خاص| كيف ضبطت أمريكا 27 قطعة آثار مسروقة بأشهر متاحفها؟

يكثف متحف “متروبوليتان” للفنون بولاية نيويورك، التحقيقات في قضية الآثار المسروقة، والتي أسفرت عن إثبات المدعى العام لمنطقة “مانهاتن” الأمريكية وجود آثار مسروقة تعرض بمتحف “متروبوليتان”.

مصادرة آثار من متحف متروبوليتان

وبحسب التحقيقات، حصل مكتب المدعي العام في مانهاتن حتى الآن على ستة أوامر قضائية لمصادرة الآثار المسروقة. وصادرت سلطات نيويورك بمساعدة متحف “متروبوليتان” 27 قطعة أثرية حتى الآن بزعم أنها مسروقة بينها 6 قطع مصرية، وكانت معروضة بالمتحف.

تقدر قيمة الآثار التي استردتها السلطات أكثر من 11 مليون دولار. وهي آثار مصرية ويونانية وإيطالية، لتعد أكبر عملية استرداد آثار في تاريخ المتحف. لكن رغم ذلك لم يتم توجيه الاتهام إلى المتحف بارتكاب مخالفات فيما يتعلق بمصادرة الآثار.

وقال مصدر مطلع على القضية لـ«باب مصر» إن أكبر متحف بالولايات المتحدة يواجه مهمة صعبة للتدقيق والبحث عن أصل وتاريخ كل قطعة وتتبع المفقود منها في المخازن. وتولت الشرطة ووكلاء فيدراليين مهمة التحقيق في تهريب الفنون والآثار العالمية.

تمثال لإله هندوسي ورأس رخامي لإلهة يونانية وتمثال شخصية يونانية أسطورية تم الاتجار بهم من متحف متروبوليتان للفنون
تمثال لإله هندوسي ورأس رخامي لإلهة يونانية وتمثال شخصية يونانية أسطورية تم الاتجار بهم من متحف متروبوليتان للفنون
قطع مفقودة من مذكرة الضبط

وينفرد «باب مصر» بنشر نسخة من مذكرة التفتيش والضبط الصادرة بتاريخ 11 يوليو الماضي. تم الحصول عليها من المصدر المطلع على القضية. وتتضمن أسماء وصور القطع المُهربة.

وتابع أنه من بين القطع الأثرية باهظة الثمن التي تمت مصادرتها حتى الآن. رأس رخامي لإلهة يونانية في أثينا ويرجع تاريخها إلى عام 200 قبل الميلاد. وتمثالين يصوران الأخوين اليونانيين الأسطوريين “كاستور وبولوكس” اللذين يُعتقد أنهما عاشا خلال الإمبراطورية الرومانية.

جاء ضبط القطع بأوامر تفتيش لم يتم الإعلان عنها مُسبقا. ضمن موجة عالمية من الضغط على المتحف الأمريكي، للتدقيق في تاريخ القطع الأثرية التي تم شرائها من تجار متهمين بإتمام عمليات بيع مُشتبه فيها.

وتابع المصدر أنه حصل مكتب المدعي العام في مانهاتن على 9 أوامر قضائية لمصادرة الآثار القديمة، منذ عام 2017. وتتضمن مصادرة 30 قطعة أثرية.

والآن ظلت 3 قطع مازال يجب ضبطها، ووقع قاض، يوم الثلاثاء الماضي، مذكرة أخرى تستهدف المجموعة المطلوب مصادرتها. ومن بينها قطعة مفقودة لإله هندوسي من الهند. صورتها موجودة في مذكرة الضبط وفي الكتالوج الرقمي للمتحف.

نهب الآثار دون مطاردة القانون

“عدد الآثار المسروقة يتزايد بسرعة والجميع يبحث عن طرق للاستيلاء دون مطاردة القانون” كان هذا تعليق تيس ديفيس، المدير التنفيذي لتحالف الآثار. وهي منظمة تشن حملات ضد تهريب الآثار والتراث الثقافي.

وتابع ديفيس في تصريحات لموقع “آي آر تي نيوز”، أن تنفيذ عملية الضبط تم من قبل وحدة تهريب الآثار في نيويورك والتي تعمل مع مسؤولين من الحكومات الأجنبية للحصول على مذكرات لتنفيذ عمليات الضبط.

لكن ضبط هذه القطع ليس العملية الأولى وكذلك لن تكون الأخيرة. إذ تزايدت الدعوات لمطالبة المتاحف بإعادة الآثار ذات وثائق المنشأ غير الواضحة أو تم تصديرها بشكل غير قانوني. إلى وطنها الأصلي. ضمن خطة تبنتها العديد من متاحف العالم لإعادة الآثار المسروقة.

ملاحقة الآثار المصرية واليونانية بمتحف متروبوليتان. خطوة ضمن إجراءات متبعة كانت بدايتها التحقق من الآثار الآسيوية ومن بينها قطعًا أثرية كمبودية. يُعتقد أن تاجر القطع الفنية الراحل دوجلاس لاتشفورد متورطا في بيعها.

وقال كينيث واين المتحث باسم متحف متروبوليتان في بيان: “المتحف مسؤول عن البحث في سجلات ملكية القطع الأثرية والتحقق منها. ويهدف تحقيق المدعي العام إلى إعادة هذه القطع إلى بلادها”. موضحا أن المتحف رائدا في تتبع الآثار، وبالفعل أعاد العديد من القطع المشتبه فيها.

أصول مشكوك فيها

لكن في الوقت نفسه رفض متحف “متروبوليتان” التعليق على كواليس الضبط وتتبع الآثار، فيما قال خبراء الآثار إنها خطوة عالمية لإعادة توطين الآثار وإعادتها إلى بلاها التي تطالب بملكية آثار أجدادها التي سُرقت أو خرجت من البلد بشكل غير قانوني.

“لكن لماذا اتخذ أشهر متحف في أمريكا هذه الخطوة؟”. يفسر واين الوضع قائلا إن الوضع مختلف في ميتروبوليتان الذي يعتمد بشكل أساسي إما على التبرعات أو المال العام من نيويورك.

وكشف أن الدعوات المتزايدة شكلت ضغطا على المتحف قبل فترة. وفي سبتمبر 2021 صادرت السلطات 3 قطع من المتحف كانت مملوكة لـ”مايكل شتاينهاردت”. وطالبه مكتب المدعى العام في مانهاتن بمصادرة آثار منهوبة تقدر بأكثر من 70 مليون دولار كان قد أقرضها للعرض في متحف “متروبوليتان”.

تهريب آثار مصرية

بهذا أصبح تاريخ المتحف الأمريكي الشهير ملطخا بآثار أزمات سابقة. في عام 2019 تورط في فضيحة أثرية أخرى حين صادرت السلطات تابوتا ذهبيا ضخما تم شراءه من تاجر يقدم سجلات منشأ مزورة.

وخلص تحقيق أجرته سلطات الولاية في نيويورك إلى أن الآثار كانت مسروقة من مصر وخلصت التحقيقات إلى أن متروبوليتان كان ضحية لمنظمة إجرامية دولية، وتمت إعادته إلى مصر لاحقا.

وأوضح المتحف حينها أنه اتخذ إجراءات أكثر صرامة للتحقق من صحة الوثائق. وأصدر إرشادات داخلية إضافية للبحث عن مصدر كل قطع وتتبع مسارها والتحقق من وثائقها.

وصف البعض هذه الأزمة حينها أنها ربما تكون خطأ عابر. لكن في يونيو الماضي، صادرت السلطات خمسة أعمال أثرية إضافية من المجموعة المصرية بالمتحف. في أعقاب فضيحة تهريب دولية للقطع الأثرية، والتي شهدت اعتقال المدير السابق لمتحف اللوفر في فرنسا بتهمة التآمر.

مذكرة ضبط

وفي فبراير، حصل المدعي العام في مانهاتن على مذكرتي ضبط لمصادرة قطعتين يُزعم أنهما مسروقتان في صالات عرض مختلفة في المتحف. وهما تمثال ليبي لامرأة محجبة، وتمثال مصري برونزي يجسد شخص راكع ويعتقد الخبراء أنها تصور إما حاكمًا أو كاهنًا.

أما المحققون المسؤولون عن عمليات الضبط هم جزء من وحدة تهريب الآثار التي يقودها “ماثيو بوجدانوس”، مساعد المدعي العام في مانهاتن، الذي يرجع تاريخ عمله في مطاردة سارقي الآثار إلى المتاحف العراقية.

ويقول بوجدانوس: “مصادرة يوليو تضمنت تماثيل تم بيعها عبر شبكات مشبوهة لاثنين من تجار الآثار البارزين – جياكومو ميديسي وجيانفرانكو بيتشينا – وتاجر ثالث اسمه باسكوال كاميرا، الذي وفقًا لملفات المحكمة في نيويورك. كان معروفًا بتورطه في الاتجار المشبوه بالآثار الإيطالية قبل وفاته في عام 1995”.

اقرأ أيضا

22 عاما في مخزن متحف.. ألمانيا تطارد 7 تجار آثار مصرية مسروقة

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر