حوار| هالة القوصي: فيلم «زهرة الصبار» ربط المشاهد بعلاقات ومشاعر الأبطال في غياب الزمن

آمنت برسالتها، فأرادت توصيلها لأكبر عدد من الجمهور، فاتخذت من السينما وسيلة لتحقيق أهدافها ونشر رسالتها، فجاءت أول تجاربها في فيلمها “زهرة الصبار” الذي قامت بإخراجه وتأليفه؛ ليكون نقطة تحول في حياة صاحبته هالة القوصي.
جاء الفيلم انعكاسًا للواقع من وجهة نظر مخرجته، فلم يكن فيلمًا نسائيًا خالصًا، ولكنه وضح ملحمة إنسانية صادقة عبر شخصياته المختلفة، من خلال إيمانهم بأنه “رغم العتمة والسجان، راح نضوي شموع”.

سينما زاوية

بعد عرض الفيلم في سينما “زاوية”، عقب حصوله على عدد من الجوائز.. منها؛ أفضل ممثلة في مهرجان دبي السينمائي، وذهبت لبطلة الفيلم منحة البطراوي، كما حاز أيضًا على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان أسوان لسينما المرأة.

التقى “ولاد البلد” بالمخرجة هالة القوصي؛ للوقوف على أبرز الشخصيات التي أثرت في حياتها، بجانب التعرف على سبب اختيا رها اسم “زهرة الصبار”.وإلى نص الحوار..
من أبرز الشخصيات التي صنعت فكرك؟
في الحقيقة.. سؤال صعب؛ لأنني لا أفكر فيه كثيرًا، إلا عند تذكري لتلك الشخصيات، ولكن ببساطة والدتي كانت تقول لي دائمًا: “من علمني حرفًا صرت له عبدًا”، ولقد تعلمت الكثير من أمي وأبي، بجانب تعلمي من مدرسين أفاضل في مختلف المراحل الدراسية. ولم يعطوني العلم فقط، بل أعطوني التشجيع الذي أراه أهم من أي شيء ممكن أن يقدمه الكبير للصغير، ويشعره بثقته فيه وفي إمكانياته.

هالة القوصي والإخراج

ومن أكثر الشخصيات التي ساعدتك على التوجه إلى الإخراج السينمائي؟
لا أستطيع أن أقول أن توجهي للسينما كان بمساعدة شخص معين. فالفكرة كلها تكمن في رغبتي لتوصيل أفكاري للجمهور، فكان هدفي نشر ما أريد حكيه للناس. وأعتقد أنني لم أكن أستطيع القيام بذلك، دون وجود جمهور من البداية مقتنع بما أقدم.
فيلم “زهرة الصبار” أول أفلامك الإخراجية.. فلماذا هذا الاسم؟
اسم الفيلم مستلهم من نبات الصبار، والذي يعد جزأ لا يتجزأ من ثقافتنا، كما ينتشر في كل مكان في مصر دون أن ننتبه له، فينمو بكثرة في المقابر. وأرى أن اسم “صبار” ملهم، فهو على صيغة مبالغة على وزن فعال أي كثير الصبر، والصبار لا يحتاج إلى الكثير من الاهتمام حتى يستطيع الاستمرار في الحياة، ورغم غياب الرعاية لهذا النبات إلا أنه يزهر ورود جميلة جدًا في الربيع، ويكون ظهورها أقرب للمعجزة؛ فكيف لهذا النبات الجاف المليء بالأشواك ينتج عنه ورود بهذه الرقة. والخلاصة أن زهرة الصبارة هي نقطة أمل، وشيء نتطلع له في فترات اليأس، لإن هناك ميعاد ووعد بأن الزهرة ستخرج إلى النور في يوم ما.

فيلم زهرة الصبار

“الفلاش باك”  في فيلم “زهرة الصبار” لم يكن بالمعنى الحرفي.. فهل تحدثينا عن ذلك؟
أرى أن أي لحظة نمر بها لا يمكن أن تُصنف بشكل حاد على أنها واقع زمني معين. فدائمًا أدمغتنا تعمل على 3 مستويات مختلفة ومتفاوتة؛ حيث نعيش الواقع، وفي نفس الوقت نتذكر الماضي، كما نتطلع إلى المستقبل في نفس اللحظة، وأؤكد أنه لا يمكن فصل المستويات الثلاث عن بعضهم بشكل قاطع، ومعنى ذلك أن أي لحظة هي خليط من الثلاث مستويات ولكن بدرجات متفاوتة.
هالة القوصي.. وماذا عن أحلام اليقظة التي مر بها أبطال الفيلم طيلة أحداثه؟
في الظروف الصعبة، وفي لحظات الشدة، يفرغ العقل الضغوط في صورة أحلام أثناء النوم، أو أحلام يقظة؛ ليستطيع الاستمرارفي حياته. وفي فيلم “زهرة الصبار” تمر شخصيات الفيلم بظروف صعبة. فمن الطبيعي أن تنتابهم موجات من أحلام اليقظة، حيث يحلموا بأشياء مختلفة ويشطحوا بخيالهم إلى عوالم أكثر رحابة.

مشهد أربعة أيوب

هالة القوصي.. ما سبب الاعتماد على مشاهد من ثقافات مختلفة مثل “مشهد أربعة أيوب”؟
لا أرى في “زهرة الصبار” أي مشاهد من ثقافات دون الثقافة المصرية. وعلى العكس تمامًا فأنا واعية جدًا ضرورة التعرف على ثقافتنا المصرية، ودور الفنانين في توظيف مفردات الثقافة الخاصة بنا والتي أغفلت عن أو دون قصد. ومن المشاهد أخص بالذكر مشهد “العديد” وهو من التراث الصعيدي. بينما مشهد “أربعة أيوب” وهو الاغتسال في ماء البحر”، مقتبس عن تراث شرق البحر المتوسط، وكان يمارس في شمال سيناء حتى وقت قريب.
رغم تعدد شخصيات الفيلم إلا أن الأبطال الأساسيين لم يتهلهلوا بين الأحداث الكثيرة.. لماذا؟
أظن أن التركيز على العلاقات التي ربطت الشخصيات ببعضها وبمشاعر أكثر من التركيز على محاولة سرد مجموعة من الأحداث، جعل المتفرج يشعر بالشخصيات ولا تضيع منه.

أحداث الفيلم

تعددت الأماكن التي جرت فيها أحداث الفيلم مع عدم تحديد زمان معين.. فهل تحدثينا عن ذلك؟
لقد دارت أحداث الفيلم في إطار مدينة القاهرة، ولم نخرج منه إلا في مشهد واحد، وهو مشهد البحر. وغياب الزمن كان ضروريًا؛ لأننا نمر بتغيرات كبيرة وسريعة الوتيرة، ولم أكن مهتمة بالتعبير عن لحظة واقعية بيعنها أو بتفاصيلها، لأنه ليس فيلمًا تسجيليًا. ولكنني كنت مهتمة بالتعبير عن مجموعة من المشاعر غالبة على السنين الحالية.
ما سبب اعتمادك على الأداء المسرحي؟
في الحقيقة، لا أعلم ما المقصود بالأداء المسرحي، ولكن بطلة الفيلم ممثلة مسرح، وأنا أحيي المسرح من خلال الفيلم.
شارك الفيلم في مهرجاني دبي السينمائي الدولي وأسوان الدولي لأفلام المرأة.. فكيف جاءت المشاركة؟
عروض الفيلم في مهرجاني دبي وأسوان لم تكن الأولى، فلقد عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان “روتردام الدولي”، وتلاه عدد من العروض في مهرجانات مختلفة.  أما عن الاشتراك في مهرجان أسوان، فعند عرض الفيلم في أي مهرجان يرى منسقي المهرجانات الأخرى الأفلام المشاركة ومن ثم يتوجهوا بالدعوة للأفلام التي تتناسب مع المهرجانات التي يمثلونها. بينما جاء الاشتراك في مهرجان دبي السينمائي الدولي، نتيجة تقديمه دعم للفيلم في مرحلة الإنتاج؛ مما يعطي المهرجان أولوية اختيار الفيلم للعرض الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامجه.

هالة القوصي ومهرجان أسوان

فاز فيلم “زهرة الصبار”  في مهرجان أسوان لسينما المرأة بجائزة لجنة التحكيم.. فهل تحدثينا عن ذلك؟
لم تكن جائزة لجنة التحكيم في مهرجان أسوان لسينما المرأة الجائزة الأولى التي يحصل عليها الفيلم، بل سبقها جائزة أحسن ممثلة لبطلة الفيلم منحة البطراوي في إطار مهرجان دبي السينمائي، وأحب أن أؤكد أن جائزة مهرجان أسوان لها معزة خاصة؛ لأن المهرجان كرم في دورته شخصيات نسائية أكن لهن الكثير من الاحترام. فسعدت بكوني جزء من هذه اللحظة.
كمخرجة لفيلم مستقل.. من وجهة نظرك ما الصعوبات التي تواجه السينما المستقلة في مصر؟
استقلال الفيلم في مصر لم يكن نابع من اختيار، ولكنه نابع من اضطرار، لو وجدت فرص متوفرة لإنتاج هذه النوعية من الأفلام بشكل يكفل لصناعها الحرية الإبداعية، أظن أن الوضع كان سيختلف، وكانت الصعوبة التي سيواجهها صانع الفيلم هي إيجاد مصادر تمويل للفيلم.

السينما المستقلة

ما مدى صحة مقولة: “السينما المستقلة تواجه صعوبات للوصول إلى الجمهور”؟ ولماذا؟
السينما في الأساس  للجمهور، وعلى مستوى الإنتاج السينمائي عمومًا.. ولا أعتقد أن هذه الفترة من أبهى اللحظـات تاريخيًا. الإنتاج كله منصب في التليفزيون لإن جمهوره مضمون وعائده كبير. وفي نفس الوقت الظروف الاقتصادية ليست أفضل حاجة “فخروجة للسينما بتتكلف فلوس قد إيه”. والحقيقة هي إن جمهور السينما في تناقص مستمر. والسينما المستقلة تنافس على قاعدة تتقلص في الأساس، ومع قلة الموارد المادية للإعلان والتسويق للفيلم، لا يصل لجمهور كبير.

من ناحية أخرى هناك من المشاهدين من ينتظر تحميل الفيلم على الإنترنت لمشاهدته.

من وجهة نظرك كيف يمكن توسيع رقعة متابعي السينما المستقلة؟
أعتقد أنه في غياب مصادر واضحة لتمويل الأفلام، وموارد للتوزيع، فهذه الفكرة صعبة جدًا.

على سبيل المثال في فيلم “زهرة الصبار”، قمت بحملة وجمعت مبلغا من خلال التبرعات، ولكن تبقى الفكرة غريبة على المجتمع.
رغم البدايات النسائية للسينما في مصر إلا أنها تعاني من غياب العنصر النسائي في هذه الفترة.. ما رأيك؟
لا أستطيع التحدث عن هذه الفكرة بشكل منفصل. فهناك أزمة حادة في قطاع الإنتاج السينمائي نفسه.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر