قمة المناخ الإفريقية: تحذيرات من نزوح وصراعات وانعدام الأمن الغذائي

أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومفوضية الاتحاد الإفريقي والمركز الإفريقي لسياسات المناخ التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة في قمة المناخ الإفريقية، تقريرها السنوي عن حالة المناخ في إفريقيا لعام 2022.

ويظهر تقرير حالة المناخ في إفريقيا لعام 2022، عدد من التغيرات من بينها تسارع معدل ارتفاع درجات الحرارة في إفريقيا خلال العقود الأخيرة. فضلا عن تزايد حدة المخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ، مع عدم كفاية تمويل خطط التكيف مع تغير المناخ.

قمة المناخ

تتناول قمة المناخ الإفريقية المنعقدة في كينيا خلال الفترة من 4 إلى 8 سبتمبر الجاري، عدد من العناوين. من بينها معاناة إفريقيا من تغير المناخ بشكل غير متوافق، تسارع ارتفاع درجة الحرارة، تفاقم انعدام الأمن الغذائي والنزوح والصراع بسبب الطقس المتغير، انخفاض الإنتاجية الزراعية، ارتفاع الخسائر والأضرار، وعدم كفاية تمويل التكيف مع تغيرات المناخ.

بحسب التقرير، لا تتحمل إفريقيا سوى جزء بسيط من المسؤولية عن انبعاث غازات الاحتباس الحراري العالمية، ولكنها تعاني بشكل غير متناسب من تغير المناخ.

ومن بين تأثيرات تغير المناخ، إلحاق الضرر بالأمن الغذائي والنظم الإيكولوجية والاقتصادات، وزيادة معدلات النزوح والهجرة وخطر الصراع على الموارد القليلة. وفقا لتقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO).

رسم بياني عن الفرق في درجات الحرارة منذ عام 1991 حتى عام 2020 في إفريقيا
رسم بياني عن الفرق في درجات الحرارة منذ عام 1991 حتى عام 2020 في إفريقيا
خسائر بسبب تغير المناخ

وبحسب التقرير، تأثر أكثر من 110 ملايين شخص في القارة السمراء بشكل مباشر بالأخطار المتعلقة بالطقس والمناخ والماء في عام 2022. وهو ما تسبب في أضرار اقتصادية تزيد قيمتها على 8.5 مليار دولار أمريكي.

لم تقتصر الخسائر عند هذا الحد، وتم تسجيل 5000 حالة وفاة بسبب تغيرات المناخ، لكن بحسب قاعدة بيانات الظواهر الطارئة. من المرجح أن يكون 48% من الوفيات بسبب الجفاف، و43% منهم بسبب الفيضانات. ومن المحتمل أن يكون عدد الوفيات الحقيقي أكبر بكثير من هذا الرقم.

من جانبه قال الأمين العام للمنظمة البروفيسور بيتيري تالاس: إن إفريقيا مسؤولة عن أقل من 10% من انبعاث غازات الاحتباس الحراري العالمية. ولكنها القارة الأقل قدرة على التعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ.

وتابع: موجات الحر والأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير المدارية والجفاف المطول لها آثار مدمرة على المجتمعات والاقتصاد، بالإضافة إلى أنها تزود عدد الأشخاص المعرضين للخطر.

وعلى حد وصفه هناك فجوة كبيرة في رصد الطقس في إفريقيا وعدم كفاية خدمات الإنذار المبكر. لافتا إلى ضرورة وصول الإنذارات المبكرة المنقذة للحياة إلى الجميع.

إنذار مبكر للجميع

صدر التقرير بالاشتراك مع مفوضية الاتحاد الإفريقي ومركز سياسات المناخ الإفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا (UNECA) خلال قمة المناخ الإفريقي. وشهدت قمة المناخ أيضا إطلاق خطة عمل الإنذار المبكر للجميع في إفريقيا. فيما أصدرت كينيا، التي تستضيف القمة، تقريرها عن حالة المناخ لعام 2022.

وقالت السفيرة “ساكو كوريا ليونيل جوزيفا” مفوضية الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي: “لقد تصالحت إفريقيا، شأنها شأن المناطق الأخرى، مع حقيقة أن تغير المناخ أصبح واقعا فإذا تخلينا عن مستقبل السنوات القادمة دون ترويض، سنشهد ضغطا قويا عن المناخ على اقتصاد إفريقيا”.

وكتبت في التقرير: “بالنظر إلى تعرض إفريقيا الكبير وهشاشتها وانخفاض قدرتها على التكيف، من المتوقع أن تكون آثار تغير المناخ فيها أكثر حدة. فصحة الناس والسلامة والازدهار والبنية التحتية والأنشطة الاقتصادية الأخرى في العديد من القطاعات في إفريقيا معرضة لمخاطر كبيرة مرتبطة بتغير المناخ”.

الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والماء في إفريقيا لعام 2022
الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والماء في إفريقيا لعام 2022
الزراعة في إفريقيا

تطرق التقرير إلى تأثير الزراعة التي تعد الدعامة الأساسية لسبل العيش والاقتصادات الوطنية في إفريقيا. إذ إنها تدعم أكثر من 55% من القوى العاملة. ولكن نمو إنتاجيتها الزراعية قد انخفض بنسبة 34% منذ عام 1961 بسبب تغير المناخ. وهذا قياسا بما شهدته مناطق أخرى من العالم، ليصبح الأعلى قياسا.

