تزامنا مع افتتاح متحفه.. أشهر شخصيات نجيب محفوظ السينمائية
يعتبر الأديب العالمي “نجيب محفوظ” أكثر من عبر في رواياته عن الحارة المصرية والشخصية الشعبية بجميع مستوياتها وأعمارها من الجنسين، من النصف الأول للقرن العشرين حتى نهايته، وما عقب ذلك من تغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية.
وكان لأبطال روايات محفوظ التي تحولت إلى أعمال سينمائية أثرها في أذهان المصريين، فكان لكل شخصية دلالة وأبعاد في الحبكة الدرامية، فمنها الشخصية التي عبرت عن التسلط، ومنها ما عبرت عن شدة القهر، ومنها ما عبرت عن الفقر وأخرى عن مشاكل وصراعات نفسية للبطل.
وأشهر نجوم القرن الماضي الذين كان للشخصيات التي لعبوها من روايات الأديب العالمي علامة فارقة في حياتهم الفنية، الفنان يحى شاهين في الثلاثية، والفنان نور الشريف والفنانة سعاد حسني في فيلم الكرنك، الفنانة شادية في ميرامار وزقاق المدق، والفنانة ماجدة ونور الشريف في السراب، والفنان محمد مرسي في السمان والخريف، والفنان عمر الشريف والفنانة سناء جميل في بداية ونهاية، الفنان فريد شوقي في جعلوني مجرما…
أعمال نجيب محفوظ
ذُكر أنه تم تحويل حوالي 29 رواية له إلى أعمال سينمائية، أشهرهم الثلاثية “قصر الشوق”، و”السسكرية”، و”بين القصرين”، ورواية “بداية ونهاية”، و”الكرنك”، و”اللص والكلاب”، و”السمان والخريف”، و”الكرنك”، “ميرامار”، “السراب”، “الحب فوق هضبة الهرم”، القاهرة 30، “زقاق المدق”، و”أميرة حبي أنا”،و”الجوع”.
ومن رواياته التي تحولت إلى أعمال درامية حوالي 8 أعمال هي: “اللص والكلاب”، “الباقي من الزمن ساعة”، “بين القصرين”، “قصر الشوق”، “حضرة المُحترم”، “الأقدار”، “حديث الصباح والمساء”، وحديثا “أفراح القبة” المسلسل الذي عرض في رمضان 2016.
وفي السطور التالية سنستعرض بعض الشخصيات التي عبرت عنها شاشات السينما والدراما من روايات نجيب محفوظ، والتي حفرت في أذهان الكثير من المصريين واستخدمت أحيانا في ضرب الأمثال على سلوك أو معنى معين عبرت عنه الشخصية الدرامية والسينمائية.
أمينة وسي السيد
تعتبر شخصية أمينة والسيد أحمد عبد الجواد “سي سيد” في ثلاثية محفوظ من الشخصيات التي أثرت في أذهان المصريين ويستخدمونها في أمثالهم حتى اليوم تعبيرا لتسلط الرجل على المرأة بتعبير “ده عامل زي سيد سيد وفاكرني أمينة”، و”بين القصرين” أخرجه حسن الإمام عام 1964م.
وبرع الفنان يحى شاهين في تقديم شخصية “سي السيد” في السينما الرجل المتسلط في منزله وخارج المنزل يتصرف بشكل آخر ويذهب إلى الراقصات التي أبدعت فيه الفنانة “نادية لطفي”، كما برعت الفنانة آمال زايد في شخصية “أمينة” السيدة التي تطيع زوجها دائما وتخاف منه ويظهر ذلك واضحا في الكلمة في حوار أمينة مع سي السيد الشهير:
سي السيد: مال رجلك يا أمينة، انطقي
أمينة: أصل الحكاية ياسي السيد السوارس صدمتني.. أصل سيدنا الحسين دعاني قمت لبيت
سي السيد: يعني خرجتي يا أمينة.. لما تخفي يا أمينة وعلى أمك
أمينة: حلفتك بالحسين يا سي السيد ديه أول مرة
كما قدم الفنان محمد مرسي شخصية سي سيد في الثلاثية في الدراما
نفيسة و حسنين
تدور أحداث رواية “بداية ونهاية” للأديب العالمي في إطار اجتماعي، وتتناول حياة أسرة مصرية فقيرة، يحاول أولادها تحقيق طموحاتهم رغم ظروفهم الاجتماعية القاسية وبعد موت الأب تنقلب حياتهم رأس على العقب.
ويبحث كل من الأبناء وأختهم الوحيدة على عمل لتعمل “خياطة”، والابن الأصغر تكون طموحاته عالية لرغبته أن يكون ضابط وعندما يصل إلى ماتمناه يهمل عائلته ويشعر بالخزي من ارتباطه بهم، وتقع نفسية شقيقته في حب البقال الذي يخدعها وتصبح بعد ذلك عاهرة، لينتهي الفيلم بضغط حسنين عليها بالانتحار بعد علمه بما وصلت إليه ولخوفه على شكله وعمله ثم ينتحر خلفها في النيل.
وهنا نجد عبقرية “محفوظ” في رسم تفاصيل الشخصيات بدقة خاصة شخصية “نفيسة” التي لعبت دورها في السينما الفنانة سناء جميل، و”حسنين” الابن الصغر الذي لعب دوره الفنان عمر الشريف، كما لعبت دور الأم الفنانة أمينة رزق وأحد الأخوة الفنان فريد شوقي، وهنا نجد فكرة الفقر وصراع السلطة والمال، الفيلم إنتاج عام 1960م، وإخراج صلاح أبوسيف.
سعيد مهران ورؤوف علوان ونور
في رواية “اللص والكلاب” نجد أن البطل محور الرواية هو سعيد مهران التي جسدها في السينما عام 1962م الفنان شكري سرحان، وشخصية الصحفي رؤوف علوان التي جسدها الفنان كمال الشناوي، وشخصية نور الساقطة التي جسدتها الفنانة شادية الفيلم، إخراج كمال الشيخ.
وتدور أحداث القصة حول البطل الرئيسي للرواية سعيد مهران الذي يدخل السجن بفعل وشاية يقوم بها رجل اسمه عليش الذي بدوره يقوم بالزواج من زوجة سعيد بعد تطليقها منه.
ويخرج سعيد مهران من السجن فيجد العالم قد تغير والقناعات قد تبدلت، ويفاجأ أيضا بتنكر ابنته الصغيرة له لأنها لا تعرفه، ثم يلجأ إلى صديقه الصحفي القديم رؤوف علوان الذي بدل جميع شعاراته فلم يظفر بغير النفور، ليبدأ بعدها رحلة الانتقام ويصبح سفاح تطارده الشرطة وتقف بجانبه نور”بائعة الهوى”.
حميدة وعباس الحلو وفرج
هذه الشخصيات تضافرت جميعها في حبكة درامية رائعة في رواية “زقاق المدق”، والتي أنتجت بعد ذلك للسينما عام 1963م، الفيلم بطولة شادية في دور “حميدة”، وصلاح قابيل في دور “عباس الحلو”، ويوسف شعبان في دور “فرج” القواد، الفيلم من إخراج حسن الإمام.
تدور الأحداث عن زقاق من أزقة منطقة الحسين يسكنه مجموعة من الأشخاص تربطهم علاقات الجيرة والقرابة، حميدة شادية الفتاة اليتيمة الطامحة لحياة أخرى أكثر تحررا ورفاهية، تتم خطبتها لحلاق الزقاق عباس الحلو صلاح قابيل الذي يقرر السفر إلى معسكر الإنجليز ليحصل على مال أكثر يكفى به احتياجات حبيبته حميدة.
بعد سفره يقوم قواد محترف فرج يوسف شعبان بإغواء حميدة، وبعد تورطها تنغمس في حياتها الجديدة وتنسى عباس وأهل الزقاق، وعندما يعود عباس يعلم ماوصلت إليه حميدة ويريد الانتقام من فرج لكن تصاب حميدة برصاصة طائش.
هذه الشخصيات التي تم سردها على سبيل المثال وليس الحصر، فأعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ وشخصياته التي أثرى بها العالم الأدبي والسينمائي والدرامي تحتاج إلى مجلدات وليست سطور.
خالد صفوان وزينب وإسماعيل وحلمي حمادة
هؤلاء الشخصيات هم أبطال رواية نجيب محفوظ “الكرنك” والتي تصنف من الأدب السياسي حيث رصدت فترة مراكز القوى في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتتناول الرواية قصة مجموعة من الشباب الجامعي الذي يتم إعتقاله دون جريمة بسبب التقائهم في مقهى “الكرنك” الذي عرف عنه تجمع بعض المفكرين فيه وتعرضهم أحيانا لنقد الثورة.
وفي المعتقل يتم تعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، ويتم إجبار البعض منهم على العمل كجواسيس لصالح النظام، وينتهي الفيلم بقيام ثورة التصحيح في بداية عهد الرئيس أنور السادات وصدور قرار بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والقبض على “خالد صفوان” الذي كان يمثل القهر والتعذيب في السجون في الرواية.
وتم إنتاج فيلم عن رواية “الكرنك” لعبت فيها ببراعة سندريلا الشاشة دور زينب الفتاة الجامعية المقبلة على الحياة التي تتعرض بعد ذلك للقهر والتعذيب والإغتصاب هي وحبيبها وزميلها في الجامعة إسماعيل إذ يتعرض للنفس التعذيب وزملائها من بينهم حلمي حمادة الشاب الثوري والذي يلعب دوره الفنان محمد صبحي وذلك على يد “خالد صفوان” رجل الأمن المستبد الذي لعب دوره الفنان كمال الشناوي.
وقد جسد كل أبطال الفيلم أدوارهم بإتقان وإقناع للتعبير عن الشخصيات التي رسمها محفوظ في روايته وعلقت كثير من مشاهد الفيلم في الأذهان، الفيلم إخراج علي بدرخان، وإنتاج 1975م.
جائزة نوبل ومحفوظ
يذكر أن نجيب محفوظ ولد في 11 ديسمبر عام 1911 في حي الجمالية بالقاهرة، وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب وترجمة الكثير من أعماله إلى لغات متعددة، كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004، وتدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها سمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم.
وعن جائزة نوبل ذكرت أم كلثوم، ابنة الأديب الراحل، في أحد اللقاءات التلفزيونية أن نجيب محفوظ حصل على جائزة نوبل عام 1988م عن مجمل أعماله الأدبية وليس الثلاثية فقط، وأشارت إلى هواية لا يعرفها الكثيرين عن والدها وهي أنه يعزف على آلة القانون باحتراف.
اقرأ أيضا
- “السكرية” في ثلاثية نجيب محفوظ
- صور| “في قلب العاشق مرض استعصى على الطب سره”.. هنا قصر الشوق
- صور| “بين القصرين”.. هنا نشأة سي السيد والست أمينة
- عرض لكتاب “مقالات نجيب محفوظ الفلسفية
- صور| افتتاح متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ
14 تعليقات