خاص| رسام شارك في إحدى مسرحيتها: فيروز أيقونتي المقدسة
مزج الطريقة المميزة لرسم الأيقونات المسيحية وتقديمها في لوحات شخصية حديثة، هي الطريقة التي ميزت أعمال الفنان اللبناني جوزيف رُحيم، الذي خصص واحدة من أعماله للسيدة فيروز وتجسيدها في لوحة على طريقة الأيقونات المسيحية، وكان قد شارك في تلوين ديكور إحدى مسرحياتها قبل 14 عاما وجاب مع فرقتها حينها 4 بلاد.
تواصل «باب مصر» مع الفنان اللبناني جوزيف رُحيم الذي رسم لوحة لـ”فيروز” بطريقة فريدة من نوعها، بمقاس 40× 60 سم، تم تلوينها بفن الإعلامي المختلط (مكس ميديا) معتمدا على استخدام كل خامات الألوان مثل الزيت، البويا، أوراق الذهب، الكولاج وعدة تقنيات أخرى، تظهر فيها السيدة فيروز كأنها أيقونة مسيحية، تشبه أعمال (الزجاجيات الفيتراي)، مستخدما في رسمها صورة شخصية لفيروز في بداياتها الفنية، هذه الصورة التي انطبعت في أذهان الكثير، يظهر بها الحنين، النضارة، الشباب، العشق والحب وكل الأمل.
صح النوم
جوزيف رحيم الفنان السينوجرافي كان واحدا من المشاركين في ديكور مسرحية «صح النوم» التي قدمتها فيروز وفرقتها على مسرح لبنان ومنها إلى عدة دول عربية مثل الشام، شارجا، والأردن، بعد غياب عن المسرح لمدة 20 عاما، في أول عرض للمسرحية التي تم عرضها لأول مرة عام 1971، وجاب جوزيف مع فريق الديكور والتمثيل والغناء خلال جولاتهم، باعتباره واحدا من المسؤولين عن التلوين اليدوي للديكور، ويقول لـ«باب مصر» إن تصميم ديكور المسرحية كان لمهندس صديق زياد الرحباني، بالتعاون مع شركتين للنحت والتلوين وكان جوزيف في فريق التلوين.
«تواجدت معها على المسرح أكثر من مرة، كنا معا في المكان نفسه، ولكن لم ولن أجرؤ على إزعاجها بطلب إلقاء السلام» هذا ما قاله جوزيف عن تحقيق حلمه بلقائها ومقابلتها وجها لوجه، خاصة أن وقت تجهيزات المسرحية والتدريبات تصيب جميع المشاركين بالتوتر، وأحيانا ما كان يعمل فريق الديكور، التمثيل والغناء معا على المسرح في وقت واحد خلال فترة التجهيزات.
الفنان السينوجرافي جوزيف رحيم من مواليد مدينة «زحلة» اللبنانية، درس بجامعة
الرسم الأيقوني
يعتبر جوزيف أن الفن الديني (الأيقونات) كان محفزا له لإيجاد الخط الخاص به في الرسم، خاصة أن أعماله تظهر متأثرة بالفنون القديمة الموجودة بكل الفنون المقدسة، فالعلاقة بين الدين والفن في رأيه دائما ما تكون محفزة للنجاح والتميز، تماما مثل كوكب الشرق التي درست تجويد القرآن، وبعدها عملت في الفن غنت للإنسان، الحب والوطن، وكلك الأخوين الرحباني، وكذلك زكي ناصيف، وملحم بركات، وتأثير الدراسة المقدسة يكون ظاهرا بأعمالهم. يتضح في أعمال جوزيف أنها على طريقة الأيقونة من حيث المعالجة، الأشكال، ونمط رسم الوجه والألوان، والتي يتضح فيها تأثير كبير بالأيقونة القبطية التي تعد من أروع الفنون، وهذا ما ظهر في صورة السيدة فيروز التي رسمها لها، ولم يتبع طريقة الرسم الكلاسيكي للبورتريه، لأنه يعتبر أن الفنان هو من يستطيع الابتكار في عمله الخاص ويجعل من يراه يعرف أنه من أعماله دون الحاجة إلى إمضاء.
الكاريكاتير
عمل جوزيف أيضا في رسم الكاريكاتير لفترة طويلة، رسم خلالها عشرات الصور (الاسكتش) وآثر الاحتفاظ ببعضها، وتزامن رسمه للكاريكاتير مع فترة تعاونه مع ظهور فيروز على المسرح، وجسد الكثير من المشاهد التي قدمتها برسوم كاريكاتيرية، ومشاهد من أعمالها القديمة في بعلبك يتضح فيها تغير شكلها بمرور الوقت.
السيدة فيروز صاحبة النصيب الأكبر في أعماله باعتبارها رمز لبنان الوطني، ووفقا لما قاله “فيروز بتجري بدمنا”، وبمرور الوقت وتغير الأجيال اجتمع الشعب اللبناني على حبها بطوائفه واختلاف الأديان، ويعتبر رسمها بطريقة الكاريكاتير هي وسيلة للتعبيرعن المحبة الشاسعة لها، ولم يحاول أن يريها أعماله عنها، ولكن طلب منه شخص وسيط هذه الرسومات لتراها ريما ابنتها، وأخذها منه بالفعل ولم يعرف جوزيف إذا كانت وصلت لها حتى الآن أم لا.
طور جوزيف رسم اسكتشات الكاريكاتير إلى لوحة “بوب آرت” لفيروز عبر من خلالها عن فيروز المحدثة وأغانيها التي اتسمت بالتجديد مع أعمال زياد الرحباني، مثل “معرفتي فيك”، و”كيفك أنت”، والتي اتبعته لتواكب الجيل الجديد بعيدا عن الأغاني الكلاسيكية، ولم تلق نجاحا في البداية، ولكنها جذبت الأجيال الجديدة، “أطفال 8 سنين بيسمعوا مطربة بتغني أيام الخمسينيات”، ، ورسمها مرتدية نظارات شمسية كبيرة الحجم ، وكأنه يتخيلها في فصل الشتاء حاملة المظلة وكأنها منتظرة حبيبها على الرصيف وتغني «بإيام الصيف بإيام الشتي والرصيف بحيرة والشارع غريق».
ممنوع البيع
اللوحة التي رسمها لفيروز ليست للبيع أو الإهداء، إلا في حالة واحدة احتفاظ السيدة فيروز بها أو المشاركة بها في معرض ثقافي عن فيروز، هذا الموقف ظل ثابتا عليه بتعدد المواقف، ويقول إن مختبر السيدة ماري كوري في باريس تواصل معه لعرض لوحته للسيدة فيروز في مزاد خيري بمشاركة 15 فنانا من حول العالم، لصالح المختبر، ولكنه رفض التخلي عنها. ووجد جوزيف حلا مرضيا، وهو رسم لوحة لماري كوري بنفس طريقة رسم لوحة السيدة فيروز، ورسم كوري مشعة ومتألقة تحرك بيدها التحضير المختبري لفصل جزيئات الراديوم الصغيرة، أما الوجه فظهرت نضرة وشابة، يدها القريبة من رأسها تستقبل تأملاتها وتوجهها عبر العارضة نحو يدها الثانية لتسليمها إلى المشاهد، وباعتباره هذه اللوحة جسدت ماري أبدية ومنقذة، يتوج نمط ذرّة الراديوم رأسها، واضعا نواته فوق عقلها العبقري، خاصة أنها رمز للعلم، وتوقيعها في الخلفية للدلالة إلى دورها العالمي كملاك وصي قاد الثورة الطبية إلى نقطة اللاعودة.
اقرأ أيضا
بيت صغير بالقاهرة.. متحف عاشق لفيروز
10 تعليقات