ومن المتوقع أن تزيد الواردات الغذائية السنوية المتوقعة من البلدان الإفريقية بنحو ثلاثة أضعاف، من 35 مليار دولار إلى 110 مليارات دولار بحلول عام 2025. وسيتوقف مستوى الخسائر والأضرار، وبالتالي التكاليف، على العديد من العوامل، من بينها مستوى إجراءات التخفيف العالمية والاستثمار في التكيف على المستوى المحلي.

ترتفع درجة حرارة العالم بمقدار 4 درجات مئوية. وهذا التزايد مع التكيف الإقليمي يمكن أن يكبد تكاليف الأضرار المتبقية التي تعادل 3% من الناتج الإجمالي المتوقع لإفريقيا بحلول عام 2080.

من المتوقع أن تتراوح تكاليف الخسائر والأضرار في إفريقيا بسبب تغير المناخ بين 290 مليار دولار أمريكي، و440 مليار دولار أمريكي للفترة من 2020 إلى عام 2030، وفقا لمركز سياسات المناخ الإفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا ( UNECA).

تناقص الموارد وزيادة الصراعات

خلص التقرير إلى التنبؤ بزيادة الصراعات على الأراضي المنتجة والمياه والمراعي، بسبب تغير المناخ. حيث ازداد العنف بين المزارعين والرعاة على مدى السنوات العشر الماضية بسبب تزايد ضغط الأراضي. مع وجود تركيزات جغرافية في العديد من بلدان جنوب الصحراء الكبرى.

تعاونت وكالات عالمية ومفوضية الاتحاد الإفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا لإنتاج هذا التقرير. بالإضافة إلى مساهمات من المرافق الوطنية الإفريقية للأرصاد الجوية. ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة والهيدرولوجيا، ومراكز المناخ الإقليمية التابعة لمنظمة التنمية الإفريقية.

وسرد التقرير الرسائل الرئيسية لقمة المناخ، وهي:

درجة الحرارة

كان متوسط معدل الاحترار في إفريقيا +0.3 درجة مئوية في العقد خلال الفترة 1991 – 2022. مقابل + 0.2 درجة مئوية في العقد خلال الفترة بين عامي 1961 و1990. وهذا أعلى قليلا من المتوسط العالمي.

وكان الاحترار أسرع في شمال إفريقيا، التي اجتاحتها الحرارة الشديدة. الأمر الذي أدى إلى زيادة حرائق الغابات في الجزائر وتونس خلال عام 2022.

هطول الأمطار

واجه القرن الإفريقي أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، وتضررت إثيوبيا وكينيا والصومال بشكل خاص. وكانت ظاهرة ” إل نينو” الثلاثية عاملا مساهما هاما. وأدت خمسة مواسم متتالية من عدم هطول الأمطار إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي.

وفي الصومال نزح ما يقرب من 1.2 مليون شخص داخليا بسبب الآثار الكارثية للجفاف على سبل العيش الزراعية والجوع خلال العام. وسجلت في إثيوبيا 512000 حالة نزوح داخلي أخرى مرتبطة بالجفاف. فيما شهدت أجزاء كثيرة من منطقة الساحل فيضانات كبيرة خلال موسم الرياح الموسمية. إذ تضررت نيجيريا والنيجر وتشاد والنصف الجنوبي من السودان.

شذوذ هطول الأمطار بالملليمتر لعام 2022
شذوذ هطول الأمطار بالملليمتر لعام 2022
الأعاصير المدارية

شهد جنوب المحيط الهندي موسم أعاصير استوائية نشطة، على الرغم من البداية المتأخرة بشكل غير عادي. وتعرضت منطقة الجنوب الإفريقي لسلسلة من الأعاصير المدارية والعواصف الاستوائية في الأشهر الأولى من عام 2022. مما أدى إلى فيضانات ونزوح السكان. ولم يُتاح سوى القليل من الوقت للتعافي بين الصدمات مثل ما حدث في مدغشقر.

ارتفاع مستوى سطح البحر

أشار التقرير إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر الساحلي مماثلا للفيمة المتوسطة العالمية البالغة 3.4 ملم في السنة. وهو أعلى من المتوسط العالمي على طول البحر الأحمر البالغ 3.7 ملم/ سنة. وعلى طول غرب المحيط الهندي 3.6 ملم/ سنة.

التكيف مع المناخ

في عام 2021، بلغ نصيب الفرد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون في إفريقيا 1.04 طن متري للشخص الواحد. مقارنة بالمتوسط العالمي وهو 4.69 طن متري للشخص الواحد. وقدم أكثر من 50 بلدا إفريقيا مساهمات تتمثل في الزراعة والأمن الغذائي والمياه والحد من مخاطر الكوارث والصحة.

وعن الميزانية المحتملة لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا في إفريقيا. ستتطلب ما يصل إلى 2.8 تريليون دولار أمريكي خلال الفترة من عام 2020 إلى عام 2030.

وقد ضاعف مصرف التنمية الإفريقي تمويل المناخي إلى 25 مليار دولار أمريكي بحلوب عام 2025. وخصص 67% من تمويله المناخي لأغراض التكيف بالإضافة إلى ما يصل إلى 13 مليار دولار أمريكي لصندوق تنمية إفريقيا.

اقرأ أيضا:

أطلس «مياه المتوسط»: كيف يمكن أن نفهم تأثير التغير المناخي على المدينة؟

للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:

Babmsr Newsletter

النشرة الإخبارية الشهرية
مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر