حكاية “أوبرا عايدة” و”حتشبسوت” المليونير المصري الذي أنتج عروضها في الكرنك
على جدران المعابد نقشت رسومًا سجلت العديد من الاحتفالات المصرية القديمة، لتؤكد أن فن الأوبرا مرتبط بالذوق المصري وهو ما يعكسه التاريخ المصري الذي يضم عديدٍ من نماذج الموسيقى المرهونة بإلقاء الشعر والأداء الدرامي.
في نفس الوقت تتأهب مدينة المائة باب لاستقبال وفود عدة من دول العالم، يأتون لحضور عرضين لـ”أوبرا عايدة” بمعبد الملكة حتشبسوت في أكتوبر المقبل.
عروض أوبرا عايدة في الأقصر منذ 32 عاما
في الماضي شهدت الأقصر عروض أوبرا عايدة في عامين، أولهما العرض الذي أنتجه المليونير المصري النمساوي “فوزي متولي” في الكرنك، وفيه استعان بمطرب ومطربة عالميين، وكان هذا أروع عرض وأعظم حدث في القرن العشرين عام 1987.
فيما أشار رئيس غرفة شركات السياحة والسفر، إلى أن العرض الآخر الذي شهدته الأقصر من عروض أوبرا عايدة كان بمعبد الملكة حتشبسوت بغرب المدينة، وكان ذلك عام 1997 وبعدها لم تشهد الأقصر عروضًا لأوبرا عايدة حتى وقتنا هذا.
فريق العمل
يشارك في تقديم العرضين الأوبراليين خلال يومي 26 و28 أكتوبر المقبل في الأقصر، حوالي 150 من المغنيين والعازفين القادمين من الأوركسترا السيمفونية والكورال الوطنى الأوكرانى، وذلك بقيادة المايسترو الأوكرانية أوكسانا لينيف، ويخرج العرض الألمانى مايكل شتورم.
وتؤدي دور عايدة الكورية “ساى كيونج ريم” تخرجت في جامعة هانيانغ بكوريا الجنوبية عام 1998، ويؤدي دور راداميس البلجيكى “مايكل سباداكسيني”، كما تؤدي دور أمنيريس ابنة الملك هي إليسكا ويسوفا.
أوبرا عايدة وضعت لافتتاح دار الأوبرا الخيديوية
كانت “عايدة” أعظم مسرحية غنائية وضعت خصيصًا لافتتاح دار الأوبرا المصرية، ويقول محمد إمام الباحث لآثري، أوبرا عايدة لم تُعرض عند افتتاح دار أوبرا القاهرة الخيديوية، نظرا لعدم الانتهاء من تجهيزها وطلب استعجال من الخديوي إسماعيل رغبة منه في تقديمها أمام ضيوفه خلال حفل افتتاح قناة السويس، بل قدمت بعدها بعامين وكانت تعرض للمرة الأولى في القاهرة عام 1871.
ويشير إمام إلى أن قصة أوبرا عايدة تعود إلى راداميس قائد الجيش المصري والذي كان سيقود حملة إلى الجنوب بأفريقيا قابل عايدة، وهي بنت ملك الحبشة، استغل والدها ذلك وضغط عليها لتقنع راداميس بإبلاغها عن خط سير الجيش المصري، وقد فعلت، وانتصر راداميس لمشاعره على الوطن بعد وقت من القلق والتفكير، واستجاب لطلبها حتى تم كشف أمره وحكم عليه بالدفن حيًا.
عرض حتشبسوت يتزامن مع مرور قرن ونصف على افتتاح القناة
الدكتورة نيفين واصف، المدير التنفيذي لمشروع أوبرا عايدة، أكدت أن العرض الذي يحتضنه معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر أكتوبر المقبل، يتزامن مع مرور 150 عاما على افتتاح قناة السويس بما يعيد إحياء العلاقة الوثيقة، حيثُ كلف الخديوي إسماعيل الموسيقار الإيطالي “فيردي” بكتابة أوبرا عايدة، لتُعرض خلال حفل افتتاح القناة عام 1869 الذي شهد حضورا رسميا مميزا.
