حوار| «شهاب الخشاب»: السينما المصرية «شفاهية».. والأفلام البصرية قليلة

صدر مؤخرا عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة كتاب «صناعة السينما في مصر» Making Film in Egypt للكاتب الدكتور شهاب الخشاب، الباحث في الأنثروبولوجيا بجامعة كامبريدج، ويتناول الخشاب في كتابه 6 محاور أساسية عن صناعة السينما المصرية وتاريخها وأدوار القائمين عليها.. «باب مصر» أجرى معه الحوار التالي لمعرفة الكتاب عن قرب.

لماذا اخترت صناعة السينما في مصر تحديدا.. وكيف كانت أعمالك السابقة؟

صناعة السينما في مصر منهج تطبيقي لمجال الدكتوراه التي ناقشتها عام 2016 وتم قبولها عام 2017، وهي الأنثروبولوجيا البصرية، وهذا المجال يعني بدراسة وإنتاج واستهلاك الصورة في الثقافات المختلفة، ومنها قررت جمع خلاصة تجربتي في كتاب يحمل الاسم ذاته.

أما أعمالي السابقة كانت عبارة عن مقالات علمية تعني بالثقافة البصرية في مصر عموما، التلفزيون والأفلام التجارية وثقافة الكوميكس، بالإضافة إلى كتابات أوسع عن الفلسفة وعلم الاجتماع بجريدة التحرير في سلسلة “الفهامة”، ثم الكتابة لموقع كتب مملة في سلسلة “موسوعة الممل”.

حدثنا عن مراحل العمل على الكتاب؟

بدأت البحث في عام 2013، وقضيت بمصر حوالي 18 شهرا حتى 2015 أجريت خلالها بحثا ميدانيا عن صناعة السينما في مصر عمومًا، تضمن البحث مقابلات عمل مع عدد من المنتجين والمخرجين ومصورين وفنانين وجميع المشاركين في الصناعة، بالإضافة إلى المشاركة بشكل مباشر في عملية صناعة أفلام، فيلمين تحديدا للتعمق في الدراسة بشكل رئيسي من البداية إلى النهاية، وهما فيلم “ديكور” من بطولة خالد أبوالنجا وحورية فرغلي، وإخراج أحمد عبدالله عام 2014، وفيلم “ورد مسموم” للمخرج أحمد فوزي صالح، وبطولة إبراهيم النجاري ومريهان مجدي عام 2018.

ومن خلال رحلة المتابعة والبحث اكتشفت أن طريقة صناعة السينما بشكل يومي ليس فقط من خلال الممثلين والمخرجين، بل من خلال جميع العمال والفنانين وعمال الإنتاج ومن هم خارج النظر في الصحافة السينمائية، بناءًا على كل ذلك كونت الخبرة التي تعتبر كافية لكتابة كتاب عن صناعة السينما من البداية.

وما أهم النقاط التي حرصت على توصيلها للقارئ في الكتاب؟

الكتاب مكون من 6 فصول بالإضافة إلى المقدمة، الفصل الأول عن الاقتصاد السياسي لصناعة السينما المصرية وعن رؤوس الأموال الأساسية القائمة عليها الصناعة مع سرد تاريخ بسيط لها بداية من إنشاء أستوديو مصر في فترة الثلاثينيات، وعقود العمل والأجور، مع طرح فكرة أن الصناعة تبُني على العلاقات الشخصية أكثر من علاقات المؤسسات بعضها البعض.

والفصل الثاني عن علاقات العمل، ويتناول هذا الفصل  3 أفكار منها التراتبية في عمل السينما المصرية، وكيفية الحصول على عقود في السينما والفرق بين الفنانين والفنين.

والثالث، تناول التكنولوجيا الرقمية في الصناعة منذ أن بدأت في عام 2010 تقريبا ومع  دخول كاميرات الديجيتال والتكنولوجيا الرقمية اليومية، كالتليفون المحمول واللاب توب وغيره.

أما الفصل الرابع، عن ميزانية الصناعة وتنظيم يوم التصوير والمواعيد وتفادي المشاكل الطارئة مع التركيز على شغل عمال الإنتاج، أما الفصل الخامس فهو عن التخيلات البصرية للفيلم لدي العمال والفنانين والمصممين وأهميتها في خلق نهاية الفيلم والتي لا تكون وليدة الخيال الفردي للمخرج، إنما عامل مشترك بين جميع صناع الفيلم.

والجزء السادس والأخير عن خيال الصناعة لدي “الجماهير المٌتخيلة”، وهو تصور صناع الأفلام عن جماهير أفلامهم بعيدًا عن الجماهير الفعلية، وهذا التصور يؤثر على طريقة الصناعة والتوزيع. وحرصت في الكتاب أن أوصل فكرة هامة وهي أن صناعة السينما ليس فقط ممثل ومخرج ومنتج، بل هى عملية كبيرة يشترك فيها مئات الآلاف من الأفراد بشكل يومي، ولا  ترتبط فقط بالنجوم والشخصيات البارزين، كما أنني وضعت تصورات ورغبات وأحلام الناس البسطاء المشاركة بالصناعة.

بعد ملامستك عملية الصناعة بشكل مباشر.. ماذا عن ملاحظاتك تجاه هذه التجربة؟

خلال رحلة البحث نفسها اكتشفت أن قراءة السيناريو، التي كنت أتصور أنها تمر بجميع المشاركين في العمل، إلا أنه في الحقيقة  يتوزع فقط على الرؤوس الرئيسية بالعمل وبالطبع الفنانين والمخرج ومدير التصوير، وبعد ذلك تتكون هناك معرفة بسيطة عن الفيلم لدي العمال مما يخلق عامل قصص متعددة عن الفيلم في خيالهم. واكتشفت أيضًا أن الصناعة قائمة على مبادئ تراتبية، فكنت أتصور أن هناك تشارك في صناعة العمل، ولكن مازال العرف السائد في الصناعة أن المخرج هو صاحب الكلمة الأخيرة ويتحكم في القرارات اللازمة للفيلم، وكذلك المنتج والمشرف العام.

إلى أي مدى تشكل الدراسات الميدانية تأثيرا على عملية الكتابة في السينما تحديدًا؟

من النقاط الهامة التي حرصت على توصيلها، الأهمية الكبرى للدراسات الميدانية عن الصناعات الثقافية ليس فقط السينما، بل بالمسرح والفنون البصرية والموسيقي أيضًا، خاصة وأن أغلب الكلام يبنى على معرفة نظرية وليس مباشرة من الدراسات الميدانية التي تكمن في زيادة المعرفة بالحياة الثقافية بشكل عام، بالإضافة إلى أنها تنقل صورة أدق عن التفاعلات بين البشر والتي هي نتائج لتعاون البشر المنتجة للمنتجات الثقافية.

ومن خلال دراساتك للأنثروبولوجيا البصرية.. ما رأيك في استخدام الصورة في الأعمال السينمائية المصرية؟

السينما المصرية هي سينما شفاهية بشكل أكبر، بمعنى أن الكلام دافع للمشهد وله أهمية كبرى، بينما الصورة هي مجرد تفسير بصري لما يقال، وهو ما يفسر فكرة أن أغلب “الإفيهات” الكوميدية تأتي من الكلام. كما أن تلقي الجمهور في حد ذاته شفاهي، فيتذكر الكلام ولكن قليلًا من يأتي في عينه المشهد أو الزاوية البصرية، خاصة في الصناعة التجارية دون تعميم بالطبع.

وفي تاريخ السينما المصرية هناك أفلام تركز على التكوينات البصرية بشكل كبير، على سبيل المثال فيلم المومياء، وأفلام يوسف شاهين والخروج للنهار، هناك طوال الوقت تجارب ترتكز على الصورة.

اقرأ أيضا

 أوراق جدودنا: من أجل تاريخ جديد

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر