تصفح أكبر دليل للفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

بلا فعاليات أو ندوات.. كيف أضاع معرض الإسكندرية العاشر للكتاب فرصته؟

لم أعلم بوجود معرض للكتاب في كلية سان مارك بالإسكندرية إلا بعد رؤيتي البيان الرسمي الصادر عن وزارة الثقافة، وذلك قبل يوم واحد من افتتاح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، برفقة محافظ الإسكندرية، لمعرض الإسكندرية للكتاب في نسخته العاشرة، ضمن فعاليات الاحتفال بالعيد القومي لمدينة الإسكندرية، والذي استمر خلال الفترة من 28 يوليو إلى 6 أغسطس الجاري، دون أي إعلان مسبق عن إقامة المعرض، ودون الإعلان أيضًا عن برنامج ثقافي مصاحب له، كما جرت العادة.

وقد جاء هذا المعرض بعد أيام قليلة فقط من انتهاء معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في نسخته الـ20، الذي أقيم في الفترة من 7 إلى 21 يوليو الماضي، بمشاركة نحو 79 دار نشر مصرية وعربية، وتجاوزت فعاليات برنامجه الثقافي المصاحب 215 فعالية، استضافت حوالي 800 متحدث ومحاضر، احتضنتهم عدة مقرات بالإضافة إلى المقر الرئيسي للمكتبة، منها بيت السناري بحي السيدة زينب، وقصر خديجة بحلوان، ليقدم وجبة ثقافية دسمة لجمهور الإسكندرية.

معرض الإسكندرية العاشر للكتاب

ذهبتُ لزيارة المعرض وتفقده، والذي يُقام لأول مرة في كلية سان مارك، القريبة جغرافيا من مكتبة الإسكندرية. وعند دخولي من البوابة الرئيسية المطلة على شارع بورسعيد، كان يسبقني أب وابنه الصغير، متجهين إلى المعرض أيضا -كما سألوا الحارس-. إلا أن الحارس اعترض طريقهم ووجههم لمكان آخر لم أسمعه جيدا. فسألتُه إن كان المعرض يقام هنا، فأكد المعلومة. لكنه أوضح أن الدخول من الباب الخلفي، وغير متاح استخدام الباب الرئيسي.

وبالفعل اتجهت كما أشار لي الحارس إلى الباب الخلفي جهة الترام. وهذه البوابة ليس من الشائع استخدامها ولا يعرفها الكثيرون. ولأنني ذهبتُ بعد غروب الشمس هربًا من الأجواء الحارة، كان الشارع المطل على الترام يسوده الظلام والهدوء. بخلاف شارع بورسعيد الذي يعج بالمحال التجارية والأضواء. فلم يكن هناك أي ملامح لمعرض الكتاب حتى دخلت من البوابة ورأيته. وهذا ما اشتكى منه كثير من أصحاب دور النشر المشاركين، قائلين: “فاتحين لنا باب الجراج اللي محدش عارفه”.

وتوجهت للدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، لسؤاله عن أسباب غياب الفعاليات والندوات المصاحبة للمعرض. وعن اختيار مكان إقامته، لكنه رفض التعليق أو التوضيح.

بينما أكد لي بعض الموظفين التابعين للهيئة العامة ولوزارة الثقافة -رفضوا ذكر أسمائهم- خلال زيارتي للمعرض، كونه فاشلا. مبررين ذلك بأنه كان لا بد من وقت للتنظيم الجيد بدلاً من الاستعجال، وإخطارنا قبلها بأيام قليلة بعد صدور قرار سريع بأنه لا بد من التواجد الفوري في الإسكندرية.

وأضافوا أن هذا التسرع أدى إلى غياب التخطيط لبرنامج ثقافي يضم عدد من الفعاليات الثقافية وحفلات التوقيع للكُتاب. في حين أنهم يعرفون بشكل مسبق موعد معرض الكتاب في رأس البر، وهو المعرض التالي لمعرض الإسكندرية. كما أن المكان غير مجهز لإقامة الفعاليات، وهو ما أكده رئيس الهيئة العامة للكتاب خلال تصريحات إعلامية في الافتتاح.

البوابة الرئيسية للمعرض المطلة على شارع بورسعيد
البوابة الرئيسية للمعرض المطلة على شارع بورسعيد
توقيت إقامة معرض الإسكندرية للكتاب

يقول الكاتب والمترجم عبد الرحيم يوسف إن توقيت إقامة المعرض هذا العام يثير التساؤلات. ففي السنوات الماضية كانت الهيئة العامة للكتاب تنظم المعرض بعد انتهاء معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب بشهور. مشيرا إلى أن هناك سنوات شهدت تنسيقا بين الجهتين لإقامة معرض واحد في ذات التوقيت. ثم انفردت المكتبة بإقامة معرضها، وتوقفت الهيئة العامة عن تنظيم معرض للكتاب لسنوات.

وأضاف أن معرض مكتبة الإسكندرية هذا العام شهد إقبالا كبيرا. ما أدى إلى حالة من التشبع لدى جمهور القراء في الإسكندرية. فكان فمن الطبيعي أن يكون الإقبال على معرض الهيئة ضعيفا. خاصة أن المعرضين متعاقبان وفي نفس المنطقة الجغرافية. ويرى أنه كان من الأفضل وضع فارق زمني بينهما، وأن معرض كتاب صيفي خلال إجازة الطلاب فكرة جيدة. لكن معرض مكتبة الإسكندرية كان كافيا جدا هذا العام.

وأشار عبدالرحيم يوسف إلى أن الهيئة العامة للكتاب أعلنت أن معرض الكتاب سيواكب احتفالات الإسكندرية بعيدها القومي في 26 يوليو. إلا أن الافتتاح تأخر يومين، ليقام في 28 يوليو.

عدم وجود برنامج ثقافي يثير الجدل

يرى الكاتب ميسرة صلاح الدين أن الاختلاف الجذري بين معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب ومعرض الهيئة المصرية العامة للكتاب يعود إلى الفترة التنظيمية التي سبقت الإعداد لإقامة المعرض. فمعرض مكتبة الإسكندرية ميعاده ثابت ومستقر ومستمر ومكانه معروف. ويصحبه نشاط فني وثقافي كبير وممتد إلى المقرات الثقافية التابعة للمكتبة خارج الإسكندرية.

وأشار ميسرة إلى وجود عدد كبير من الشباب المتطوعين في معرض مكتبة الإسكندرية كان عنصر جذب مهم. إذ ساعدوا الزوار وأرشدوهم إلى الفعاليات، فضلا عن المشاركة الكبيرة لدور النشر والإقبال الواسع من الجمهور. ما ساهم في انتعاش حركة بيع الكتب.

أما معرض الكتاب في كلية سان مارك هذا العام، فيُعد عودة محمودة لمعرض الهيئة العامة بعد انقطاعه لسنوات. خاصًة بعد غلق المنفذ الرئيسي لبيع كتب الهيئة العامة للكتاب بمنطقة محطة الرمل دون بديل. لكن غياب النشاط الثقافي المصاحب أضعف المعرض وقلل من جماهيريته. متمنيا أن يكون أقوى في السنوات المقبلة.

من جانبه، رأى عبد الرحيم يوسف أن عدم وجود نشاط ثقافي في معرض سان مارك ربما يكون أفضل، لأن النشاط الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية كان زخما وقويا. وبالتالي أي برنامج ثقافي سيُنظم بعده في هذا الوقت القصير سيقع في فخ تكرار الأسماء أو الموضوعات.

إقبال جماهيري ضعيف على المعرض
إقبال جماهيري ضعيف على المعرض
معاناة دور النشر المشاركة في المعرض

صرح أحد ممثلي دور النشر التي شاركت في كل من معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب ومعرض الهيئة العامة للكتاب في سان مارك، بأن المعرض الأخير أقيم بعد انتهاء معرض المكتبة بأيام قليلة. مما أدى إلى حالة تشبع في الوسط الثقافي.

وأضاف أن معرض المكتبة كان أكثر تنظيماً وأكثر دعاية. حيث كانت إعلاناته في كل مكان بالإسكندرية. بينما لم يعرف أحد بوجود معرض الهيئة العامة، لغياب أي دعاية تذكر. معتبرا أن معرض مكتبة الإسكندرية أنجح بكثير.

وأشار إلى أن المشاركة في معرض الهيئة العامة كانت مهمة، خاصة بعد توقفه لسنوات. مذكرا بأنه خلال مشاركات سابقة كانت تقام فعاليات المعرض على أرض كوته المقابلة لمكتبة الإسكندرية. والتي لم تعد متاحة لإقامة المعرض بسبب المشروعات الجارية في الموقع.

وعن قرار الهيئة بتغيير مواعيد المعرض، قال: “في الأيام الأولى كانت المواعيد تبدأ من الخامسة مساءً حتى الواحدة صباحا. وبناء على طلب المشاركين تم تعديلها من 12م إلى 12ص. وأجد أنه لا فارق بين الموعدين فالإقبال ضعيف في كل الأحوال”.

أما عن اختيار كلية سان مارك لإقامة المعرض، فأكد أن المكان جيد. لكن كان من الضروري التخطيط المسبق الجيد، واختيار موعد مناسب بعد انتهاء معرض مكتبة الإسكندرية بفترة زمنية لا تقل عن شهرين. فضلا عن التسويق الجيد للمعرض. كما أن فتح الباب الرئيسي لكلية سان مارك بدلا من الباب الخلفي فقط كان سيجذب الجمهور أكثر.

الجمهور لم يقبل على المعرض إلا في يومه الرابع

قال أحمد إبراهيم، مسؤول دار تفاصيل للنشر، المشارك لأول مرة في معرض كتاب الهيئة العامة للكتاب بالإسكندرية – والذي لم يشارك في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي – إن مشاركته أسعدته. خاصة وأن دار النشر حديثة العهد نشأت في عام 2023. لكن أشار إلى أن بعض التفاصيل التي كانت ستجعل هذا المعرض أفضل وأكثر نجاحا، منها فتح الباب الرئيسي لكلية سان مارك المطل على شارع بورسعيد.

وأضاف أن الإقبال الجماهيري كان ضعيفا جدا في أيامه الأولى. وبدأ الجمهور يأتي للمعرض ابتدءا من اليوم الرابع. فضلاً عن توقيت المعرض بعد انتهاء معرض المكتبة مباشرة له تأثير في حركة بيع الكتب. خاصة وأن الجمهور لم يعلم بإقامة هذا المعرض من فترة سابقة لإقامته.

كما أشار إلى أن معارض الكتاب في محافظات الفيوم والسويس شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، مؤكدا أن المشكلة ليست في تنظيم الهيئة، ولكن في التخطيط لإقامة المعرض. وعن تعديل مواعيد العمل بالمعرض، قال إنه قرار صائب جدا، إذ لم يكن هناك جمهور يذكر في الفترة من الحادية عشرة مساء حتى الواحدة صباحا. بينما كانت المواعيد الجديدة من الثانية عشرة ظهرا حتى الثانية عشرة منتصف الليل أكثر ملاءمة.

اقرأ أيضا:

هل تعود الحياة إلى صهريج «ابن النبيه» الأثري بالإسكندرية؟

مبنى السلطان حسين بالإسكندرية.. من مقر تاجر قطن إلى مركز للعرض الفني والمتحفي

«في حضرة المقام».. مشروع بحثي لتوثيق ذاكرة منطقة بحيرة مريوط

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.