قصة عايدة وراداميس
تعود قصة أوبرا عايدة حسبما ذكر الدكتور محمد محمود سامي في مؤلفه “سلسلة الأوبرات العالمية.. عايدة”، إلى أنه في مدينة ممفيس القديمة، عندما نادى رمفيس، وهو رئيس الكهنة، لراداميس وأبلغه أن الأحباش اصطفوا بمعداتهم على شاطيء النيل لمحاربتنا، سأله راداميس عن استشارته للآلهة، فأجابه رئيس الكهنة بأن الإله إيزيس أمرت أن تكون قائدًا للجيش، انتهى الأمر بأن عين راداميس قائدًا للحملة، وودعه الشعب وداعا حارًا، وما إن عاد راداميس من الحرب منتصرًا وعائدًا بالأسرى، نصبت السرادق لاستقبال القائد المنتصر، وكان يتصدر الحفل الملك والأميرة وحولهم طبقات الأمة تهتف بمنقذ البلاد.
تقدمت أمنيريس ووضعت الصولجان الذهبي فوق رأس البطل الذي استعاد مجد مصر، حينها كانت عايدة تتابع الموقف، ثم تتفاجيء برؤية أبيها بين الأسرى في هيئة ضابط، فتندفع إليه لكن يحذرها إلا تفشي سره، لأنه ارتدى ذلك الزي لمعرفة أخبارها والإحاطة بخطط العدو ومواقع جيشه.
ويطلب فرعون من راداميس أن يتمنى ويطلب كل ما تصبو إليه نفسه، وبدلًا من أن يطلب أمنيريس، يطلب بإطلاق سراح الأسرى حتى قبل الملك، ونزل والد عايدة بقصر الملك باعتباره من طبقة الأشراف، وبنهاية الحفل يضع الملك يد ابنته بيد راداميس ويقدمها له كزوجة مكافأة له لنصره على الأحباش.
لم يستطع القائد رفض هدية الملك رغم حبه لعايدة، وأعد القوم عدة الاحتفال بعرس راداميس وأمنيريس، وقبل ليلة الزواج طلب راداميس من عايدة أن يتقابلا سرًا بجانب معبد إيزيس، ليؤكد لها حبه، وبطريق الصدف أحيط والد عايدة بهذا الوعد فعزم أن ينتفع من علاقة ابنته بالقائد كي يعرف أسرار الجيش، ويدبر أمره لاسترداد ملكه.
وكانت أمنيريس تقضي ليلة الزفاف في معبد إيزيس مع كبير الكهنة، وكان والد عايدة يأخذ ركنًا من المعبد يتوسل لابنته أن تمد له يد العون لإنقاذ بلاده.
وبعد طلب منها أن تستطلع من راداميس أخبار الحملة المقبلة، فرفضت في البداية لكنها استجابت لمطلب والدها أمام توسلاته، وخلال حديثه مع ابنته سُمع خطوات راداميس قادمًا، فاختبأ والدها، وعندما قدم راداميس ليعانق عايدة، عرضت عليه أن يهاجرا إلى بلد آخر ليقضيا حياتهما في أمن وسعادة، تردد راداميس في البداية اعتزازًا بشرفه وتقديسًا لواجبات الوطن، لكن حبه لعايدة أجبره على الموافقه للهرب بصحبة حبيبته.
يتعانقان ويبدأن بالرحيل فتسأله عايده عن اسم الطريق الذي يقيهما عيون الجنود والحرس- متذكرة وعدها لأبيها- عند محاولتهما للهرب، فيجيبها راداميس ويبوح لها بالسر، ويسمعه أبيها وبينما يبوح لها إذ تخرج أمنيريس بصحبة الكهنة لتسمع حوارهما ويتم القبض عليهما باعتباره خائن للوطن.
وحاول رداميس عرقلة الحرس ليهربا عايدة ووالدها، ثم يقدم نفسه للعدالة، تحاول أمنيريس مساعدته لإنقاذه مقابل أن يعترف لها بحبه لكنه رفض وتم الحكم عليه بوأده حيًا ثمنًا للخيانة، وسبق راداميس إلى المعبد حيث ينتظره الكهنة بأناشيدهم القدسية، وبينما تغيب أشعة الشمس ويوضع الحجر فوقه حتى سمع أنين عايدة التي فضلت أن تموت معه في المكان فمد إليها راداميس ذراعيه وتلقتهما بشوق وظلا يرتقبان الموت الذي يضمهما بقبر واحد.
اقرأ أيضا