ختام فعاليات اللقاء السنوي للمثقفين بمكتبة الإسكندرية
شهدت مكتبة الإسكندرية، أمس الأربعاء، ختام فعاليات اللقاء السنوي للمثقفين، والذي شارك فيه نخبة كبيرة من المثقفين والمفكرين في شتى المجالات.
وقال الدكتور سامح فوزي، رئيس قطاع الإعلام والاتصال بمكتبة الإسكندرية، إن اللقاء سعى أن يقدم ساحة مفتوحة للحوار ومنبر لمتحدثين يمثلون كافة الاتجاهات. مضيفًا أن القضايا الفكرية المطروحة والتوصيات التي خرج بها اللقاء ستشكل أساسًا لبلورة محاور القمة الثقافية العربية التي تعتزم مكتبة الإسكندرية عقدها.
ولفت إلى أن مكتبة الإسكندرية ستعمل في الفترة المقبلة من خلال وحدة “مبادرات الحوار” على تنشيط الحوارات الثقافية في مجالات متعددة، ودعا المشتغلين بالخطاب الديني للتعاون مع مكتبة الإسكندرية من خلال أنشطة الوحدة بهدف بناء وعي ثقافي جديد وإرسال رسائل الحوار والتسامح في الداخل والخارج.
وتقدم الدكتور سامح فوزي بالشكر للدكتورة حنان جرجس نائب رئيس مركز “بصيرة” على تقديم تطبيق للهاتف يسمح بتفاعل المشاركين مع مكتبة الإسكندرية خلال اللقاء. وأكدت جرجس بدورها أن تطبيق “نسألَّك” يهدف إلى ربط المستخدمين بصورة تساعدهم على توجيه أسئلة والحصول على إجابات لها لتمكينهم من التعرف على آراء الأخرين في موضوعات تهمهم، لافتة إلى وجود مساحة خاصة في التطبيق لتوجيه الأسئلة أو المقترحات لمكتبة الإسكندرية.
وتحدث الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، في كلمة ختامية، عن ما أنجزته المكتبة في مشروعاتها الحالية وما تعتزم القيام به في المستقبل. مؤكدًا أنه تم الانتهاء من مشروع مكافحة التطرف والإرهاب، والذي رصدت فيه المكتبة أزمة حقيقية في اللغة العربية، ولمست رغبة الشباب في كل محافظات مصر في تعلم اللغة العربية وآدابها، ولذا تعتزم المكتبة البدء في مشروع جديد وهو “بوابة اللغة العربية”.
وأضاف أن مكتبة الإسكندرية تستهدف المزيد من التعاون مع الأزهر الشريف، وتعمل على مشروع “مكتبة الأزهر الجديدة”، كما أطلقت مشروعًا للترجمة، يوازيه مشروع النشر متعدد اللغات لإصدارات مكتبة الإسكندرية، في محاولة للتعريف بالإنتاج الثقافي المصري في الخارج. ولفت إلى أن مكتبة الإسكندرية تستعد لإطلاق مشروع ذاكرة الوطن العربي، وهو مستودع رقمي سوف يتيح مكانًا للذاكرة العربية على شبكة الإنترنت، ويسعى لحفظ التراث العربي وتوثيقه رقميًا وإتاحته بلغة تناسب روح العصر ومتطلباته.
من جانبه، تحدث الأنبا أرميا، رئيس المركز الثقافي القبطي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن أهمية التواصل مع جيل الشباب، وتحفيزهم على القراءة من خلال منصات وأساليب حديثة، مشددًا على أهمية وضع مناهج التاريخ في جميع مدارس مصر بصورة تؤسس للانتماء لهذا البلد.
وتحدث الأنبا أرميا عن تجربة “بيت العيلة المصري” في تدريب الشيوخ والقساوسة بهدف تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أنها كانت تجربة ثرية ومثمرة، استمرت لمدة ثلاث سنوات، وتمكنت من خلق جو جديد من التعارف والتسامح والحوار في قرى ومراكز عدة.
من جانبه، أكد الشيخ أحمد تركي أن الخطاب الديني ليس كله محض دين، لكنه خطاب ثقافي به نصوص دينية، فإذا كانت الثقافة عفنة سيستخدم الدين في العنف والتطرف، وإذا كانت الثقافة متسامحة سيكون الدين أساس التنوير.
وتحدث الشيخ أحمد تركي عن تجربة الأزهر الشريف في تدريب الأئمة من خلال إدخال البعد الثقافي والوطني في الرسالة الدينية، كما لفت إلى التعاون مع مكتبة الإسكندرية في تدريب أئمة من محافظات حدودية لتعريفهم بتاريخ مصر، مؤكدًا على أهمية فهم مداخل الشباب الفكرية، والتعرف على احتياجاتهم الروحية والثقافية والفكرية، والبعد عن الخطاب الأبوي وبناء جسور التواصل معهم.
وقام مقررو جلسات اللقاء في الختام بطرح أهم القضايا التي تم مناقشتها والمقترحات التي قدمها المشاركين في كافة المجالات، كما شهدت الفعاليات لليوم الثاني لقاء جلسة بعنوان “إشكالية العلاقة بين الفن والثقافة”، تحدث فيها الدكتور مدحت العدل. وأكد على أهمية وجود استراتيجية للفن والثقافة في مصر على غرار استراتيجية التعليم 2030.
ولفت العدل إلى دور المثقفين في الوصول للسواد الأعظم من الشعب، مؤكدًا على خطورة انعزال المثقف على مستقبل الثقافة في مصر، مشددًا أيضًا على أهمية الاهتمام برؤى الشباب وتبني مبادراتهم الثقافية والفنية.
وقال العدل إن مستقبل الثقافة سيظل في يد صناع القرار الذين يحددون استراتيجية الدولة وأولوياتها، مؤكدًا على أهمية تسليط الإعلام الضوء على جهود المثقفين الجادين في النهوض بالفن والثقافة في مصر.
من جانبها، لفتت نهاد أبو القمصان، إلى وجود فجوة كبيرة بين الأجيال القديمة وجيل الشباب، مؤكدة أن الشباب جيل قارئ ومثقف إلا أن ثقافته مختلفة لأنها سماعية بشكل كبير، مشددًا على ضرورة فهم الشباب وبناء جسور للتواصل معهم حتى لا تنهار الثقافة.
وأكد محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، أن مشكله الثقافة في مصر تكمن في عدم وجود خطة تنموية، مشددًا على أهمية أن تدعم الدولة الثقافة وأن تنفق عليها، مضيفًا أن الثقافة محصورة في الشعر والرواية لكنها في الواقع أشمل بكثير، ومشددًا على أهمية وجود لجان تحكيمية للأعمال المنشورة حتى لا تصل الأعمال إلى درجة الإسفاف التي نشهدها الآن في بعض الحالات.
من جانبه، أكد الإعلامي نبيل نجم الدين، أنه لا ثقافة بدون تعليم، ولا تعليم بلا إلمام صحيح باللغة، ولذا يجب اتباع تلك المنظومة البسيطة من أجل النهوض بالثقافة في مصر، وأن تقترن تلك المنظومة برؤية شاملة من الدولة، لها هدف ورسالة وتحظى بدعم المواطنين والناشرين.
وقال الناقد محمد الروبي، إنه لا يمكن الحديث عن مستقبل الثقافة من دون تأسيس مشروع الدولة الشامل في كافة المجالات، وتحديد أهداف كل قطاع من قطاعات الدولة، وأيضًا دور ومهام كل جهة ومؤسسة عاملة في مجال الثقافة. وقدم الروبي مقترحات خاصة بقطاعات الثقافة المختلفة، منها تكليف المجلس الأعلى للثقافة بوضع استراتيجية ثقافية مصرية، وإسناد أعمال النشر لهيئة ثقافية واحدة، وأن تقوم الدولة بالمشاركة في الإنتاج السينمائي.
2 تعليقات