استعادة الفنان الراحل يوسف منتصر في معرض بمركز محمود سعيد

الأسبوع الماضي، افتتح بمركز محمود سعيد بالإسكندرية معرض للفنان السكندري الراحل يوسف منتصر، المعرض أقيم في ذكرى ميلاد الفنان الراحل الذي صدم رحيله المبكر الكثيرين.. «باب مصر» يتجول في المعرض.

في رواية حكايات يوسف تادرس لعادل عصمت يختار بطل الرواية الفنان التشكيلي يوسف تادرس أن يرسم بورتريهات شخصية لنفسه. يأتى هذا الاختيار في نهاية رحلته الحياتية والفنية. تدور الرواية عن سؤال يوسف تادرس عن الحياة والفن. ويأتي اختياره لرسمه لنفسه في النهاية كحل لأزمته.

يختار فناننا الراحل يوسف منتصر نفس الاختيار؛ أن يرسم لنفسه بورتريهات شخصية متعددة، وعندما يشرع في رسم ثاني بورتريه. يتساءل في كلمات كتبها قبل وفاته: “تاني لوحة ابتديها.. اتنين (فيجر بورتريه) ذاتي فيها شيء من الاحتضان أو التلاحم.. معرفش ممكن يطلع منه إيه؟ وسألت نفسي هل إنت مصدق نفسك؟!”

ربما كان السؤال يدور في رأسه وهو يرسم في طرقات كلية الفنون الجميلة في جناكليس. وهو في السنة الأخيرة قبل وفاته إثر حادث أليم.

جانب من الافتتاح
جانب من الافتتاح
يوسف منتصر

في طرقات الكلية كان يرسم لوحته التي فازت بجائزة صالون الشباب 2023. وكان الطلبة زملاءه يرون اللوحة تتشكل، وربما إجابة سؤال يصل إلى نهايته. كان يوسف منتصر طالبا محبوبا من زملائه. تقول إحدى زميلاته في الصفوف الأولى إن يوسف منتصر كان من أوائل الطلبة الذين رأتهم يرسمون في طرقة الكلية خارج الأتيليه عند دخولها الكلية للمرة الأولى. وأن وجوده وهو يرسم في طرقات الكلية جعلهم يحبون قسم التصوير بسببه.

كان مهما بالنسبة لهم كطلبة جدد لكي يروا العمل الفني وهو يتشكل ويتكون أمام أعينهم، أحبوا رسوماته، وكان يعرض أعماله في معارض خارج الكلية. كان يمكنهم أن يروا أعمال ورسومات زملائهم من الصفوف الأعلى معروضة في قاعات الكلية. لكنهم لم يروا أصحاب تلك الأعمال على العكس من يوسف منتصر الذي كان متواجدا وهو يرسم. فكانوا يستطيعون رؤيته والتعلم منه، وكان لا يبخل على زملائه بالنصائح. كان شخصا اجتماعيا وعلى تواصل مع الآخرين ولم يكن منعزلا في برجه الفني.

كان يوسف طالبا في الصف الرابع في كلية الفنون الجميلة قسم تصوير، وكان من أوائل دفعته طوال السنوات الثلاث الأولى. شارك في العديد من المعارض كمعرض أجندة بمكتبة الإسكندرية، وصالون الشباب، ومعرض “ضي”. حصل على جائزة صلاح طاهر في مسابقة طلائع، وجائزة صالون الشباب 2023. وبعد وفاته شاركت أعماله في معرض لأول مرة بمكتبة الإسكندرية، ومعرض فرسان ضي بالقاهرة، وله مقتنيات داخل مصر وخارجها.

ذكرى ميلاده

في السادس عشر من يناير الجاري، قررت أسرة الفنان يوسف منتصر وأصدقاؤه وزملاؤه إحياء ذكرى ميلاده الرابع والعشرين، في معرضه المقام بمركز محمود سعيد. نجد في هذا المعرض بورتريهات كثيرة شخصية له. تبدو في تلك اللوحات بورتريهات ملونة تتجلى فيها ثورة الفنان أكثر من السؤال الذي يبدو مطروحا في بورتريهاته بالفحم، وإن كانت أيضا هناك بورتريهات مشوشة، أو يتعمد فيها تشويه الوجه على رغم من ألوانها الزاهية، ربما هو سؤال مرهق لشاب فنان يُحزنه ألم ما رغم ألوان الحياة.

هناك لوحة ملفتة لثلاثة مهرجين، أومن يبدون كثلاثة مهرجين، لكنهم في الحقيقة إعادة تمثيل لشخصية يوسف بشعرهم الكنيش الكبير وتيشيرتاتهم المخططة الملونة، ويشبهون في نفس الوقت بإشارات أيديهم وبدون تطابق ثلاثة تماثيل تقول لا أسمع ولا أرى ولا أتكلم.

بورتريهات المعرض

تنقسم قاعات المعرض إلى قاعتين منفصلتين. القاعة الثانية لم يكن عليها اسم الفنان، ولم تكن هناك لوحات البورتريهات، لكن بها لوحات من الحياة اليومية، وهو متواجد فيها بجسده، أو لوحات مشاريع الطلبة التي يُطلب من طلبة كلية الفنون الجميلة تنفيذها؛ مثل مشروع الإنسان والآلة والطبيعة الصامتة ولوحات التماثيل ولوحة اللون الأبيض. تقول زميلة له أصغر منه في السن هي تلك اللوحات التي يُطلب منا في الكلية تنفيذها لكنه نفذها كلها بطريقته الخاصة، وأن فيها من روحه وخياله أكثر من التعليمات التي قدمها له أساتذته.

قالت مديرة قاعة العرض إن جمع أعماله كان ميسرا جدا، وأنه من الجمهور الذي حضر المعرض نستطيع أن نكتشف أن يوسف منتصر كان فنانا محبوبا ولطيفا، ومن لوحاته أنه كان يرسم نفسه كثيرا بشكل غريب، وكأنه كان يشعر بقرب وفاته، وأنه تم اختيار إحدى لوحات المعرض لتشارك في صالون الشباب 2024، كما أن له أيضا لوحات من فن الكاريكاتير موجودة منها لوحة في المعرض، لكن هناك بلوكنوت ممتلئة برسومات الكاريكاتير تعذر عرضها للحفاظ عليها.

اقرأ أيضا:

«تيراكورتا».. معرض يضم منحوتات بلون الفخار الطبيعي للفنانة «إنجي عمارة»

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر