«أرشيف بيكيا»: «زكي محمد خطاب» الأزهري قائد الشمامسة

تطالعنا جريدة الأهرام بصورة رائعة لشيخ أزهري يقود الترتيل وسط شمامسة كنيسة. إنه الشيخ زكي محمد خطاب، خريج كلية أصول الدين جامعة الأزهر عاشق الموسيقى ودارسها. حيث التحق الشيخ خطاب بالمعهد العالي للموسيقى العربية وحصل على شهادته، كعادة عدد كبير من الشيوخ ذوات الأصوات الساحرة آنذاك.

وعلى ما يبدو أن شغف خطاب بالموسيقى جعله يبحث عن الأصوات المُميزة ليوسع دائرة معرفته الموسيقية. فعلم عن مرتِل مسيحي موجود بكنيسة مارمرقس بالجيزة، وهي كنيسة بناها سلامة بك عجمي باشكاتب مديرية الجيزة قبل عام 1883م، فذهب إليه ليسمعه ويتعلم من موسيقى الكنيسة القبطية.

***

كان الشيخ خطاب ذكيًا وعالمًا بالقدر الكافي الذي يجعله يعرف قدر الموسيقى القبطية والتي تعد أحد روافد التراث المصري الموسيقي بامتياز. حيث تلتقي الموسيقى المصرية القديمة مع الموسيقى الشرقية مع بعض التأثيرات الموسيقية العربية الحديثة ليظهر في النهاية منتج مصري فريد حاوي للبراعة الموسيقية المصرية.

الخبر في الأهرام
الخبر في الأهرام

نجد مثلًا ألحان يوم الجمعة العظيمة مستمدة من الألحان المصرية الجنائزية القديمة والمدائح التي تقال في ختام كل قداس، والتي جرى تأليفها ما بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر والتي تستمد ألحانها من الموسيقى العربية المعاصرة الشعبية. من أجل هذا لم يتردد خطاب لحظة واحدة ليذهب ويصادق ذلك المرتل القبطي. وأحب المرتل أن يكرم صديقه الأزهري فعرفه على كاهن الكنيسة. والذي ما انفك أن علم بقصد خطاب حتى سر به ودعاه لمشاركة الشمامسة والمرتلين في الخورس.

***

تذكر جريدة الأهرام أنه لم يكن ذلك سهلًا على “خطاب”. إذ قام بطلب فتوى من صديق له ليرتاح ضميره فأفتى له بذلك ما دام القصد هو تعلم الموسيقى وإتقانها. وبالفعل انضم الشيخ المعمم الأزهري لخورس شمامسة الكنيسة المرقسية بسوق الأحد في الجيزة. وصار يشاركهم الترتيل ويقودهم بمساعدة صديقه المُرتل. كما تصف الجريدة أيضًا أن “خطاب” تعهد الموسيقى الكنسية بالتجديد.

لكن خطاب لم يكن فقط مجددًا للموسيقى المصرية المسيحية. بل إنه أول قائد لأوركسترا جامعة الأزهر. والتي -بحسب جريدة الأخبار- في 1970م تعتبر أول أوركسترا في الأزهر. حيث يقدم المقطوعات الموسيقية العالمية والمصرية، ويعزف بالتوزيع الحديث والهارموني، وليس بطريقة الخط الواحد التقليدية الميلودي. وقد وثق أيضًا ذلك المشروع التاريخي محمد نجيب أبو الليل.

ويذكر وسيم عفيفي في مقاله عن تلك الاوركسترا: “قامت جامعة الأزهر باختيار 16 طالبًا من كليات اللغة العربية وأصول الدين والشريعة والزراعة ليكونوا أول غرس في أرض الأزهر لشكل الموسيقى”.

وببعض البحث عن شخصية ذلك الموسيقار الأزهري الفذ نجد أنه كان معينًا بدار الأوبرا المصرية وشاعرًا وخطيبًا. ولكننا ندهش من قلة المعلومات والمصادر المتوفرة عن تلك الشخصية المصرية المجددة والنابغة.

المراجع:
  • جريدة الأهرام.
  • جريدة الأخبار.
  • كتاب ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول القديس والشهيد للبابا شنودة الثالث.
  • كتاب الصحافة والثقافة في مصر خلال عام 1970 لـ محمود نجيب أبوالليل.
  • مقال “قصة فرقة موسيقية من علماء وطلاب الأزهر” لـ وسيم عفيفي على موقع الميزان نشر في 21 يونيو 2020.
اقرأ أيضا:

«أرشيف بيكيا»: «مازوفشا».. فرقة شعبية بولندية لإحياء ليالي رمضان في «دمنهور»

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر