رندا شعث تكتب: كانت فلسطين دائما في قلبه

سنة 1982 الحرب مشتعلة في لبنان. الإسرائيليين احتلوا الجنوب ومحاصرين بيروت بناسها وفدائينها. كان مكتب دار الفتى العربي في القاهرة مليان ناس بتحب فلسطين ولبنان وتحاول تساعد بأي طريقة. تطوعت ودوري كان بسيط. أتابع الأخبار من جهاز التلكس؛ أقصقص كل خبر على حدة وأسلمه لناس ذات خبرة تقوم بتحرير الأخبار وأرشفتها وكتابة التحليل وإرسالها للصحف. وقت الراحة كنت أغني للمتطوعين أغاني الشيخ إمام. وقتها كنت مراهقة بضفائر. يوم دخل حد من الكبار اللي بيشتغلوا في حاجات أهم من قصقصة الورق وأنا بأغني وسأل “مين البت اللي بتغني دي؟”. دي كانت أول مرة أشوف هاني.

كبرت وخدت الشهادة الكبيرة واشتغلت مصورة في “الأهرام ويكلي”. هاني كان مدير التحرير. في 1994 رحت غزة لأول مرة من القاهرة. عاش معايا لحظة بلحظة على التليفون. ما كانش قادر يستنى أرجع بالصور والحكايات. كان عايز إني أوصف له كل خطوة في الرحلة. حلمه أنه يزور فلسطين. اتفقنا على أكلة سمك هناك.

**

بعد حوالي عشرين سنة احتلال إسرائيلي انتصرت المقاومة وتحرر الجنوب اللبناني. هاني اقترح إن “الأهرام ويكلي” يغطي الحدث. كان المفروض أروح مع محررة شاطرة عندها خطة عمل ومقابلات مع ناس مهمة. يوم السفر لظروف مرض طارئة المحررة ما قدرتش تسافر. هاني أصر إني أروح لبنان وحدي. وأصر إني أنا أصور وأكتب، وعملت مقال مصور.

بعد الرحلة بدأت أكتب يوميات لنفسي كنوع من العلاج. كل ما أكتب فقرة أوريها له. دايما يقول لي”أنت بتكتبي حلو”. هاني أول من شجعني على الكتابة.

بعد شهور بدأت انتفاضة الأقصى. طلعنا مع بعض مع اللجان الشعبية وقوافل المعونة. أتجدد الأمل بحلم أكلة السمك. وصلنا العريش قربنا جدا من فلسطين. لكن وقفوا القافلة هناك.

**

أنا مشيت من “الويكلي” وفي 2008 رجعنا نشتغل تاني مع بعض في جريدة الشروق. مرتين -في مرحلة تأسيسها -ولما قرروا يعملوا مجلة أسبوعية عمرها ما شافت النور.

قبلها وبعدها كنا صحاب. من يوم ما كنت عيلة بضفيرة بأغني. صحيح ما كناش بنشوف بعض كتير لكن متابعين أخبار بعض. بعد سنين كتير اليوميات اللي شجعني هاني على استكمالها بقت كتاب نشر. هاني مالحقش يقراه.

هاني شكر الله في معرض خاص بالقضية الفلسطينية
هاني شكر الله في معرض خاص بالقضية الفلسطينية

ناس كتير كانت بتتلخبط في أنا مصرية ولا فلسطينية ولا لبنانية، هاني كان فاهم. عمري ما حسيت معاه إني محتاجة أشرح نفسي. زي النهاردة من أربع سنين سلمت عليه السلام الأخير.

كلنا حنموت لكن فيه ناس في الدنيا اللي يعرفوك كويس ويحبوك زي ما أنت بيدوك هوية. الهوية دي أهم من كل جوازات سفر العالم وكل الأوراق الرسمية. هاني كان من الناس دول في حياتي.

ناس كتير كتبت وتكمل تكتب عن أهميته في النضال والصحافة. أنا مفتقدة الصديق اللي معاه ببقي متأكدة أنا مين.

واحشني يا هاني.. سلام وإلى اللقاء.

اقرأ أيضا:

ملف| أن تكون هاني شكر الله

هالة شكر الله تكتب: أخي العنيد، الصامت، المتأمل

باسل رمسيس يكتب: هاني شكر الله بين لحظتين

أميرة هويدي تكتب: مديري هاني شكر الله

كمال عباس يكتب: أسئلة معلقة إلى «هاني»

خالد جويلى يكتب: طرف من خبر بدايات «هاني»

نادر أندراوس يكتب: «النقد اللاذع لكل ما هو موجود».. الماركسية الممتعة لدى هاني شكر الله

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر