحدث، وهذه الاستقالات التي حدثت مؤخرًا، ومنها استقالة اللجنة التي شكلها الرئيس بشأن جبانات القاهرة التاريخية، حدثت كرد فعل بسبب ما يحدث من تدمير للجبانات، وهناك بالمناسبة استقالة أخرى سيتم الإعلان عنها خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة”.

وأضافت حواس: ما يحدث لا يمت للعلم بأي شكل من الأشكال، فأغلب المبان التي يجري هدمها، قمنا بتسجيلها على مدار سنوات طويلة، ومن المفترض أن قانون التنسيق الحضاري يحميها، لكن ما جرى كان العكس للأسف الشديد.

خسارة كبيرة

أحد الأعضاء المستقيلين من اللجنة التي شكلها الرئيس مؤخرًا قال: استمرار العند بهذه الطريقة أمر خاطئ، لأن هذه المعركة ليس بها فائز أو خاسر، لأننا جميعًا في النهاية نفقد تراثنا، والمبنى الذي يتم هدمه لا يمكن أن نسترجعه مرة أخرى.

وأضاف: قرار الاستقالة أراح ضميري، لكن خسارتنا كانت أكبر، بسبب هدم المقابر؛ لذلك أتمنى التراجع عن هذه الخطوة بشكل فوري، فنحن للأسف لم نستطع من وقف ما يجري خلال عملنا داخل اللجنة، فهناك مخططات أخرى تخص منطقة القرافة، ومنها القرافة الشرقية، وهذه الأمور لابد التراجع عنها، فجميع الحلول التي وضعناها خلال فترة تواجدنا داخل اللجنة كان الهدف منها هو حل جميع المشكلات المرورية داخل هذا الحيز، واستطعنا بالفعل من تحقيق الأمر، عبر الدراسات التي قمنا بها، وأيضًا دراسات الجدوى. فقد قمنا بحل مشكلات طريق صلاح سالم، ونفق الأزهر؛ لذلك فأي أعمال هدم ستحدث داخل الجبانة الشرقية، ليس لها سبب علمي، لأننا كما ذكرت قمنا بحل المشكلة من الأساس.

اقرأ أيضا:

انسحاب 5 أعضاء من لجنة تقييم وضع «المقابر التاريخية»

للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:

Babmsr Newsletter

النشرة الإخبارية الشهرية
مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر