"روزان في اليابان" قصة قصيرة للطالبة روزان هيثم
كانت روزان متشوقة جدًا لأنها كانت على وشك الذهاب إلي اليابان، فقد كانت متلهفة جدًا لمعرفة ما بها ولكنها لم تكن تعرف ما يوجد بها، أو أين تقع؟ كل ما كانت تعرفه أنها بلد بعيد جدًا وفى أثناء تفكيرها شاهدت أمها منشغلة بإعداد الحقائب للسفر، وسألتها: أمي أمي: متى سنذهب إلي اليابان؟ فقالت لها: أصبري يا روزان، سنذهب إلي المطار فى ظهر الغد- إن شاء الله- فذهبت روزان للعب مع أخوتها: سلطان، والتوأم: عثمان وسوزان، وأخذوا يتحدثون مع بعضهم عن ماذا سوف يشاهدون فى اليابان، فقالت روزان: أصبروا غدًا سنعرف.
وفى ظهر اليوم التالي، ركبوا جميعًا السيارة ليذهبوا إلي المطار، وكانت سيارات أقاربهم تتبعهم حتى وصلوا وأنزلوا الحقائب، وفى أثناء ذلك كانت روزان تنظر إلي المطار من الخارج فدهشت به وبمنظر الطائرات التي تحلق، والأخرى التي تهبط، وعندما دخلت المطار أعجبها من الداخل، فقالت روزان: ياله من مكان واسع جميل! ولكن … ما هذه الآلة التي أراها بين الزجاج في نهاية الساحة يا أمي؟ فقالت أمها إنها آلة مخصصة لتفتيش الحقائب، أنظرى كيف توضع الحقائب من الجهة الأمامية وتتحرك على سير، فتعبر بكاميرات مخصصة بحيث يتمكن صاحب الآلة صاحب الآلة أن يري ما بداخل الحقائب، ثم تخرج من الجهة الخلفية.
فقالت روزان: ومن هؤلاء الذين يحملون حقائبنا؟ فقالت الأم: هؤلاء عمال يحملون الحقائب إلي الطائرة.
فقالت روزان: شكرًا يا أمي لأني قد فهمت الآن وظيفة الآلة وهؤلاء العمال، فقد كانت هذه أول مرة تذهب فيها روزان إلي المطار.
ركبت روزان وأسرتها إلي داخل الطائرة وجلست روزان بجوار النافذة، وجلس أخوها سلطان بجوارها، وكذلك أمها وأخوتها عثمان وسوزان مع بعضهما، وبعد قليل بدأت الطائرة تتحرك ببطيء ثم طارت في السماء، وهنا شعرت روزان بألم في أذنها فأخبرت أمها بذلك، فقالت لها وفى يدها علكتين خذي أمضغي واحدة وأعطي الأخرى لسلطان، فمضغ العلكة يخفف من هذا الألم، وقد أخبرتها أمها بأن هذا الألم نتيجة التغير في الضغط الجوي، بسبب ارتفاع الطائرة، شكرت روزان أمها وبدأت في مضغ العلكة، وبعد قليل شعرت بالارتياح، وبدأت تنظر من النافذة على السحاب المتعانق في الفضاء، وسط زرقة السماء، فأعجبت بمنظره وكيف تحلق الطائرة من فوقه، فقالت: سبحان الله !، وطلبت منها أمها أن تقرأ أدعيتها التي تحفظها، ثم ذهبت في نوم عميق، وعندما استيقظت سألت أمها متى سنصل إلي اليابان؟ فقالت لها: إن الرحلة طويلة جدًا فأكلت بعض الطعام ثم نامت مرة أخري حتى أيقظتها أمها عند هبوط الطائرة بمطار يدعي مطار “أوساكا” باليابان، حيث كان ينتظرهما أبوهما هناك، عندما دخلت روزان إلي طار أوساكا أعجبت به كثيرًا ولكن ما زاد من أعجابها دقة التفتيش داخل المطار، وكيف يتعامل هؤلاء اليابانيون داخل المطار وكيف قاموا بحمل حقائبهم إلي خارج المطار، وكيف قاموا بمساعدة أمها في حمل أخوتها عثمان وسوزان وكيف كانوا يبتسمون ويقدمون التحية عند رؤيتهم بالانحناء لهم، وقد كانت أول مرة تري تحية بهذا الشكل.
وابتهجت الأسرة برؤية أبيهم في خارج المطار وذهبوا جميعًا لقضاء ليلتهم بأحد الفنادق بعد رحلة عناء طويلة.
وفى الصباح الباكر ذهبوا إلي مطار آخر لركوب الطائرة التي سوف تحملهم إلي ” ناجا زاكي” حيث كان يدرس أبوها الدكتوراه هناك، والوصول إلي ناجا زاكي:-
وصلت الأسرة إلي ناجا زاكي بعد رحلة قصيرة بالطائرة، ثم الأتوبيس من المطار إلي المدينة.
دهشت روزان عندما شاهدت الناظر الجميلة من الأشجار والغابات والمحيطات والشوارع النظيفة والمباني المتناسقة، وكذلك إشارات المرور كثيرة جدًا ومنظمة ودقيقة جدًا فقد أعجبت بها جميع الأسرة.
وصلت الأسرة إلي منزلها الجديد فأدهشت روزان والأسرة من شكل وتصميم البيت من الخارج وكذلك من الداخل، ففي مقدمة المنزل بعد الباب مباشرة- توجد مساحة منخفضة صغيرة عن مستوي باقي المنزل وذلك لخلع الأحذية قبل الدخول.
وكانت مساحة المنزل صغيرة جدًا بالنسبة إلي الشقة التي كانت تسكنها روزان في مصر، حيث كان المنزل يتكون من غرفتين فقط، وصالة لإعداد الطعام ومشاهدة التلفاز، وكذلك الحمام الصغير بجواره البانيو الصغير أيضًا.
تعجبت روزان من أرضية المنزل، فقد كانت الغرفتان مفروشتين بشيء مصنوع من القش في صورة قوالب مستطيلة تسمي باللغة اليابانية” تتامي” وكانت مريحة جدًا، أما باقي أرضية المنزل مغطاه بخشب لامع يسمي ” الباركيه” وليست هناك أي أسِرَة للنوم، فاليابانيون لا ينامون إلا على” التاتا مي” ولكن لم تكن هذه مشكلة لأن البيت كان نظيفًا وجميلًا وهادئًا جدًا جدًا.
كما أعجبت روزان من اهتمام اليابانيين بالالتزام والهدوء الشديد وكذلك اهتمامهم بالنظافة بصفة عامة سواء في الشوارع والمنتزهات والحدائق العامة.
أما القمامة فيتخلص منها اليابانيون بصورة رائعة، ومنظمة لدرجة كبيرة حيث يخصص كيس لكل أنواع من القمامة، فالكيس الأحمر لجمع المحروقات، والكيس الأصفر لجمع البلاستيك، والكيس الأزرق لجمع المعادن، مثل المعلبات وغيرها من الأدوات المنزلية، والكيس البني لجمع الأدوات الخشبية، وغيرها من الأكياس الأخرى مختلفة الأغراض، كما يوجد هناك كتيب للإرشادات الخاصة بكيفية الاستخدام لكل كيس، وكيفية التخلص منها.
ولاحظت روزان ان اليابانيون لا يهتمون بالنظافة فقط، بل بالنظام أيضًا، فتجد أن الجميع يلتزم بإشارات المرور ولا يخالفها أحد! وليست هناك فوضي، بل يقفون فى طوابير منظمة، وكذلك النظام حتى فى العمل، فإذا كان لأحدهم أكثر من عمل فلا يقومون به مرة واحدة إنما يقوم بإنهاء العمل تلو الآخر … وهكذا.
بعد استقرار الأسرة في منزلها الجديد واقتراب موعد الدراسة أرسل مجلس المدينة خطابًا إلي والد روزان بضرورة إلحاقها بإحدى المدارس الابتدائية اليابانية، فذهب الأب مع ابنته روزان إلي المكتب المختص بالتنسيق لاختيار المدرسة المناسبة، وتم اختيار مدرسة على بعد ثلاثة كيلو مترات من المنزل، وكانت هي الأقرب للمنزل.
وفى اليوم التالي ذهبت روزان مع أبيها إلي المدرسة، وكان الطريق إليها طويلًا، غير أن هناك تلاًلا مثيرة وأمطارًا غزيرة أتبعتهما.
ودخل إلي المدرسة فوجد معلمتها الجديدة في الانتظار ، وقد رحبت بهما بالطريقة اليابانية، وبعد حوار قصير عرف الأب مستلزمات المدرسة ومتطلباتها، ثم عادا إلي البيت، وفى اليوم التالي ذهبت روزان مع أبيها على دراجة عادية، كان الأب يستخدمها لإحضار متطلبات الأسرة والذهاب للجامعة.
وعند باب المدرسة رأت روزان المعلمين يقومون بتحية التلاميذ ويقولون “أوهايو جوزا يماس” ولم تفهم روزان ما يقولونه ودخلت إلي المدرسة ورأت التلاميذ يخلعون أحذيتهم ثم يضعونها في خزائن مخصصة فعلت مثلهم، ثم وجدت خزانة مكتوب عليها، أسمها باللغة الإنجليزية، وكذلك بالحروف اليابانية التي تفهمها، فوضعت حذائها داخل المكان المخصص له، وأخذت الحذاء الآخر المخصص لداخل المدرسة، وبعد ذلك ذهبت إلي فصلها فوجدت التلاميذ يفرغون حقائبهم من الكتب داخل الدرج المخصص لها داخل الفصل، ويقومون بوضع الحقائب وكذلك زجاجات المياه في خزائن أخري مخصصة لذلك خارج الفصل.
أخذت روزان بعض الأدوات المدرسية من معلمتها ووضعتها داخل الدرج المخصص، وكانت روزان متحمسة جدًا ومتشوقة لتبدأ يومها الدراسي الأول فى تلك المدرسة اليابانية.
وفى تمام الساعة الثامنة صباحًا دخلت المعلمة وقامت بتحية التلاميذ ثم أعطت كل تلميذ مجموعة من الكتب والكراسات، لكل مادة كتابها وكراستها الخاصة بها.
بدأ اليوم الدراسي أخذت روزان قصص كثيرة ومتنوعة وفى تمام الساعة الخامسة مساءً أنتهي اليوم الدراسي الأول، ثم عادت إلي منزلها مع أبيها، ومر الأسبوع الأول وكانت قد تعودت رزان على الطريق وتعرفت عليه، واعتادت الذهاب إلي المدرسة والعودة منها بمفردها معتمدة على نفسها، كما كانت ترى التلاميذ اليابانيين يفعلون ذلك كل يوم.
ومرت الأيام وروزان سعيدة جدًا بمدرستها الجديدة- رغم المعاناة التي تجدها في رحلة الذهاب إلي المدرسة والعودة منها كانت حصص المدرسة كثيرة ومتنوعة وشيقة، فمثًلا في حصة اللغة اليابانية يقرأ التلميذ الدرس المكتوب، وتقوم المعلمة بشرحه للتلاميذ، وكذلك تقوم بشرحه لروزان باللغة الإنجليزية التي كانت قد تعلمت بدايتها في مدارس اللغات الحكومية بمصر، وكانت روزان تعانى في البداية من كيفية التعامل مع اليابانيين وطباعهم المختلفة بجانب اللغة اليابانية الصعبة جدًا لغتًا وكتابة، وبعد فترة تعودت روزان على ذلك.
أما حصة اللغة الإنجليزية فكانت تؤخذ كل بضعة شهور، وكان المعلم يعرض صورًا مكتوبًا في أسفلها المعني باللغة الإنجليزية، يقرؤها المعلم ويرددها التلاميذ، أما في حصة الرياضيات فكان معظم الشرح عمليا، مثلًا عند تعلم “العد” ، كانت المعلمة تعطى لكل تلميذ مجموعة من المكعبات الصغيرة ،ويقوم التلميذ بحل المسالة باستخدام تلك المكعبات ، أما بالنسبة للأشياء القياسية مثل قياس طول كتاب أو قلم ،كانت المعلمة تعطى التلاميذ مساطر خشبية موحدة الشكل ،ولكل تلميذ مسطرته الخاصة مكتوب عليه اسمه حتى لا تتبدل مع زملائه ،ويقوم باستخدامها فى القياس .
أما في حصة التربية الرياضية يقوم كل تلميذ بخلع ملابسه في المكان المخصص لذلك ،ويقوم بإرتداء الملابس الرياضية ،وفى هذه الحصة يتدرب التلاميذ على عرض راقص مخصص لكل صف ،ويعرض في نهاية العام الدراسي ،ويسمى (باليوم الرياضي )الذى تحضره جميع الأسر .
بالإضافة الى تعلم بعض المهارات كركوب الدراجة ذات العجل الوحد وتعلم مهارات الاتزان آما في الصيف يقوم التلاميذ بممارسة العوم فى حمام السباحة الخاص بالمدرسة .
أما في حصة الموسيقى فكان التلاميذ يتعلمون العزف على الآلات المختلفة ،و الصغار منهم يعزفون فقط على (ألة البيانو ).
كانت هناك استراحتان بين الحصص :الاستراحة الأولى فهي مخصصة للعب ،أما الثانية فتكون وقت الغداء وحينها توضع جميع أصناف الطعام على مائدة مخصصة لذلك ،ويقف التلاميذ أمامها في طابور منتظم ،وهناك فريق من التلاميذ أنفسهم يقومون بتوزيع الطعام على زملائهم ،ويكون ذلك بالتناوب بينهم فيأخذ كل تلميذ قدر حاجته من الطعام .
والطعام في اليابان يطبخ داخل المدرسة ،ثم يعطى إلى التلاميذ بعد التأكد من سلامته ،أما روزان فكانت تحضر طعامها من المنزل في لم تعتد على طعامهم ،فقد كان غريب المذاق بالنسبة لها ،وقليل الملح ،وبعضه غير مطهى مثل شرائح السمك والتي تسمى باليابانية (السوشي ).
وبعد أن ينتهى التلاميذ من الطعام يذهبون للعب أو المكتبة ،وفى نهاية الأسبوع -يوم الجمعة – يقوم كل فصل بتنظيف فصله والجزء الذى أمامه من الممر ،ثم تعود روزان في نهاية الأسبوع حاملة معها كل أدواتها التي استخدمتها طوال أيام الأسبوع وذلك لغسلها بالمنزل يومي العطلة.
وكانت هذه المدرسة أروع مدرسة رأتها روزان في حياتها ولاتزال تذكرها حتى كبرت .
ترى: هل يأت يوم وترى روزان تلك المدرسة في وطننا الحبيب ؟!!!!!!
روزان هيثم الشنهورى، طالبة فى الصف الخامس الابتدائي ، بمدرسة التجريبية الرسمية للغات، بحجازه قبلي بمدينة قوص ، حصلت على المركز الأول فى مسابقة أفضل قاص وقاصة على مستوي الإدارة التعليمية بقوص، وتأهلت وفازت بالمركز الأول على مستوي محافظة قنا منذ أيام، وتصعد لتنافس على مستوي الجمهورية، خلال الفترة المقبلة .
هذه القصة هى التى تقدمت بها روزان للمسابقة، وتحكى فيها تجربة سفرها إلى لليابان مع والدها و أسرتها حيث كان والدها يدرس للحصول على درجة الدكتوراه فى الطب من إحدى الجامعات اليابانية.
يعمل والد روزان طبيب وأستاذ جامعي بجامعة جنوب الوادي كلية الطب، ووالدتها طبيبة بمركز بقوص
تعليق واحد